انخفضت معظم الأسواق العالمية في شهر مارس الماضي. حيث أظهر اقتصاد الولايات المتحدة أداء متباينا مع ظهور أرقام سلبية على الرغم من تحسن بيانات سوق العمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية الانكماش في مؤشرات التضخم في الولايات المتحدة تشكل خطرا محتملا على النمو في النصف الثاني من العام. وفي أوروبا، كان للأحداث المتعلقة بالانكماش في مؤشرات التضخم والمفاوضات اليونانية أثر سلبي على ثقة المستثمرين على الرغم من بدء برنامج التحفيز الكمي الجديد الذي طرحه البنك المركزي الأوروبي والذي يتوقع أن يساعد على تحسّن أداء الأسواق. كما أشارت البيانات الصينية إلى المزيد من الضعف، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من التحفيز. كان ذلك في تقرير الوطني للاستثمار الشهري لحركة الأسواق العالمية
انخفض أداء الأسواق الأوروبية في شهر مارس حيث هبطت بنسبة -2.6 بالمئة. وقد تكررت علامات الانكماش في مؤشرات التضخم حيث تزايد انكماش مؤشر أسعار المستهلكين من -0.2 بالمئة إلى -0.6 بالمئة على أساس سنوي في شهر فبراير الماضي. وظلت المخاطر السيادية مرتفعة حيث تستمر اليونان في إظهار تقدم بطيء في تنفيذ الإصلاحات، وهو ما قد يبدأ في التأثير على ثقة المستثمرين. في حين بدأ البنك المركزي الأوروبي برنامجه لشراء الأصول بقيمة 60 مليار يورو/ الشهر، ومن المتوقع أن يستمر لحين وصول التضخم للمستوى المطلوب بنسبة 2 بالمئة. لذلك، شهد مؤشر Sentix لثقة المستثمرين، ارتفاعا ملحوظا، حيث ارتفع من 12.4 إلى 18.6، كما ارتفع مؤشر مديري المشتريات من 53.7 إلى 54.3.
وشهدت الأسواق الأمريكية انخفاضا بنسبة -1.7 بالمئة خلال شهر مارس. إذ اتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في اجتماعه خلال شهر مارس إلى موقف أقل إصرارا على الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة لتحفيز النمو. وعلى الرغم من استمرار سوق العمل في التحسن في شهر فبراير الماضي، إلا أن بعض مؤشرات الاستهلاك كانت مخيبة للآمال حيث استمر التراجع في مبيعات التجزئة للمرة الثالثة على التوالي عند -0.6 بالمئة على أساس شهري، بالإضافة إلى انخفاض مبيعات السلع المعمّرة. وانخفض معدل البطالة إلى 5.5 بالمئة وهو أدنى معدل منذ عام 2008. ومع ذلك، يظل التضخم ضعيفا للغاية وبعيدا عن المستوى المستهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي عند 2 بالمئة حيث حقق مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي تضخما بلغت نسبته 0.0 بالمئة و0.3 بالمئة على التوالي على أساس سنوي.
انخفض أداء أسواق المنطقة بنسبة 5.6 بالمئة في دول مجلس التعاون الخليجي وبنسبة 5.3 بالمئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متأثرا بالمخاطر الجيوسياسية في المنطقة. إلا أن الحكومات ما زالت ملتزمة ببرامج النمو على الرغم من هبوط أسعار النفط، مما يعزز إبقاءنا على نظرتنا الإيجابية على المدى الطويل.
كما انخفض أداء أسواق البرازيل وروسيا والهند والصين والأسواق الناشئة خلال نفس الفترة بنسبة 1.9 بالمئة و1.4 بالمئة على التوالي. وظل الاقتصاد الصيني على اتجاهه المتباطئ في شهر فبراير الماضي حيث شهد الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة ونمو الاستثمار تباطؤ طفيفا، كما شهدت أسعار المنازل انكماشا في شهر فبراير من 5.1 بالمئة إلى -5.7 بالمئة على أساس سنوي. لذلك، أعلنت السلطات الصينية عن خطة استثمار بقيمة 500 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى تخفيض نسبة الرهن العقاري من 40 بالمئة إلى 30 بالمئة. ومن المتوقع أن تقوم الصين بتقديم المزيد من التحفيز حتى تحقق الحكومة النسبة المطلوبة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 ليبلغ 7 بالمئة. وقد قرر البنك المركزي في الهند تخفيض سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس لتصل إلى 7.5 بالمئة مع استمرار التضخم في الهبوط حيث حقق مؤشر سعر الجملة انكماشا إضافيا في شهر فبراير من -0.4 بالمئة إلى -2.1 بالمئة على أساس سنوي، واستقر مؤشر سعر المستهلك عند 5.4 بالمئة على أساس سنوي وذلك تماشيا مع نطاق الأهداف المحددة من قبل البنك المركزي. بالإضافة إلى ذلك، تستفيد الهند من انخفاض أسعار النفط لطرح إجراءات سياسة نقدية توسعية لزيادة الإنفاق الرأسمالي وتخفيض ضريبة الشركات بنسبة 5 بالمئة لتصل إلى 25 بالمئة.
وشهدت الأسواق الآسيوية ارتفاعا طفيفا بلغ 1 بالمئة. فقد كانت الاقتصادات الآسيوية ضعيفة خلال شهر مارس لكنها كانت مدعومة باتجاه التحفيز النقدي على مستوى آسيا الناشئة. وقد تم تخفيض تقدير نمو الناتج المحلي الإجمالي لليابان في الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث من 2.2 بالمئة إلى 1.5 بالمئة على أساس سنوي، وتراجع التضخم في شهر مارس من 2.4 بالمئة إلى 2.2 بالمئة. كما تراجع نمو الصادرات اليابانية من 17.0 بالمئة إلى 2.4 بالمئة على أساس سنوي في شهر فبراير الماضي، وذلك على الرغم من أسعار الصرف المنخفضة. وفي كوريا، أدى تباطؤ النمو الاقتصادي إلى دفع بنك كوريا لتخفيض أسعار الفائدة بواقع 25 نقطة أساس لتصل إلى 1.75 بالمئة. كما قام بنك تايلاند بتخفيض سعر الفائدة الخاص بسياسته الرئيسية بواقع 25 نقطة أساس ليصل إلى 1.75 بالمئة.
وبالنظر إلى المستقبل، تظل نظرتنا المستقبلية لأسواق المنطقة إيجابية على المدى الطويل. وبرأينا أن الأرباح الجيدة للشركات والنشاط الاقتصادي القوي مدعوما بالطلب المحلي القوي، والإنفاق الحكومي على البنية التحتية، والنمو في الائتمان الموجه إلى القطاع الخاص كل ذلك سوف يعزز الاتجاه العام لأسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي دول مجلس التعاون الخليجي، كما سيدعم اتجاه الأسواق نحو الارتفاع.