أوضح التقرير الاسبوعي الصادر عن «الشال» ان بورصة الكويت لم تشارك بورصات العالم الرئيسية العمل في الأسبوع المنتهي في 28/02/2020 سوى في يوم عمل واحد، وكانت في عطلة العيد الوطني وعيد التحرير ما تبقى من ذلك الأسبوع، لذلك كان من ضمن المتوقع انتقال الهلع إليها في أول يوم عمل والذي صادف يوم 01/03/2020.
هلع كبير وغير مبرر في حجمه، كان من نتائجه خسارة مؤشر السوق الأول ومؤشر السوق العام نحو 10% في أول يوم تداول بعد العطلة كما يوضحه الرسم البياني المرافق، ولكنه هلع من ضمن خواص الطبيعة البشرية وكان تصرف إدارة بورصة الكويت استباقي وصحيح عندما طبقت نظام «فاصل تداول المؤشر» الآلي عند مستويات خسائر مقدرة سلفاً، وهو نظام تطبقه 17 بورصة في العالم ومنها بورصة نيويورك.
وقال التقرير: هو هلع غير مبرر لأن أسعار الأسهم في بورصة الكويت لم تجاري ارتفاعات مؤشرات البورصات الرئيسية ما بعد احتواء أزمة عام 2008، والواقع أن معظم الأسهم المحلية لا زالت تباع بخصم كبير على قيمها الدفترية. وهو غير مبرر لأن هبوط أسعار الأسهم لا يهدد سلامة وملاءة القطاع المصرفي، بمعنى أنه من غير المحتمل أن يؤدي تصحيح كبير في أسعار الأصول المالية إلى عجز عن سداد قروض المصارف.
وهو غير مبرر لأن علاقة الشركات المدرجة بأداء الاقتصاد الكلي من زاويتي النمو وسوق العمل، ضعيفة، بما يعنيه ذلك من أن هبوط الأسعار لا يهدد بانتقال الأزمة إلى الثانية أو مرحلتها الثالثة، وتأثيرها سوف يقتصر على خسارة في ثروات الأفراد، وضغوط على ربحية الشركات والمؤسسات. ولكن، الأزمة كشفت عن مؤشرين في غاية الأهمية والخطورة، ولو تمت قراءتهما بشكل صحيح والإفادة منهما، من الممكن أن تتحول النتائج إلى الجانب الإيجابي، لأنهما جرسا تحذير مبكر، ولكن ذلك يحتاج إلى حاسة استشعار لدى الإدارة العامة، واحتمال توفرها ضعيف.
المؤشر الأول، هو هشاشة الوضع الاقتصادي والمالي للبلد نتيجة الاعتماد الطاغي للاقتصاد المحلي على مصدر وحيد للدخل يحقق مساهمة للقطاع العام بنحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، ويمول الموازنة العامة بنحو 90% من إيراداتها.
فالنفط، فقد في الأسبوع المذكور نحو 13.3% من مستوى أسعاره، وبلغ فيه سعر برميل النفط الكويتي نحو 50.78 دولار أمريكي، أي أدنى من سعر الموازنة التقديري المتحفظ البالغ 55 دولار أمريكي بنحو 7.7%.
وقد يعوض النفط بعض خسائره أسوة بالبورصات، ولكن سوف يستمر الضغط على الأسعار والإنتاج على المدى المتوسط إلى الطويل بسبب التطورات التقنية والمخاوف البيئية، وستدخل البلد نفق المديونية المظلم أو استهلاك مدخرات عصر رواج سوق النفط ما لم تتحرك مبكراً في مشروعها التنموي وتحسم أمرها حول مشروعيها المتناقضين، الأول يعزز الاعتماد على النفط، والأخر يدعو إلى التنويع بعيداً عنه، والمشروعان نائمان.
المؤشر المؤسف الأخر هو ما أظهرته تداعيات مواجهة المرض من هشاشة النسيج الاجتماعي والسياسي للبلد، فبدلاً من أن تؤدي الأزمة إلى تلاحم مكونات المجتمع تحت مظلة شمولية للوطن، أدت إلى تمزيقه في تراشق طائفي بغيض من طرفيه. ونحن نجزم بأن التاريخ لم يشهد نجاح أي مشروع تنمية وإصلاح لا يبنى على شمولية المواطنة، وما أظهره أطراف فاعلة في جناحي الإدارة العامة، حكومة ومجلس أمة، هو القبول بما حدث أو الانحياز للعصبيات الصغيرة على حساب الوطن. وذلك نتاج حتمي لنهج المحاصصة في الإدارة العامة، فما يتحقق بدعم عائلي أو مناطقي أو طائفي أو قبلي، لا يدين بأولوية الولاء للوطن، وإنما لعصبيته الصغيرة التي كانت السبب في وصوله إلى منصبه،بحق أو بدونه، واليها يؤول اهتمامه وولائه. ولسنا بحاجة إلى ذكر أمثلة لما آلت اليه أوضاع دول قريبة تبنت نهج المحاصصة في توزيع مناصب الدولة، ولعل أزمة عابرة مثل «كورونا» أعطت دلالة قاطعة على فشل النهج وخطورته في الكويت، ولعل وعسى أننفطن ونعي خطورته ويبدأ إصلاح تأخر جداً لنهج تشكيل الإدارة العامة.