اكد الدكتور محمد سياف لبن استاذ الاقتصاد بمعهد البحوث الاقتصادية تعتبر تنمية المجتمعات عملية ديناميكية دائمة التبدل والتغير، وتنعكس هذه الطبيعة المتغيرة على معدلات النمو بها، مما يؤثر تأثيرا مباشرا على فرص النجاح أوالفشل في تحقيق الأهداف المنشودة من تنمية هذه المجتمعات، وفي إطار هذا المفهوم تظهر أهمية قياس جودة الحياة في الكويت، حيث شهد الحيز المكاني لدولة الكويت خلال العقود الماضية تطورات تنموية هائلة، وقد أدى الانفاق الحكومي المباشر إلى تحقيق قفزات متسارعة في بعض المناطق والقطاعات الاستراتيجية، مما أدى إلى تزايد كبير في نسبة التحضر، مما أحدث تباينا اقليميا بين مناطق المملكة في التوزيع السكاني والأنشطة. وبعد تصنيف دولة الكويت في المرتبة الخامسة عربياً وال 58 عالمياُ من حيث مؤشرات جوده الحياة، حيث حلت الإمارات (41 عالميا) في المرتبة الأولى تلتها قطر (46 عالميا)، ثم البحرين (56 عالميا)، ثم الكويت (58 عالميا)، وسلطنة عمان (67 عالميا)، ثم السعودية (75 عالميا). وعلى الصعيد العالمي، جاءت الدنمارك في رأس قائمة أكثر الدول ازدهارا، ومن ثم النرويج فالسويد، تليها فنلندا وبعدها سويسرا. وبالتالي فإن ذلك يدل على أن التنمية الحضرية لدولة الكويت لاتسير بالمعدل المطلوب، ولم تحقق أهدافها لأنها لم تحقق جودة الحياة بمفهومها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والعمراني، لذلك فإنه من المطلوب تقييم التجربة والتعرف على كيفية تحسين جودة الحياة من خلال المؤشرات الحضرية المنتجة واجراء المقارنات على المستوى الوطني ان أمكن، وتساعد على الرد على ثلاثة أسئلة هي: أين كنا؟ أين نحن الآن؟ إلى أين نريد الوصول؟ وتعطي المؤشرات الحضرية المنتجة صورة ديناميكية ودقيقة عن جودة الحياة في الكويت ومدى تحقيقها لأهدافها، وتعمل على توجيه قرارات التنمية الحضرية والمستدامة في المسار الصحيح، ومن هذا المنطلق يتوجه المقال إلى الاجابة على عدة أسئلة مطروحة تندرج من المستوى الأشمل إلى المستوى التفصيلي حيث تتناول الاجابة على السؤال الرئيسي: وتساءل الدكتورسياف كيف يمكن استخدام مؤشرات جودة الحياة لادارة التنمية الحضرية في دولة الكويت، حيث أن تحسين جودة الحياة باستخدام المؤشرات الحضرية المنتجة يؤدي إلى اتزان أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمرانية ويعالج التشوهات والاختلالات في هذه الأبعاد. واكد الدكتور محمد سياف لبن علي ان أهم مؤشرات جودة الحياة مؤشرات مبادرة حماية الأطفال، مؤشرات الصحة، مؤشرات التعليم، مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية،مؤشرات البنية الأساسية، مؤشرات النقل والمرور،مؤشرات إدارة البيئة،مؤشرات المحليات، مؤشرات الإسكان. ويشمل مفهوم جودة الحياة المعايير الكمية والنوعية على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع" ، فالمعايير النوعية على مستوى الفرد (الرضا عن الحياة ، الإحساس بالسعادة ،... الخ) وعلى مستوى المجتمع (القدرة على المشاركة والتأثير، مقدار الترابط بين الفرد وبين المجتمع... الخ) والمعايير الكمية على مستوى الفرد ( قياس الحالة التعليمية ، المهارات...الخ) وعلى مستوى المجتمع (قياس الحالة البيئية ، الاقتصادية، الاجتماعية...الخ)، وعلى ذلك يمكن اعتبار جودة الحياة ثنائية الأبعاد يوضحها الجدول رقم(1) مما سبق يمكن الخروج بتعريف شامل لمصطلح جودة الحياة يتبناه المقال هو: "جودة الحياة هي نتاج التفاعل بين الحالة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والبيئية التي تؤثر على الإنسان". وذلك لتحقيق الأهداف التالية: التمتع بصحة جيدة، التعليم مدى الحياة، تنمية الأنشطة الاقتصادية، التوظيف، زيادة الدخل، تقليل البطالة، تسهيل حركة المرور، توافق استعمالات الأراضي، توفير الإسكان الملائم، توفير الخدمات، تحقيق مجتمع متوازن ومشارك، الشعور بالأمان في المجتمع، تحسين البيئة شاملة المياه والهواء والإدارة الرشيدة للموارد الطبيعية وإدارة المخلفات الصلبة والسائلة بشكل منتظم. 