أبو سعود: “أسهل طريقة تضمن فيها أصوات الناس وتخلق شعبية أكبر، إنك تضع الكويتي بدور المظلوم”. 
هذا ما قاله أبو سعود لأبي عزيز وهما يحتسيان استكانة الشاي، في بلكونة الشقة المتواضعة في مدينة إسطنبول، التفت إليه أبو عزيز بعينيه طافحتين الخجل وفمه المملوء بالبقلاوة التركية قائلاً: «نزلت الانتخابات ولم يحالفني الحظ، لأنه هناك معارضة حقيقية»، فأجابه أبو سعود، مُلتفٍ برأسه الشماغ الأحمر ذو رائحة سمك السي باس التركي قائلاً: «المثل يقول من صادها عشى عياله، افتح مكانك وادعو الناس على العشاء أسبوعياً، لحد موعد الانتخابات لتأمين أصواتهم، لكن نحن بحاجة إلى من يدعمنا»، فأجابه أبو عزيز مبتسماً وهو يمضغ قطعة من البقلاوة قائلاً: «العم أبو علي (حفظه الله ورعاه) وعدني بأن يدعمني بالانتخابات القادمة مقابل ضرب أصوات المعارضة».
ثم انضم إليهم في البلكونة أبو معاذ المتدين، ذو اللحية الكثيفة والكرش المنتفخ المملوء بفضلات الطعام التي حشاها من أموال سحب الكوبونات المشبوهة وعمولات التزوير والعبث بقيد الناخبين قائلاً: بالكويت لله الحمد الحكومة مدلعتنا والمواطن يقبض راتب آخر الشهر و يأكل ويشرب وينام، عندنا تعليم وخدمات صحية وما من ضرائب، صحيح شوارعنا حقل ألغام وكل يوم قضاياه اختلاسات أموال، ولكن ما في أفضل من حال الكويتي مقارنة بباقي الدول.  أجابه أبو سعود ماسحاً أوساخ أنفه بالشماغ الأحمر: “الفساد شيء والأكل والشرب شيء آخر، حتى البهيمة وأنت بكرامة، تأكل وتشرب وتنام!” تصليح السيارة وتبديل زجاجها كل شهر، هو بحد ذاته ضريبة! ثم قال أبي عزيز: لازم نرفع شعار الإصلاح ونثير قضايا التعليم والإسكان والصحة والبدون، ومن هنا نبدأ حملتنا الانتخابية.
ثم فتح أبو معاذ فمه قائلاً: الكويتي يعاني من أمور كثيرة وأبرزها ضحية “عنصرية الكويتيين” و “الانتماءات الغير وطنية”، ولكن من له نفس يطرح هذا الموضوع الجاد الذي يحتاج إلى الجدية والعقلانية؟! 
أنا هدفي أمسك منصب مريح ومردوده المادي يغنيني أنا وجماعتي، آخذ مصلحتي وأمشي من غير ما أصدع رأسي، ثم أجابه أبو سعود: الكويتي لا يستطيع التوظف في أي مكان إلا بواسطة، وهم دائماً يفضلون الوافد لأنهم يضغطونه دون خشية، أما ابن قبيلتهم يفضلونه على أي مواطن لأنه ببساطة يضمنون مردود جميلهم منه، وهذا بحسب نظرتهم المتشنجة، لذلك اتفق معاك يا أبو معاذ لما قلت من صادها عشى عياله، الأهم مستقبل أبناءنا.
لما عادوا للوطن؛ دفع أبا عزيز أموالاً لحسابات وهمية في “تويتر” تشيد بشراسته ضد الفساد وتحارب كل من يخالف رأيه، كما غُطيت له تكاليف الإعلانات و حملاته الانتخابية من قبل التاجر أبو علي، ونال أبي عزيز مقعداً بالبرلمان، وأصبح بطلاً شعبياً لدى جماعته ممن خدمهم بتوليهم مناصب ليس كفؤا لها، ناهيك أنه لم يحضر جلسات برلمانية إلا قليلاً، وقد تكفلت شركة الدعاية والإعلان و ناخبيه من ضحايا “الانتماءات الغير وطنية”  بنشر أخباره وإنجازاته الزائفة بمقابل مادي وخدمي، ضاربين الدين ومصلحة البلد بعرض الحائط، لذلك معظم ما نراه في العصر الحديث من تجاوزات و قضايا غسيل أموال ومحاربة الإصلاحيين، لو لم تكن نتيجة سكوت النماذج المذكورة ومساهمتهم في نسج الخيوط، لما ضاعت إلا..!! 
برودكاست: يقول الشيخ ناصر صباح الأحمد:
‏محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من مفسديها ومن ارتبط بهم دون تمييز، فلا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها. وغير ذلك لا يكون إلا إفساد فوق إفساد، وما نراه أقل مما نتمناه.