يعول عشاق سباقات «فورمولا وان» على فريق فيراري من أجل إعادة الروح إلى البطولة والوقوف بوجه مد مرسيدس وسائقه البريطاني لويس هاميلتون اللذين هيمنا على مجريات الموسمين السابقين.
وتشير المعطيات المستندة على جولتي التجارب الشتوية اللتين احتضنتهما إسبانيا إلى أن المنافسة ستكون محصورة بين فريقي مرسيدس التي توجت بلقب السائقين والصانعين عامي 2014 و2015 دون أي صعوبة، وفيراري الذي كان الفريق الوحيد الذي كسر احتكار «السهم الذهبي» من خلال الفوز بثلاثة سباقات عبر سائقه الجديد بطل العالم السابق الالماني سيباستيان فيتل.
ويأمل عشاق الفئة الأولى أن لا يكون موسم 2016 مشابها للذي سبقه لأن هاميلتون حسم اللقب العالمي قبل ثلاث مراحل على انتهاء الموسم، فيما فاز فريقه بـ16 سباقا من أصل 19 وانطلق من المركز الأول في 18 سباقا.
ويدرك القيمون على فيراري أن النجاح لا يتحقق بين ليله وضحاها وهم يعلمون أنهم دفعوا ثمن الانشغال بالمنافسة مع ريد بول على لقب 2013، تاركين المجال أمام مرسيدس للتركيز على المحرك الجديد ذات الاسطوانات الست مع شاحن هوائي «توربو» ما جعلهم متخلفين عن الفريق الألماني كما حال الفرق الأخرى.
ولا يمكن الاعتماد على التجارب الشتوية التي امتدت لثمانية أيام من أجل الوقوف على موقع كل فريق لأن مرسيدس ركز على عامل الاعتمادية من خلال خوض أكبر عدد ممكن من اللفات ما فتح الطريق أمام ثنائي فيراري فيتل والفنلندي كيمي رايكونن لتسجيل أسرع لفات خلال الجولتين الشتويتين.
«بصراحة، أعتقد أنه تنتظرنا معركة شرسة»، هذا ما قاله هاميلتون عن توقعاته للموسم الجديد الذي ينطلق الأحد من حلبة ملبورن الأسترالية، مضيفا: «من الصعب معرفة الوضع الحقيقي. تبدو السيارة جيدة لكن فيراري كانت قوية في نهاية العام الماضي، الفريق حقق تقدما ملحوظا حتى الآن».
 وواصل: «ستكون هناك منافسة قوية، وهذا ما أريده في البطولة. أنا متحمس بخصوص ذلك».
أما روزبرغ، المرشح ليكون المنافس الأساسي لهاميلتون استنادا إلى ما حققه في نهاية الموسم الماضي (فاز بالسباقات الثلاثة الأخيرة)، فعلق بدوره على التجارب الشتوية التي كان فيها الفريق الإيطالي الأفضل في 5 أيام من أصل 8، قائلا: «لا نعلم كمية الوقود (التي كانت في سياراتي فيراري) لكن يمكننا التقدير بأن الأداء متقارب جدا. علينا أن نكون حذرين».
ومن المؤكد أن عشاق «فورمولا وان» يأملون أن تكون النتائج التي حققها فريق فيراري في التجارب الشتوية قريبة إلى الواقع من أجل إعادة الحياة إلى البطولة التي عاشت فترة ركود صعبة خصوصا في الموسم الماضي الذي كان روتينيا بالنسبة لفريق مرسيدس بعدما هيمن تماما على المجريات وخرج منتصرا في 16 سباقا، بينها 10 لهاميلتون الذي توّج باللقب العالمي للمرة الثانية على التوالي والثالثة في مسيرته.
«إن الهيمنة المطلقة لمرسيدس جعلت الكثير من الناس يحضرون انطلاق السباق ثم يطفئون التلفاز لأن فريق مرسيدس جعل البطولة مملة»، هذا كان موقف عراب «فورمولا وان» البريطاني بيرني إيكليستون الذي لخص تماما واقع الأمور في بطولة الفئة الأولى.