3 –اما عن مؤشرات جودة الحياة تعتبر مؤشرات جودة الحياة هي طريقة لقياس حيوية المجتمع، وبرؤية المؤشرات منفصلة تعطينا المعلومات عن قضايا جزئية من حياة المجتمع، وعند رؤية مؤشرات المجتمع بعد تجميعها تستطيع إمدادنا بنظرة شمولية عن جودة الحياة. ترتكز على مجموعة من المؤشرات وقائمة هذه المؤشرات هي: المعيار الاقتصادي: الناتج المحلى الإجمالي – نسبة خدمات الديون – نسبة العمالة غير الرسمية – العاملون بالإدارة المحلية – معدل توزيع الدخل – متوسط نصيب الفرد من الدخل المحلى – نسبة الأجور والرواتب – معدل البطالة – نسبة سعوده الوظائف. المعيار الاجتماعي : معدل وفيات الأطفال الرضع لكل 1000 مولود حي – معدل وفيات الأطفال دون الخامسة لكل 1000 مولود حي – معدل وفيات الأمهات لكل 1000 مولود حي – عدد الأطباء لكل 100000 نسمة – العمر المتوقع عند الميلاد بالأعوام – عدد الأطفال عمر سنة المحصنين ضد الحصبة – نسبة الولادات تحت إشراف كادر مؤهل- إجمالي نسبة الخصوبة – الوزن المنخفض عند الولادة بوزن يقل عن 2.5 كجم – نسبة الأطفال الذين تم تحصينهم ضد شلل الأطفال/التيتانوس/الدفتيريا/الأوبئة الأخرى لإجمالي الأطفال المفترض تطعيمهم – عدد الأطباء لكل 100000 مريض – نسبة الأطفال المعاقين سن ( 0 - 14) – معدل الخصوبة العامة – معدل المواليد الخام – نصيب الفرد من أسر المستشفيات- معدل الأمية للكبار – معدل القيد بالتعليم قبل الجامعي – الإنفاق الحكومي على التعليم العام – متوسط عدد الطلبة بكل فصل بالتعليم قبل الجامعي – معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في الفئة العمرية ( 15 – 24 سنة) – عدد الطلاب مقابل المعلم – الاستمرار في التعليم الابتدائي/المتوسط/الثانوي – نسبة طلبة الكليات العملية لاجمالى الطلبة الجامعيين – عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع لكل مليون نسمة – معدل القيد للطلاب في التعليم لمهني (15 – 18 سنة). المعيار العمراني: وسيلة الانتقال للعمل – متوسط زمن رحلة العمل اليومية بالدقيقة – معدل ملكية السيارات للأفراد - معدل ملكية السيارات للأسرة - نسبة المساحات للأنشطة المختلفة بالكويت(نسب استعمالات الأراضي) - نسبة المساحات الفضاء القابلة للاستغلال - إجمالي الحيازة - نوع حيازة المسكن - معدل تزاحم الغرفة - السعر الوسيط للمياه - متوسط تكلفة مياه الشرب للأسر المعيشية - معدل سعر المنزل للدخل - معدل إيجار المنزل للدخل - معدل سعر الأرض(م2) للدخل - نصيب الفرد من مساحة المنزل - المباني الثابتة - المباني التي تستوفي الشروط الرسمية - إنتاج الوحدات السكنية لكل ألف من السكان - إتاحة الحصول على المياه النقية - مستوى توصيلات المنازل بشبكة المياه/الكهرباء/الصرف الصحي - نسبة المساكن غير النظامية - نسبة المساكن الشاغرة - متوسط التوصيل بخدمات الهاتف - عدد مستخدمي الانترنت لكل ألف من السكان - الإنفاق الحكومي على التعليم العام - عدد مستخدمي خدمات الانترنت adsl لكل ألف من السكان - نصيب الفرد من أطوال الطرق - الصرف على إنشاء الطرق فرد/سنة - الإنفاق على البنية التحتية - نسبة المساكن الحاصلة على قروض عقارية - نسبة المنح التي تم انجازها - نصيب الفرد من الإنفاق بالكويت - نسبة الإنفاق على تعاقدات المحليات من جملة الإنفاق - نسبة