تستضيف العاصمة القطرية (الدوحة) غدا الثلاثاء الدورة ال(44) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تشكل أهمية خاصة نظرا لتوقيتها والملفات المطروحة على جدول الأعمال والتطورات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
فالقمة تأتي في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة في ظل عدوان الكيان الإسرائيلي المحتل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي الذي أسفر حتى الآن عن استشهاد 15523 شخصا معظمهم من الأطفال والنساء وإصابة 41316 آخرين وفقدان الآلاف وذلك بحسب أحدث الاحصاءات التي أعلنتها السطات الصحية في القطاع.
ولا ينفصل ذلك عن الجهود الحثيثة التي تبذلها قطر وأطراف إقليمية ودولية أخرى لاسيما مصر والولايات المتحدة والتي تكللت بالهدنة الإنسانية المؤقتة وتبادل الأسرى من النساء والأطفال بين الاحتلال وحركة (حماس).
وفي الوقت ذاته تكثف الدول الخليجية جهودها لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية ودعم السلام ونشر الاستقرار كما تبذل جهودا مشتركة لإغاثة غزة ودعم جهود وقف دائم لإطلاق النار والدفع بحل مستدام للقضية الفلسطينية عبر حل الدولتين.
وقمة (الدوحة 2023) تعد أول قمة خليجية خارج السعودية منذ خمس سنوات حيت استضافت المملكة آخر خمس قمم خليجية اعتيادية بشكل متتال بعد تعديل أصبح يسمح لدولة الرئاسة بأن تعقد القمة في دولة المقر.
وستكون هذه المرة السابعة التي تستضيف فيها قطر القمة الخليجية بعد أعوام 1983 و1990 و1996 و2002 و2007 و2014.
ومن المواضيع المهمة المرتقب أن تناقشها القمة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وضمان التوصل إلى تسوية عادلة تنتهي بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما يتوقع أن تكون هناك عدة ملفات على طاولة القمة الخليجية من بينها استكمال خطوات قيام الاتحاد الجمركي قبل نهاية العام 2024.
وكانت القمة الخليجية ال43 التي عقدت في العاصمة السعودية (الرياض) العام الماضي قررت تكليف لجنة التعاون المالي والاقتصادي بمتابعة استكمال خطوات قيام الاتحاد الجمركي قبل نهاية عام 2024.
ويعتبر الاتحاد الجمركي الخليجي أحد وسائل توحيد الأنظمة والإجراءات الجمركية في دول المجلس ومن أهم الأسس التي تعمل إدارات الجمارك بالدول الأعضاء على إنجازها منذ عدة سنوات.
وخلال اجتماع لجنة التعاون المالي والاقتصادي في مسقط في أكتوبر الماضي جرى اتخاذ عدة قوانين وقرارات تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة الخليجية وصولا إلى الوحدة الاقتصادية عام 2025.
وأوضح بيان اللجنة حينها أنه تم اتخاذ هذه الخطوات استجابة لتوجيهات قادة دول المجلس والتي تهدف إلى تعزيز البنية الاقتصادية في المنطقة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
ومن أبرز التوصيات التي جرى اتخاذها تمهيدا لرفعها إلى اجتماع القمة المقبل للمصادقة عليها اعتماد الجدول الزمني لاستكمال الاتحاد الجمركي قبل نهاية عام 2024 ووضع الخطة التنفيذية لذلك والموافقة على الخطوات المتبقية لاستكمال مسارات السوق الخليجية المشتركة وصولا إلى الوحدة الاقتصادية عام 2025.
ويقوم الاتحاد الجمركي والسوق المشتركة المنشودة لدول المجلس على عدة أسس أبرزها تعرفة جمركية موحدة تجاه العالم الخارجي ونظام قانون جمركي موحد وتوحيد النظم والإجراءات الجمركية والمالية والإدارية الداخلية المتعلقة بالاستيراد والتصدير وإعادة التصدير في دول المجلس.
كما تشمل أيضا انتقال السلع بين دول المجلس دون قيود جمركية أو غير جمركية ومعاملة السلع المنتجة في أي من دول المجلس معاملة المنتجات الوطنية.
ومن الملفات المهمة المنتظرة أيضا على طاولة القادة الخليجيين مشروع القطار الخليجي الذي أقرته القمة الخليجية عام 2003 عندما كلف قادة الدول الست لجنة وزراء النقل والمواصلات بإعداد دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع السكة الحديدية المشتركة باسم "قطار الخليج" وجرى إقرار العمل به في قمة عام 2009.