وتابع إيكليستون: «هذا الأمر ليس جيدا بالنسبة للرياضة. المشجعون لا يريدون معرفة هوية الفائز قبل انطلاق السباق. إنها مشكلة بالنسبة لنا في الوقت الحالي. إنها مشكلة نحتاج إلى حلها».
ومن المؤكد أن ما عاشته «فورمولا وان» في العامين الأخيرين ليس صحيا على الاطلاق، وحصول مرسيدس على 12 ثنائية خلال موسم 2015 (رقم قياسي) وانطلاق «السهم الذهبي» من المركز الأول في 18 سباقا من أصل 19 (عادل الرقم القياسي المسجل باسم ريد بول) وتصدره 86% من اللفات في السباقات الـ19، يؤكدون غياب المنافسة رغم بعض بوادر الأمل القادمة من معسكر فيراري.                 
منافسة مفتوحة بين هاميلتون وروزبرغ
ويعول في 2016 على فيراري مجددا من أجل محاولة إيقاف مرسيدس التي تحدث عنها مديرها غير التنفيذي سائق فيراري وبطل العالم السابق النمساوي نيكي لاودا، قائلا في حديث مع صحيفة «لا غازيتا ديلو سبورت»: «كنا الأسرع في العامين الماضيين ولم يكن ذلك خطأ مرسيدس»، في إشارة منه إلى ضعف المنافسين.
وتابع: «هدفنا المحافظة على تلك الأفضلية لكني أعتقد بأن الفارق تقلص بشكل كبير... أعتقد أنهم أقرب هذا الموسم».
ومن ناحيته قال المدير التنفيذي لمرسيدس توتو وولف: «إن فريق فيراري حقق قفزة بالتأكيد. حتى أن كنا نتمتع بأفضلية، فالوضع لن يكون مشابها لما كان عليه العام الماضي».
ومن جهة أخرى، أشار وولف إلى أن فريقه سيكون أقل تشددا في التعامل مع المنافسة المحتدمة بين سائقيه خصوصا في ظل القيود الجديدة المفروضة على عملية التواصل مع السائقين خلال السباقات.
وقال وولف بهذا الصدد: «سنخفف التدخلات لأننا نعمل الآن مع بعضنا البعض بارتياح أكبر. هناك الكثير من الاحترام في ما بيننا. القوانين الجديدة تساعدنا لأنه سيكون تدخل المهندسين أقل من أجل مساعدة السائق والسيارة».
وواصل: «سيكون هناك ارشادات أقل في ما يتعلق بالاستراتيجية، التعامل الأمثل مع الإطارات، كيفية قيادة السيارة، وبالتالي فإن السائق سيصبح مسؤولا وحده عن كافة هذه الأمور. دورنا سيتراجع بعض الشيء وهذا الأمر يترافق مع استراتيجيتنا التي تسمح للسائقين بالتنافس على الحلبة».
وتابع: «هذا أمر جيد بالنسبة للبطولة. هناك ضغط إضافي ويجب أن يبذل السائقون مجهودا أكبر».
وبعيدا عن الصراع الداخلي المتوقع بين سائقي مرسيدس ومع سائقي فيراري، هناك مجموعتان تتنافس على هدفين: الأولى، يترأسها وليامس مرسيدس الذي يبحث عن الاحتفاظ أقله بالمركز الثالث الذي حققه الموسم الماضي لكنه يواجه منافسة قوية من ريد بول وفورس إنديا.
أما المجموعة الثانية، فتبحث عن النقاط وحسب مع أنها تحلم باستعادة أمجاد الأيام الغابرة والحديث هنا عن ماكلارين-مرسيدس والصانع الفرنسي العائد إلى البطولة رينو لكنهما قد لا يتمكنان حتى من التفوق على تورو روسو الذي يعتمد على سائق الواعد الهولندي ماكس فيرشتابن، والوافد الجديد هاس الذي يضع نصب عينيه تعزيز شعبية سباقات «فورمولا وان» في بلده الأم الولايات المتحدة التي ستمثل بفريق للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.