الإدارات الحكومية التي تطبق الحكومة الالكترونية - نسبة الخدمات الالكترونية التي تطبق - نسبة الأحياء المخدومة بعمد. المعيار البيئي: كثافة السكان(نسمة/كم2) - معدل النمو السكاني - نسبة الأسر التي تعيلها امرأة - متوسط حجم الأسرة - معدل التكوين الأسري - الأسر الفقيرة - نسبة الجمعيات التطوعية المعنية بالنساء - معدل العنوسة - متوسط العمر عند الزواج الأول - عدد المنظمات التطوعية لكل 100 ألف نسمة - نسبة رضا المواطنين عن الخدمات الحكومية - نسبة الأطفال الأحداث واليافعين من 0-13 سنة - نسبة الأطفال الأحداث واليافعين من 14-18 سنة - عدد أطفال الشوارع (ذكور و إناث) بدون مأوي - نسبة عمالة الأطفال (تقل أعمارهم عن 18 سنة) - نسبة الطلاق - نسبة التمثيل النسائي بالإدارات الحكومية - الفساد الإداري ( قضية لكل ألف عامل) - معدل الجريمة لغير السعوديين/ للسعوديين/ إجمالا - جرائم الأحداث - معدل حوادث الطرق - إتاحة الحصول على المياه النقية - متوسط استهلاك المياه - متوسط استهلاك المياه في أشهر الحج - تلوث الهواء - المنازل المدمرة لكل ألف مسكن - نصيب الفرد من الحدائق والمنتزهات المنزرعة - نسبة مياه الصرف الصحي المعالجة - متوسط إنتاج الفرد من النفايات الصلبة/السائلة - وسيلة التخلص من النفايات الصلبة - الجمع المنتظم للنفايات الصلبة. استخدام المؤشرات الحضرية في جودة الحياة يتضح مما سبق أن مؤشرات جودة الحياة تلعب دورا هاما في التنمية الحضرية والمستدامة وفقا للمراحل التالية: 1- مرحلة الوضع الحالي: ويتم استخدام مؤشرات جودة الحياة في هذه المرحلة كما يلي: - أدوات إحصائية كمية تؤدي إلى فهم الحالة الراهنة للمدينة كوحدة واحدة شاملة. - أدوات تشخيصية تحدد الفجوات في القطاعات المختلفة في الكويت وغيرها من المستويات التخطيطية، وبالتالي تحديد الاحتياجات و المدخلات المطلوبة للتطوير. 2- مرحلة الرؤية: ويتم فيها استخدام جودة الحياة كما يلي: - أدوات واضحة للتعبير عن الأهداف والأولويات ومن ثم التمكين من إعداد خطط التنمية الحضرية. - أدوات للمقارنة لأوضاع التحضر والتطور بمدينة واحدة عبر الزمن أو للمقارنة بين المدن المختلفة، ويمكن استنباط أفضل الممارسات من خلال هذه المقارنات. 3- مرحلة كيف نحقق الرؤية (كيف نصل لما نريد؟). ويتم استخدام مؤشرات جودة الحياة كما يلي: - أدوات للمتابعة والرصد لتنفيذ الخطط وبرامج المشاريع، ومن ثم تصحيح مكونات مدخلات السياسة الإنمائية. - أدوات تحليلية لدراسة تأثير تطبيق السياسات والاستراتيجيات والمدخلات في الحيز العمراني والاقتصادي والاجتماعي والبيئي. - أدوات تقييم حالة العمران والإسكان والمرافق والبيئة واستنتاج مؤشرات قياسية دقيقة ترصد التقدم في حل المشاكل التي يعاني منها المواطنين بشكل منتظم ومستمر. - إشراك صانعي السياسات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في كيفية تحقيق الرؤية. - الإنذار المبكر للمخاطر ومهددات التنمية الحضرية والمستدامة. من هنا يأتي تساؤل هام لماذا تأتي دولة الكويت في هذا الترتيب المتأخر ( 58 عالمياً، و الخامس عربياً)، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلي انتشار الأمراض في الكويت فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الأمراض التالية هي الأكثر قتلاً في دولة الكويت سنويا: أمراض القلب: مسؤولة عن 38.3% من الوفيات في الكويت، السرطان: بأنواعه المختلفة مسؤول عن 13.5% من الوفيات، إصابات الحوادث: مسؤولة عن 8.2% من مجموع الوفيات، السكري، الأمراض التناسلية والجلدية وأمراض الدم: مسؤولة عن 8% من حالات الوفاة، الإسهال والأمراض الرئوية والأمراض الأخرى المعدية: