متزيناً بأبهى حُلة، استقبل “المسجد الكبير” المُصمم على الطراز التركي، بالعاصمة السودانية الخرطوم، ضيوف شهر رمضان المعظم، لإقامة صلوات التراويح والتهجد، وتناول الإفطار والسحور. وفي 17 مارس الجاري، افتتح عضو مجلس السيادة الانتقالي الهادي إدريس، بحضور وزير الشؤون الدينية والأوقاف عبدالعاطي أحمد عباس، المرحلة الأولى من المسجد الكبير بعد إعادة تأهيله، استعدادا لدخول رمضان. ونظراً لموقعه في الخرطوم، يعد المسجد الكبير ملجأ مهماً للمتسوقين والعاملين بوسط المدينة لأداء الصلوات خلال رمضان، أو لتناول الفقراء ومن انقطعت بهم السبل الإفطار والسحور فيه. وتزداد حاجة البلاد للمبادرات الاجتماعية، بسبب ضغوط اقتصادية على المواطن، لا سيما بعد إجراءات اقتصادية صعبة للحكومات السابقة، من بينها رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتحرير سعر الصرف.
المركز العثماني
توسط المسجد الكبير للخرطوم، يؤكد أن المدينة التي اتخذت كعاصمة للبلاد لأكثر من نصف قرن في فترة الحكم العثماني، أنشئت على نسق المدن الإسلامية، التي يقع دائما المسجد في وسطها، ليكون مركز المدينة.
وطبقاً للمعلومات التاريخية، وضع حجر الأساس لمسجد الخرطوم في 17 سبتمبر 1900، وجرى افتتاحه عند زيارة الخديوي عباس باشا حلمي للسودان في 4 ديسمبر 1901. أما المنطقة التي شيد فيها المسجد، فهي جزء من مقابر الخرطوم القديمة، ويقع المسجد في الجزء الغربي منها، وما زالت الحفريات داخل المسجد تخرج عظام بشرية.
ويمكن إدراك أن الخرطوم مخططة كمدينة إسلامية، بسبب إنشاء المسجد الكبير، إذ أنه كان أعلى مبنى في المدينة عند إنشائه، وهو مبدأ أساس في العمارة الإسلامية، أن لا يعلو أي مبنى على المسجد. وخلال الفترة الأخيرة من حكم الدولة العثمانية (1820-1885)، تمتع الأتراك بنفوذ مهم في السودان، ونقلوا إليه العديد من عناصر الثقافة وأسلوب الحياة والعمارة التركية.
برامج رمضان
وعن برامج رمضان، قال المشرف الدعوي للمسجد الصادق أبو محمد أحمد: إن “معظمها يهتم بإعداد الإفطار، وإقامة الصلوات والتراويح والتهجد، إضافة إلى دروس الصيام”.
وأضاف أبو محمد، للأناضول، “في شهر رمضان من كل عام يقام إفطار جماعي بمسجد الخرطوم الكبير لمدة 30 يوما، وبعد تناول وجبة الإفطار، تبدأ صلاة المغرب والعشاء والتراويح”.
وتابع: “يأتي المسجد أناس خيرون يحبون الأجر والثواب في هذا الشهر الكريم والمبارك، ويرتاده أهل السوق وعابري السبيل للجلوس في المسجد من الصباح الباكر وانتظام في حلقات دروس التفسير وتحفيظ القرآن الكريم”.
ويعد مسجد الخرطوم الكبير، سباقاً في تقديم المبادرات الخيرية، خاصة في شهر رمضان، أسوة بالعديد من المبادرات الخيرية تحقيقاً لمبدأ التكافل والتعاون، وكسب الثواب في شهر الخير والبركة.
وتتضارب الإحصائيات الحكومية والدولية بشأن نسبة الفقر في السودان، فبينما تذكر تقارير حديثة للأمم المتحدة أن 46.5 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، تقول دراسة حكومية أجريت عام 2017 إن الفقر تراجع إلى 36.1 بالمئة.
استكمال الترميم
وعن أعمال ترميم المسجد، قال أبو محمد أحمد: “نحمد الله تعالى على افتتاح المرحلة الأولى من تأهيل وترميم المسجد الداخلي، التي استغرقت 10 أشهر بتجديد الطلاء وصيانة السقف والأرضيات”.
وأضاف أن “المسجد الكبير ترتاده أعداد كبيرة من المصلين، سواء من أهالي الخرطوم أو الولايات الأخرى، لما يقدمه من دروس منهجية متعددة في اليوم الواحد”.
وتابع أن المسجد يقيم أيضاً أكثر من 4 حلقات دروس في شتى العلوم، تشمل الفقه والسيرة النبوية واللغة العربية والميراث والعلوم الشرعية والمحاضرات الأسبوعية.
وأوضح المشرف الدعوي بالمسجد أن “المرحلة الثانية من أعمال الترميم، ستبدأ مباشرة في المصليات الخارجية، إذ أن المبنى من المساجد العريقة، وتجاوز عمره 122 سنة”.
وعندما بني المسجد للمرة الأولى خلال العهد العثماني، استخدم الحجر الرملي لأساساته وحوائطه، كما استخدم طوب أحمر وآخر أسود محروق كحل&<740;ة في البناء عند الواجهات، كما استخدم في بعض المناطق مادة الملاط، كرابط للحجر.