كشف تقرير حديث صادر عن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، أن تراجع أسعار النفط من المتوقع أن يبطئ وتيرة النمو الاقتصادي ويزيد عجز الميزانية في الدول الخليجية المصدرة للنفط خلال عام 2016، وهو ما يرجح زيادة الدين العام وتراجع الاحتياطي النقدي بوتيرة أكبر في كل من السعودية، والبحرين وعمان، فيما سيكون تأثيره أخف قليلاً على كل من الإمارات، وقطر والكويت، والتي تساعدها احتياطاتها المتوفرة من الحد من تداعيات تلك الآثار السلبية على المدى القصير وتسمح لها بتعديلات تدريجية، الأمر الذي أحدث تباينا ملحوظا في تقييم المؤسسة للاحتياطي السيادي بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف التقرير أن الإمارات وقطر والكويت تمكنت من وضع تدابير جيدة وإيجابية في سياساتها العامة على المدى القصير والمتوسط للتعامل مع التراجع الحاد لأسعار النفط من خلال فرض ضرائب جديدة، وتنويع مصادر الدخل، وخصخصة بعض الشركات المملوكة للدولة.
تحذيرات من ارتفاع عجز الميزانية
وتوقع ماتياس أنجونين، محلل المخاطر السيادية في وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، يوم أمس الاثنين، أن يصل إجمالي العجز في موازنات دول مجلس التعاون الخليجي إلى قرابة 250 مليار دولار خلال العامين 2016 و2017 نتيجة تراجع الإيرادات النفطية.
وقال أنجونين خلال مؤتمر صحفي عقد في دبي، إنه من المرجح تغطية 50% من العجز المتوقع عن طريق الاحتياطيات النقدية، فيما سيتم تمويل النصف الأخر من خلال جمع تمويلات قياسية من الصكوك والسندات.
وتوقع في التقرير أن يرتفع الدين العام في كل من البحرين وعُمان بنسبة 35% و18% من معدلاتها خلال 2014، فيما سيرتفع الدين العام في السعودية بحدود 15%، أما بقية الدول الخليجية فإن الارتفاع سيكون بحدود 11% إلى 13% خلال العام الحالي، وعلى ذلك يبقى التقييم جيداً لدول الخليج، غير أنها قابله للتراجع أو الضعف، ما لم يتم وضع سيادات مالية متطورة لدعمها. وبحسب التقرير، فإن متوسط عجز ميزانية دول مجلس التعاون الخليجي سيرتفع من 9% في عام 2015، إلى 12.5% من الناتج المحلي خلال العام الحالي.
وأضاف التقرير أن المؤسسة تعنى حالياً بمراجعة تصنيفاتها المنخفضة للصناديق السيادية لدول الخليج، والتي ستنشر نتائجها مفصلة ونهائية أواخر شهر مايو، بعد إعادة دراسة الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدول على المدى المتوسط لاحتواء الأزمة والتي من الممكن أن تخفف من التراجعات الحادة في الحسابات المالية السيادية لدول الخليج وتحافظ على ثقة المستثمرين، بالإضافة إلى قدرتها على المحافظة على معدلات النمو والسيولة المحلية.
متوسط أسعار النفط
ورجحت “موديز” أن تبقى متوسط أسعار النفط بحدود 33 دولارا خلال 2016 و38 دولارا في عام 2017، وهو أقل من  20 دولارا في عام 2015. وتأتي هذه التوقعات بناء على ارتفاع حجم إمدادات النفط من أميركا، ودخول إيران للساحة النفطية بعد رفع العقوبات بضح 500 ألف برميل يومياً بنهاية عام 2016، بالإضافة إلى انخفاض الطلب من الأسواق الناشئة. كذلك قدرت “موديز” أن الوفورات من خفض دعم الطاقة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ستبلغ 2.5% من الناتج المحلي في المتوسط لدول الخليج.
وأضاف أن وفرة المعروض يشكل عائقاً في تراجع الأسعار، حيث ارتفعت مخزونات النفط بحدود 12% خلال 2015، والتي انعكست سلباً على الأسعار، حيث ارتفعت الإمدادات النفطية من الدول خارج أوبك، حيث ارتفع الإنتاج العالمي للنفط خلال السنوات الثلاث الأخيرة بمعدل 7.8 مليون برميل في اليوم، وفيما تشكل 5.7 مليون برميل يومياً من خارج دول أوبك، في حين ارتفع الطلب العالمي للنفط بحدود 4.8 مليون برميل يومياً.
ورجح أن تبقى أسعار النفط سلبية خلال عام 2016 بسبب وفرة المعروض، ومواصلة إنتاج النفط من دول الأوبك، حيث إن السوق يحتاج لثلاث سنوات قادمة لتخفيف تخمة المعروض لمستويات عام 2008-2014، وفي حال تم الاتفاق على خفض المعروض بحدود مليون برميل يومياً سنتمكن من الحصول على مستويات معقولة من المعروض وتبدأ الأسعار بالتعافي بداية عام 2017، وهو السيناريو الذي تتمسك به الأسواق خصوصاً بعد المحادثات الأخيرة بين السعودية وروسيا لتجميد سقف الإنتاج، الأمر الذي رفع سعر برنت من 33 دولارا إلى حدود 40 دولارا للبرميل. وأضاف أنه بالرغم من تراجع أسعار النفط الحادة، إلا أن دول الخليج قادرة على المحافظة على نمو اقتصادياتها بوتيرة جيدة خلال الفترة الحالية من خلال خفض التكاليف تدريجياً وتطبيق أليات فاعلة لزيادة الإيرادات. وفي حين أنه من المرجح أن يؤدي خفض التكاليف إلى تراجع النمو في 2016، والذي سيكون الأعلى منذ سنوات، إلا أن النمو يبقى إيجابيا لأن الخفض تدريجي خصوصاً في القطاع النفطي. أما القطاع غير النفطي فسيتأثر من قوة الدولار ورفع أسعار الفائدة من قبل الفدرالي الأميركي.