وسيشمل المشروع في مرحلته الأولى ربط الإمارات والسعودية وسلطنة عمان في حين ستشهد المرحلة الثانية ربط البحرين والسعودية والكويت.
وخلال اجتماع وزراء النقل والمواصلات بدول مجلس التعاون في مسقط في 16 نوفمبر الماضي جرى اعتماد البرنامج الزمني للمرحلة التأسيسية للهيئة الخليجية للسكك الحديدية بحدود العام 2030.
ومع الجهود المستمرة لدول المجلس في إنجاز هذه المهمة الكبيرة جدد أمين عام مجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي تأكيده أن الدول الست ماضية في جهودها لاستكمال مراحل إنجاز الربط بينها بالسكك الحديدية.
وأشار البديوي على هامش مشاركته في معرض ومؤتمر الشرق الأوسط للسكك الحديدية في أبوظبي (16 مايو 2023) إلى أن المشروع "يمثل نقلة نوعية في الترابط والتكامل الخليجي المشترك".
وأضاف أن قادة دول مجلس التعاون حريصون على دعم مسيرة العمل الخليجي المشترك لتعزيز التعاون وصولا للتكامل المنشود في المجالات كافة.
وذكر أن "دول المجلس اتخذت خطوات مدروسة تهدف لتنسيق وتوحيد سياساتها واستراتيجياتها لبلورة إطار عمل جماعي قابل للتطبيق يلبي طموحات وتطلعات أبناء دول المجلس".
وضمن متابعة الاستراتيجية الخليجية السياحية المشتركة (2023-2030) يتوقع أن يكون ملف التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة على جدول أعمال القمة وذلك لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية التي أقرت في القمة السابقة لقادة الخليج.
وتستهدف الاستراتيجية زيادة عدد الرحلات الوافدة إلى دول الخليج بمعدل سنوي يبلغ 7 في المئة في وقت وصل عدد زوار دول الخليج العام الماضي إلى 8ر38 مليون زائر بنسبة نمو بلغت 6ر136 في المئة مقارنة بعام 2021 فيما تستهدف الوصول إلى 7ر128 مليون زائر بحلول عام 2030.
إلى ذلك سبق أن تم اعتماد التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة خلال اجتماع وزراء السياحة الخليجيين السابع الذي عقد في أكتوبر الماضي بسلطنة عمان.
ومن المتوقع أن يدخل مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة الذي اعتمده أيضا وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون حيز التنفيذ مع بداية العام 2025.
كما يحظى التعاون العسكري المشترك باهتمام كبير لدى قادة دول مجلس التعاون منذ تأسيسه عام 1981 انطلاقا من قناعة راسخة بوحدة الهدف والمصير إضافة إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ المشترك.
وسبق أن أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن "القيادة العسكرية الموحدة مفخرة خليجية ونموذج يحتذى به وتعتبر من أبرز المكتسبات الهامة لمسيرة مجلس التعاون لمساهمتها الكبيرة في توحيد وتنسيق الجهود العسكرية لتأمين أمن واستقرار دول المجلس والدفاع عنها ضمن إطار اتفاقية (الدفاع المشترك) وذلك من خلال وجود قيادة عسكرية خليجية مشتركة وموحدة لدول المجلس".
وفي 22 نوفمبر الماضي عقد مجلس الدفاع المشترك الخليجي اجتماعا في مسقط ناقش خلاله سبل تعزيز التعاون والعمل العسكري بين دول المجلس الست كما خرج بمجموعة من القرارات والتوصيات سيتم رفعها لقادة دول المجلس في اجتماع القمة بالدوحة.
وكان وزراء دفاع الخليج قد افتتحوا في 22 نوفمبر 2021 مقر القيادة العسكرية الخليجية الموحدة في العاصمة السعودية (الرياض) والتي تحل محل (قيادة قوات درع الجزيرة) التي أصبحت جزءا من القيادة المستحدثة.
جاء ذلك استجابة لقرار المجلس الأعلى لقادة دول الخليج في قمة (العلا 2021) الذي نص على تغيير اسم (قيادة قوات درع الجزيرة) إلى (القيادة العسكرية الموحدة) مع إقرار تنظيمات أخرى تسهم في رفع مستوى التنسيق والتعاون الأمني والعسكري.
ومن المقرر أن يشارك أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية غدا الثلاثاء في أعمال القمة الخليجية ومناقشة أهم القضايا الإقليمية والدولية وكل ما من شأنه أن يعزز المسيرة التاريخية للعمل الخليجي المشترك.