مسؤولة عن 5.9% من حالات الوفاة، الأمراض الأخرى غير المعدية: مسؤولة عن 5.2% من مجموع الوفيات في الكويت. جدير بالذكر أن القائمة لا تنتهي هنا، إذ أن هناك العديد من الأمراض الأخرى المسؤولة عن الوفيات في دولة الكويت مثل الامراض المزمنة. وفي احصائيات صادرة عن وزارة الصحة الكويتية ومنظمة الصحة العالمية، أشارت أن ما مجموعه 68%من الوفيات ناتجة عن الإصابة بالأمراض المزمنة المختلفة، وتقع أمراض القلب على رأسها، هذا المعدل المرتفع في عدد الوفيات الكبير بالأمراض المزمنة، مرتبط بزيادة الوزن ونسبة السمنة في الدولة، إذ أن 73% من السكان يعانون من الوزن الزائد والسمنة. وهذا ما يتستعدي تدخل لتحسين الوضع الصحي لسكان دولة الكويت والعمل على توعية المواطن إلى العادات الصحية السليمة والتي ستؤدي إلي رفع التصنيف الصحي لدولة الكويت وبالتالي رفع تصنيفها من حيث مستوي جودة الحياة حيث قد تصل في هذا الحالة للتصنيف الأول عربياً، وكذلك تكمن ضرورة وضع رؤية مستقبلية لتحسين جودة الحياة باستخدام المؤشرات الحضرية مع مراعاة البعد البيئي والاقتصادي والاجتماعي والعمراني والاهتمام بصياغة الأهداف الإستراتيجية لتحسين جودة الحياة حتى عام 2050 على أن تتضمن ما يلي:- • استمرارية توفير الدعم السياسي والإداري والمالي اللازم كداعم حقيقي للتنمية الحضرية والمستدامة. • أهمية التفكير في إنشاء مراصد حضرية وريفية لقياس جودة الحياة وإمداد صانعي السياسات ومتخذي القرار بالبيانات والمعلومات اللازمة حتى يمكن تحقيق التنمية المستدامة المبنية على مشاركة كافة فئات ومؤسسات المجتمع. • تنويع هيكل الاقتصاد المحلي لضمان تنمية الأنشطة الاقتصادية واستدامتها وتحقيق المزيد من العدالة في توزيع الدخول بما يمكن من تحقيق تنمية اجتماعية ومكانية متوازنة والمحافظة على المستوى المعيشي للمواطن مع العمل على تحسين قدراته باستمرار. • ضرورة الاستثمار في رأس المال البشري وبناء المقدرة المعرفية والمهارية والوجدانية وتكثيف برامج التعليم والتدريب والتأهيل للقوى العاملة الوطنية. • ضمان التكامل العضوي فيما بين خطط التنمية المحلية على المستويات المختلفة داخل المنطقة الواحدة وفيما بين المملكة. • الاعتماد على تكنولوجيا المشاركة في جميع خطوات عملية التنمية الحضرية والمستدامة على كافة المستويات بما يحقق بناء الخطط التنموية من أسفل إلى أعلى، وتوسيع قاعدة المشاركة لتشمل أضلاع مثلث التنمية: الجهات الحكومية ، والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وإتباع التقييم بالمشاركة لتحقيق التنمية المستدامة بما يتفق والمعدلات الدولية والخصوصية الوطنية و تقديم أسلوبا حياديا وعادلا للجهات العليا لتقييم أداء الإدارات المختلفة وقياس مدى التقدم الحادث في برامج التنمية الحضرية والمستدامة في مختلف المجالات وتحديد أولويات القضايا الملحة بالمجتمع بانتهاج أسلوب المشاركة. • إعداد تشريع متطور يجعل لامركزية التنمية المحلية هي الأساس للخدمات غير السيادية وليس بتفويض من السلطات. • زيادة الاهتمام بتنمية قطاع الخدمات السياحية. • معالجة الخلل في التركيبة السكانية العمرية والجنسية والاهتمام بالتكوين الأسري مع ضرورة تحويل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها بالمجتمع إلى مؤشرات يمكن قياسها ومقارنتها ومتابعتها. • مراقبة التحولات في عناصر التنمية المستدامة تمشيا مع الأهداف الإنمائية والأهداف المحلية. • تفعيل إضلاع مثلث التنمية في المشاركة الفعلية في حل القضايا المطروحة من خلال مؤشرات الرصد الحضري. • تمكين المرأة لأداء دورها المجتمعي من خلال المشاركة الفعالة في صياغة السياسات وتنفيذ البرامج.