لطالما كانت المكتبات العامة في الكويت مقصد الباحثين عن المعلومات والمكان المفضل للطلبة للاستقاء من المراجع المتنوعة والدراسة في اجوائها الهادئة لكنها اخذت تفقد تلك المكانة يوما بعد اخر لأسباب عدة اهمها انتشار التكنولوجيا وقلة التجهيزات والمراجع وفقدان بيئة المطالعة فيها.
ولعل من اهم اسباب ابتعاد الناس عن المكتبات الثورة التكنولوجية وانتشار الحواسيب المحمولة والهواتف الذكية وعدم اهتمام المعنيين بها وقلة المراجع فيها وعدم تحديثها فضلا عن قدم مبانيها وعدم توافر الأجواء المريحة وقلة التسويق والترويج لها.
وحرصا من مجلس الوزراء على اعادة احياء الدور المنشود من المكتبات وتلافي اسباب الابتعاد عنها فقد قرر نقل صلاحيات وادارة قطاع المكتبات العامة في وزارة التربية بما فيه من موظفين ومبان واجهزة وكتب الى المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب.
وبدءا من اليوم الاول من ابريل سيطبق قرار مجلس الوزراء الذي جاء بعد خمسة قرارات اتخذت على مدى اكثر من 35 عاما في التنقل ما بين وزارة التربية والمجلس الوطني وهو ما جعل المجلس يسارع الزمن لوضع خططه والياته في كيفية تسويق المكتبات وفق المنظور التكنولوجي المأمول.
وعن ذلك القرار قال الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والفنون في المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب محمد العسعوسي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان القرار جاء بناء على طلب من وزارة التربية باعتبار ان المجلس الوطني هو الانسب لادارة شؤون المكتبات العامة.
وذكر العسعوسي ان عملية النقل جاءت لاقتناع المسؤولين بأن المجلس الوطني هو المسؤول عن الجانب الثقافي في الكويت وان قطاع المكتبات هو قطاع موجه لمختلف شرائح المجتمع وهو اقرب ما يكون للجانب الثقافي منه للجانب التربوي مضيفا انه سبق ان نقلت قطاعات من وزارات الى المجلس منها الفرق الشعبية الكويتية التي كانت تتبع وزارة الشؤون والمسارح الاهلية التي كانت تتبع وزارة الاعلام.
وكشف عن خطط لدى المجلس الوطني تم وضعها لتشجيع القراءة ترتكز على خلق حالة من التواصل ما بين مرتادي المكتبات العامة والمكتبة ذاتها باعتبارها اوعية المعلومات والكتب المختلفة.
واوضح ان المرحلة المقبلة ستكون مكثفة لتنشيط المكتبات وتهيئة الاجواء لجعلها مكانا محببا للاطلاع وتزويد مجموعتها العلمية بالكتب الحديثة او وسائل التقنية الحديثة مبينا ان المكتبة العامة لم تعد بمفهوم تكنولوجيا المعلومات مخزنا للكتب بل مركز اشعاع وتفاعل واثراء من خلال الاجهزة التكنلولوجية ووسائل التواصل الحديثة للاطلاع على اخر ما توصل اليه العلم في مختلف مناحي الحياة. ورأى العسعوسي ان الكتاب بشكله التقليدي لا يزال يحظى بقبول واهتمام كبيرين على مستوى دول العالم مدللا على ذلك بأن مبيعات معارض الكتب في تزايد مستمر وهناك اقبال كبير على شراء الكتاب بشكله التقليدي كونه مصدرا اساسيا للمعلومات.
وافاد بان من الخطط الموضوعة لتسويق المكتبات العامة هو السعي نحو تقديم اوعية المعلومات من خلال الشكل التقليدي المغلف بالتقنيات الحديثة المتوفرة فضلا عن صيانة وتطوير وتحديث المكتبات ومبانيها.
واوضح ان قيمة المكتبة تكمن بما تحتويه من مصادر المعلومات اكثر من شكلها الخارجي مضيفا ان المجلس الوطني سيستثمر المكتبات لتكون رافدا من روافد الثقافة لا سيما في ظل احتفال الكويت باختيارها عاصمة للثقافة الاسلامية. واكد ان جميع المكتبات ستحظى باهتمام المجلس الوطني و"نتطلع لان تحاكي المكتبات نظيراتها على مستوى دول العالم بأوعية المعرفة الموجودة فيها وبالموقع المريح الذي يسهل الوصول اليها والاستفادة منها بشكل كبير معربا عن تطلع المجلس لتكون المكتبات اضافة مهمة الى البنية التحتية للعمل الثقافي في الكويت.
