أمام إناء معدني كبير وُضع على موقد يعمل بالحطب المشتعل في إحدى ضواحي الخرطوم، جلست وصال عبد الغني (43 عاماً) تعدّ المشروب الأشهر الذي يتناوله السودانيون في شهر رمضان.. إنه “الحلو مُرّ”.
وفي قرية أم عُشر جنوب العاصمة، تمسك هذه المرأة السودانية بلوح خشبي مسطّح صغير وتبسط عجينة الذرة التي يُصنع منها هذا المشروب المحلي، فوق سطح الإناء الساخن.
وتقول عبد الغني، وهي ترتدي ثوباً سودانياً تقليدياً برتقالي اللون: إنهم ورثوا مشروب “الحلو مر” من أمهاتهم وجداتهم. وتضيف أنه “مشروب أساسي تُعتبر المائدة فارغة من دونه”.
ورغم الحيرة التي يوحي بها اسمه، إلا أن السودانيين يعتبرون هذا المشروب المكافأة المنعشة التي يستحقونها بعد نهار طويل من الصيام.
واعتادت السودانيات في شهر رمضان، أن يجتمعن سويّة لتجهيز المشروب وتوزيعه في ما بينهن على أسرهن.
وتشير عبد الغني إلى أن النسوة في المدن لا يحضّرن بأنفسهنّ هذا المشروع، لكن “لا يزال يتعين عليهنّ تقديم الحلو مرّ على المائدة.. فيشترينه جاهزاً”.
وتوضح الشابة السودانية أن تحضير هذا المشروب يبدأ قبل شهر رمضان بأسابيع، إذ يتعين حصد الذرة النابتة وتجفيفها في الشمس، ثم طحنها قبل مزجها مع توابل معينة مثل الحلبة أو الكمون.
ثم يُنقع الخليط لأيام مع السكر والماء، قبل الانتقال إلى مرحلة التقليب على النار.
وبمجرد أن تبرد العجينة، تُغمر في الماء البارد وتُنقع مجددا حتى ينتج عنها مشروب أحمر اللون يشبه الشاي، لكنّه يُقدم بارداً، حتى يساعد في تخفيف حدّة المناخ الحار الجاف.
وتقول عبد الغني: يمكن أن نعلم بحلول رمضان هنا عند شم رائحة “الحلو مر” تفوح من المنازل.