مالت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى انخفاضات جديدة تأثرا بارتفاع الدولار ووصول مخزونات النفط إلى مستويات قياسية، لكن تصريحات إيجابية من منظمة «أوبك» بينهم وزراء في دول منتجة رئيسية بثت الثقة من جديد في السوق. وتراجعت على نحو طفيف سلة خام «أوبك» وسجل سعرها 55.63 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 55.77 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء استقر حول 55 دولارا للبرميل في الأسبوع الماضي بينما كان قد استقر حول 56 دولارا للبرميل في الأسبوع السابق له.
وتراجع سعر خام «برنت» صوب 59 دولارا للبرميل مع صعود الدولار وارتفاع مخزونات النفط العالمية إلى مستويات قياسية بفعل تخمة المعروض. وسجل الدولار أعلى مستوى في أكثر من 11 عاما مقابل سلة عملات بعد أن أظهرت البيانات تراجع معدل البطالة الأميركي في (فبراير) إلى أدنى مستوياته منذ (مايو) 2008 وهو ما جعل السلع الأولية المسعرة بالعملة الأميركية أعلى تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى. وترتفع مخزونات النفط الخام في العالم في وقت يفوق فيه الإنتاج الطلب وهو ما طغى على تأثير التوترات في الشرق الأوسط وخطر تراجع الإنتاج في ليبيا والعراق. وانخفض «برنت» 35 سنتا إلى 59.38 دولار خلال تداولات أمس. وتراجع الخام 4.6 بالمئة الأسبوع الماضي في أكبر انخفاض له منذ الأسبوع المنتهي في التاسع من (يناير)؛ وفقا لما نقلته وكالة رويترز.
وارتفع الخام الأميركي خمس سنتات إلى 49.67 دولار للبرميل. وكان الخام هبط 1.15 دولار عند الإغلاق يوم الجمعة لينهي ثالث أسبوع على خسائر.
وقال رئيس الغرفة الاقتصادية النمساوية كريستوفر لايتل إن الصورة لا تزال غير واضحة لمسار سوق النفط في الفترة القادمة، في ظل تأكيد «أوبك» تحسن الأسعار خاصة في النصف الثانى من العام الجاري. وأضاف لايتل «نجد توقعات سلبية أخرى تصدر عن بنك جولدمان ساكس تؤكد أن أسعار النفط ربما تفقد مكاسبها الأخيرة بفعل زيادة المخزونات الأميركية وأنه من المتوقع هبوط الخام الأميركي إلى نحو 40 دولارا للبرميل».
وذكر رئيس الغرفة النمساوية أن ارتفاع الأسعار خلال الشهرين الماضيين كان بسبب تضافر عدة عوامل، أبرزها تعطل الحفارات النفطية في الولايات المتحدة وتعطل بعض إمدادات الشرق الأوسط وتنامى الطلب الشتوي القوي وارتفاع هوامش أرباح التكرير إلى جانب تراجع قوة الدولار.
وأضاف أن استعادة الدولار مكاسبه يطرح توقعات سلبية على مستوى الأسعار إضافة إلى استمرار التباطؤ الاقتصادي في دول الاستهلاك خاصة الاتحاد الأوروبي. وأكد لايتل أن القدرات الإنتاجية في الشرق الاوسط «ما زالت غير مستغلة بالشكل الأمثل».
وكان تقرير لـ «إرنست آند يونج» حول صفقات النفط والغاز على المستوى العالمي في عام 2014 الماضي أكد أنه رغم تمتع الشرق الأوسط بمستوى عال من احتياطيات وإنتاج النفط والغاز، إلا أن نشاط الصفقات الحالي والسابق في المنطقة منخفض نسبيا مقارنة بنشاط الصفقات العالمية.
وقال نائب رئيس الغرفة العربية النمساوية هنري حافظ إن العوامل الايجابية التي تؤثر في السوق أقوى من العوامل السلبية. وأضاف «ليس من قبيل المصادفة أن تصدر تصريحات إيجابية عن الأداء الاقتصادي في دول «أوبك» من كل من السعودية والإمارات إلى جانب أمين المنظمة في وقت متزامن».
وأكد أهمية تركيز «أوبك» على حماية حصصها السوقية مشيرا إلى أن خفض الإنتاج كان سيصب في صالح المنتجين من خارج «أوبك» وهو ما أكده أمين المنظمة. وأضاف حافظ أن «أوبك» لا تعمل بمعزل عن الآخرين ولا تنظر لمصالحها فقط بل لصالح استقرار السوق ونمو الاقتصاد الدولي «وهو ما حرصت على تأكيده من خلال أمينها العام الذي دعا إلى تعاون المنتجين من داخل المنظمة ومن خارجها».
من جهتها ذكرت المحللة البلغارية بيتيا ايشيفا أن الاستثمارات النفطية تواجه تحديات كبيرة في ظل الأسعار المنخفضة وأن مشاريع كثيرة تم تأجيلها مثل زيادة الحفارات أو التنقيب في مناطق جديدة. وأشارت إلى مواجهة الاستثمارات في ليبيا أعباء إضافية تتمثل في الحماية الأمنية حيث تتوالى عمليات الهجوم على المنشآت النفطية.