بقلم المحامي ابراهيم السعيدي 
 
 
 
قبل عام 2020 كان اثبات المسئولية الطبيه من اشق القضايا التي يواجهها المحامي فمن المبادئ المستقر عليها فقها وقضاء وتواترت عليه احكام محكمة التمييز انه " المناط فى مسئولية الطبيب عن خطئه المهنى ان يثبت بصورة اكيدة واضحة انه قد خالف فى سلوكه عن جهل او تهاون اصول الفن الطبى الثابتة وقواعده العلمية الاساسية التى لا مجال فيها للجدل او الخلاف " ويفسر القضاء هذا المبدا ويبرره على انه" يتعين اقامة التوازن بين حاجة الاطباء الى الطمأنينه والثقه والحريه في مزاولة اعمالهم وبين حاجة المريض الى الحمايه " يراجع في ذلك الطعن )رقم 46 /2010 جلسة   20/11/2012( إلا أنه في مجال التطبيق العملي للقانون رقم 70 لسنة 2020 في الباب الخاص في جهاز المسئولية الطبية تحول الاستثناء إلى قاعدة والقاعدة استثناء مما أدى إلى إهدار الضمانات التي قدمها القانون للأطباء بما يمنحهم الثقة والحرية في مزاولة عملهم ونحاول أن نعرض بصورة مبسطة خطورة هذا المسلك في تطبيق نصوص القانون
نصت المادة (39 ) من القانون سالف الإيراد على أن يقوم رئيس الجهاز بتشكيل لجنة أو لجان لنظر الموضوعات المحالة إليهم من الجهات المشار إليها علي أن يكون أعضاؤها من ذوي الخبرة والاختصاص فيما يعهد إليهم وذلك علي النحو الآتي:
1- ثلاثة أطباء متخصصين أو لديهم الخبرة الطبية الكافية للبت في الموضوع المعروض علي الجهاز.
2- محام من إدارة الفتوي والتشريع لا يقل مستواه عن مستشار مساعد أو أستاذ في القانون من إحدي كليات الحقوق والقانون أو أي متخصص في مجال القانون ذي خبرة عملية أو مهنية لا تقل عن خمس عشرة سنة.
3- خبير طبي من إحدي كليات الطب متخصص أو لديه خبرة في مجال الموضوع المعروض علي الجهاز.
4- طبيب مختص في مجال الصحة المهنية.
5- طبيب شرعي .
ويخصص الجهاز لكل لجنة باحثاً قانونياً لمعاونتها في القيام بالإجراءات القانونية، وموظفاً إدارياً للقيام بأعمال السكرتارية.
ويجوز لرئيس الجهاز تغيير عدد أعضاء اللجنة بشرط أن لايقل عددها عن خمسة وأن يكون تشكيلها فردياً من بينهم الفئات المشار إليها في هذه المادة،
 
وبتتبع نص المادة المذكورة يتضح لنا أن الأصل هو عدد ( 3 ) أطباء متخصصين أو لديهم الخبرة الطبية الكافية للبت في الموضوع المعروض علي الجهاز
 
والإستثناء هو الطامة الكبرى حيث أجازت المادة لرئيس الجهاز تغيير عدد أعضاء اللجنة بشرط ألا يقل عددهم عن 5 من بينهم الفئات المشار إليها
وحيث أن العدد المتكرر هو عدد الأطباء المتخصصين فقط أما باقي الفئات لا يمكن تغيير عددهم لان عددهم عنصر واحد فقط (وهذا ما يتم فعليا بعد إطلاعنا على العديد من التقارير الطبية بمناسبة قضايا معروضة علينا )
ولما كانت القرارات تصدر بالأغلبية وفقا لنص القرة الأخيرة من المادة ( 44 ) من ذات القانون   فمن الطبيعي بإعمال هذا الإستثناء سيكون القرار الصادر من اللجنة قد (لا) يكون رأي الطبيب المختص من بينهم وهنا الكارثة الحقيقية
فلو إفترضنا أن اللجنة مشكلة من الفئات الخمسة المذكورة بالمادة سالفة الذكر وهي مشكلة من الأتي ( الطبيب المختص ، محامي الفتوى ، دكتور الجامعة ، الطب الشرعي ، الصحة المهنية ) وقد صدر القرار بالأغلبية بموافقة ( محامي الفتوى ، الطب الشرعي ، الصحة المهنية ) ورفض التقرير الطبيب المختص ودكتور الجامعه )
السؤال هل يعتبر التقرير صحيحا من عدمه ... أنه وفقا للمادة سالفة الذكر فإن القرار يعد صحيحا من الناحية القانونية حيث تم بالأغلبية المنصوص عليها
فهل يعقل أن يحاسب دكتور عن خطأ طبي برأي من هم ليس لهم شأن في تخصص الطبيب المشكو في حقه وهل يتوافق ذلك مع مااستقر عليه القضاء في أن المسئولية الطبية تقوم بمخالفة أصول الفن الطبي وقواعده العلمية الأساسية التي لا خلاف عليها ولا جدل
والمصيبة الأكبر أن الطبيب المشكو في حقه لا يعلم من وافق على هذا التقرير من عدمه هل وافق عليه الطبيب المختص كأحد أعضاء اللجنة أم رفضه وصدر القرار بأغلبية المذكورين الثلاثة دون المختصين
ونقول في الختام لأطباء جراحة القلب من الممكن أن يحكم على عملياتكم ويقرر أنكم قد إرتكبتم خطأ طبي من قبل محامي وطب شرعي وطبيب صحة مهنية