من جانبه قال وكيل وزارة التربية المساعد لشؤون التنمية التربوية والانشطة فيصل مقصيد ل(كونا) ان قرار نقل تبعية المكتبات من الوزارة الى المجلس الوطني جاء بعد اجتماعات تنسيقية مطولة بين الجهتين لوضع وبرمجة اليات النقل.
ووصف ذلك القرار بالصائب والمناسب لانه يثري الثقافة ويخدم العملية التطويرية للمكتبات ويدفع نحو الارتقاء بها في ظل توفر تكنولوجيا المعلومات.
واضاف انه لم يكن لوزارة التربية يد في تراجع القراء ومرتادي المكتبات بل كانت تدفع دائما نحو توفير الوسائل والامكانات لتشجيعهم على ارتياد المكتبات والقراءة فيها.
من جهته قال مدير ادارة المكتبات العامة في وزارة التربية احمد الكندري ل(كونا) انه في حقبة السبعينات كانت المكتبات تتبع الوزارة ثم صدر قرار في بداية عام 1980 بتحويل المكتبات الى المجلس الوطني.
واضاف انه في نهاية الثمانينات صدر قرار بإعادة المكتبات العامة الى الوزارة الى ان صدر القرار الاخير بنقل تبعية المكتبات الى المجلس الوطني كونه الجهة الانسب والافضل لادارتها.
من جهتها قالت مسؤولة مكتبة الجابرية العامة رجاء حيدر ان المكتبة تحوي اكثر من 50 الف كتاب وتعد اكبر مكتبة في تاريخ الكويت من حيث القيمة المعلوماتية مضيفة انها خصصت جناحا للاطفال وبعض الالعاب الترفيهية للاستماع للقصص.
وذكرت ان المكتبة خصصت قاعات لعقد الندوات الثقافية والادبية واماكن مريحة لاستقبال طلبة كلية الطب لمراجعة دروسهم مضيفة انه رغم الاغراءات المقدمة لرواد المكتبة كتقديم المشروبات فان كل ذلك لم يكن مشجعا على استقطاب الرواد.
من جانبها قالت امينة مكتبة الفيحاء التي صار اسمها اخيرا (مكتبة سليمان الفهد) لطيفة المطوع ان من اسباب عزوف الرواد عن المكتبة صدور تعليمات بعدم مساعدة اي شخص او ارشاده الى مكان الكتاب الذي يبحث عنه وعدم السماح له بتصوير الاوراق فضلا عن عدم وجود ارشفة الكترونية للمراجع.
واضافت ان المكتبة لم تتسلم على مدار عام كامل اي كتاب جديد مشيرة الى ان عدد رواد المكتبة خلال العام لم يتجاوز 40 شخصا بمعدل ثلاثة اشخاص شهريا واغلبهم من فئة كبار السن الذين يطلبون كتبا تتناول العلوم الاجتماعية والنفسية.
بدورهم قال عدد من المواطنين والمقيمين ل(كونا) ان من اسباب عدم اكتراثهم بالتردد على المكتبات توفر الشبكة العنكبوتية وتكنولوجيا المعلومات التي وفرت اخر ما يصدر من دور النشر من كتب وتردي الخدمات في المكتبات وعدم مواكبة الاصدارات الحديثة وقدم المباني وقلة الاجهزة الحديثة فيها. ودعوا الجمعيات التعاونية وشركات القطاع الخاص الى القيام بدورهم المجتمعي والاعتناء بالمكتبات حتى تكون المتنفس الثقافي والادبي لسكان كل منطقة.
واعربوا عن الامل بان تتمكن الجهات الحكومية المعنية من اعادة البريق الى المكتبات العامة والمحافظة على تراثها العريق وتحديث ارشيفها وتعزيز اجهزتها وتطوير مبانيها ومراجعها بما يواكب التطورات التكنولوجية الحديثة.
يذكر ان اول مكتبة عامة غير رسمية انشئت في الكويت عام 1913 لايجاد مرجع ثقافي وعلمي لطلبة العلم فيما انشئت اول مكتبة اهلية عامة رسمية عام 1936 وتم تزويدها بنحو 289 كتابا والحقت فيما بعد بإدارة المعارف حاملة اسم (مكتبة المعارف العامة).
ومع نمو الكويت وتقدمها شهدت فترة الستينات والسبعينات اوج مراحل الاهتمام بالقراءة وانشاء المكتبات واهتمت الحكومة بالتعليم من خلال انشاء مكتبة في كل مدرسة تعليمية واقامة مكتبة عامة في كل محافظة.