صعد إيمانويل ماكرون رئيسا لعهدة جديدة، (5 سنوات) فى فرنسا، كان الفرنسيون فى انتخاباتهم فى حالة من انعدام الوزن، فهم غاضبون من أداء رئيسهم، تأثروا إلى حد كبير، بأزمتين متتاليتين، الكورونا (الجائحة) وأوكرانيا والحرب فى أوروبا.
وقبل كل ذلك، فاقتصادهم لا يتحرك كثيرا، تأثرت فرنسا بخروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبى، وبخروج السيدة ميركل من حكم ألمانيا، وصعود تيار آخر للحكم هناك.
الاتحاد الأوروبى، يتعرض لمطارق عديدة، سواء من الأمريكيين أم الصينيين، وأخيرا من الروس.
وفرنسا ترى نفسها فى مأزق شديد، تريد أن تكون القاطرة التى تجر وراءها الاتحاد الأوروبى، لكن اقتصادها لا يساعدها، كما أن الفرنسيين لا يفكرون أكثر من ازدهارهم الاقتصادى، حتى إنهم لا يريدون علاقات أوروبية كبيرة، أو أمريكية جديدة.
ماكرون سيكون رئيسا مخلصا لفرنسا، وللاتحاد الأوروبى، لكنه فى حاجة إلى مساعدة إقليمية كبيرة لإنقاذ فرنسا.
صعود اليمين المتطرف، فى فرنسا خطر كبير، فقد تحققت لهم 8 نقاط فى 5 سنوات.
محور الاعتدال فى العالم، والمحور الأوروبى تنفس الصعداء بعودة ماكرون إلى الإليزيه لدورة جديدة، لكن هناك مخاوف كبيرة من المستقبل، منها اتجاهات الرأى العام فى أوروبا، خصوصا فرنسا، مركز الثقل الأوروبى الكبير، لكن عندما أفكر فى أن اليمين المتطرف أصبح يحتل 40% من الرأى العام الفرنسى، فإننى أشعر بالمخاوف على مستقبل أوروبا، بل على مستقبل العالم.
خبر جميل، أن ماكرون استطاع أن يعود إلى الإليزيه، لكن بنسبة حرجة وصعبة ودقيقة، وتحتاج إلى التفكير.
الشرق الأوسط، أو الشرق العربى، بحاجة إلى فرنسا قوية وسياسة معتدلة.
كنت أتابع فوز ماكرون، وهناك لقاء قوى يحدث فى القاهرة، بين الرئيس عبد الفتاح السيسى، وولى عهد الإمارات سمو الشيخ محمد بن زايد، وملك الأردن الملك عبد الله الثانى، فشعرت بأن هناك سياسات وتنسيقا عربيا ضخما، ومن المتعارف عليه أن هذا المحور، خصوصا مع السعودية والملك سلمان بن عبد العزيز، وولى عهده محمد بن سلمان يجب أن يكون لديه فرصة أكبر لتشجيع التعاون الفرنسى - العربى.
ما يهم العرب، أن تكون أوروبا، بسياسات معتدلة توازن بين التدخلات الأمريكية والروسية والصينية.
ما تملكه أوروبا من إمكانات وتعاون، لا غنى عنه الاستقرار العالم، والرئيس الفرنسى المنتخب ماكرون، يحمل مؤهلات كبرى لإحداث توازن مع التدخلات الأمريكية، وطالما كانت فرنسا نقطة توازن إيجابية، وتستطيع أن تكون نقطة اتزان مع الكثير من المواقف العالمية، التى تحقق الاستقرار الإقليمى والعالمى.
المخاوف من اليمين والتطرف، وصلت إلى مشارف أوروبا، وهى بالقطع تخيفنا فى الشرق العربى والأوسط، سياسات كثيرة فى العالم تتداخل، ونحن ندخل إلى عالم من التوازنات الدقيقة والصعبة.
ونرى فى إعادة انتخاب ماكرون فرصة أكبر، فلنساعده لزيادة التعاون مع أوروبا والشرق الأوسط، كما أن فرنسا لها دور كبير فى مساعدة الدول الإفريقية ونعتقد أن فرصة الاستقرار وعودة الرئيس الحالى لدورة جديدة فى فرنسا، تعطينا فى الشرق الأوسط ما نسميه «وقت مستقطع» وفرصة لالتقاط الأنفاس.
ماكرون أوقف بشق الأنفس صعود اليمين المتطرف، فى أهم بلد أوروبى، لكنه إنقاذ محفوف بالمخاوف، ويثقل على النفوس، ويحمل فى طياته مخاوف مستقبلية على أوروبا والعالم.
لقد عاد، وهذا فى حد ذاته خبر جيد، لكن المستقبل فى العالم وفى أوروبا محفوف بالمخاطر.