صدرت مؤخراً رواية جديدة للكاتب المصري مجدي يونس بعنوان «سارق الموتى واللعنات السبع»،  والتي سيشارك بها في معرض الكتاب القادم في القاهرة 2020 وفي معارض أخرى بالجزائر والإمارات وغيرهما ، بعد نجاح مشاركته في مسابقة الشيخ زايد للكتاب من خلال المجموعة القصصية «سر المذبوح»   
وبأسلوب مشوق جاذب للقارئ كعادته ، كتب يونس في روايته الجديدة يقول: تسلل والصمت من حوله يهث القلوب من الخوف ، ورغم ذلك لم يكن خائفا وسار بخطى ثابتة نحو قبر أبي العزائم ... ألقى الحقيبة على الأرض ، وأخرج منه فأسه المدبب من الجانبين ، ورتم جدار القبر الأمامي به ، ثم جثا على ركبتيه وأدخل رأسه في القبر، وأخذ ينبش لحد أبي العزائم بفأسه الصغير . شعر بسخونة في القبر، ورغم ذلك لم يأبه بها ، فقد كان عقله تحت التراب كاد يختنق من هذه الحرارة التي تطوق “ أبو العزائم “ وقبره ، هاله الأمر ــ ربما من حرارة الجو، لكننا في شهر “ ديسمبر “ حيث البرودة الشديدة والأمطار الغزيرة ، لكن ما هذه الحرارة التي تسيح القبر وتهيضه ؟  
 وجاء في الرواية أيضا:
يضع يده على رقبته ثم يقول : وإذا لم أكن موجودا انتبه لكلامه وقال : إذا لم تكن موجودا ؟ ما علاقة ذلك بك ؟ وكأن فكرة خطرت برأسه فقال وهو يتجرع ريقه كأن غصة في حلقه : ــ من أنت ؟ ــ أنا من أز قابيل ليقتل أخاه هابيل أنا من وسوس لآدم وأخرجه من الجنة رفع يده نحوه وهي ترتعش وأشار إليه بسبابته اليمنى وقال : ــ أنت ... ــ أنا وامتطى ضحكه ، وتبدلت هيئته برزت أنيابه وتلمظت عيناه لهبا أحمر واستطالت مخالبه وتجعد صوته كأنه بوق مادا صوته في حرف الواو : ــ أنا أبوووووووك قام مهرولا يغسل وجهه وأنفاسه تتصاعد كأبخرة ، مازال في رعبه ، يعجز عن الكلام ، يتلفت حوله كالمأفون ... 
ومما جاء في روايته الجديدة: 
هب واقفا مذعورا كأن الطير تتخطفه عضوا عضوا ، ثم نظر إلى القبر، وهرول مسرعا يبتعد عنه ، لجمتهما الدهشة والفزع ، فهرعا خلفه تاركين القبر مفتوحا أحس الحارس” سند “ بصمت رهيب حوله ، لم يعد يسمع أصواتهم ، فانتابته اندهاشة ، فخرج من حجرته مترقبا حذرا ليكتشف الأمر، فلم يرهم ، خطا نحو القبر في خوف ، ترتعش رجلاه والكولب في يده ينير له ، سلطه نحو فوهة القبر فرأى ما لم يكن بخطر في باله ولا في أحلامه ، كأنه الخيال أو الأحلام رأى حجارة باب القبر التي نقضوها ليخرجوا الجثة رأها تتراص بجوار بعضها ، تتحرك نحو فتحة القبر حجرا تلو الحجر وطوبة وراء طوبة في تناغم عجيب دون أن يرى أحدا يحركها أو يحملها ، تحركت الحجارة وتراصت بجوار بعضها ، حجر وراء حجر ، حجر يرتفع معتليا حجر حتى سد باب القبر ، حجارة تتحرك وتغلق باب القبر دون أن يحركها أحد ؟ ما هذا ؟ هل أنا أحلم ؟ هل أنا مازلت نائما أم أني في قمة يقظتي وصحوي ؟ أسئلة دارت في رأسه مخيمة على عينيه الجاحظتين المشتملتين بهلع وفزع مروع ، فلم يتمالك نفسه وخر مغشيا عليه . 
ويضيف يونس: أشاح الكفن الأبيض من على جسمه ، وانتصب واقفا كيوم ولدته أمه ، لم يتحلل منه شيء بأعضاء تامة حتى الشامة السوداء الزاخرة بالشعر أسفل رقبته كما هي بشعرها ونتنها لم يتغير منها شيء ، رآه يخطو نحوه ، فهابه وهاله ما يرى فتراجع بظهره للخلف محركا يديه يمنيا ويسار محاولا التمسك بشيء حتى لا يخر على الأرض أو يتخذه حماية له من هذا القادم عليه عاريا وهو ويضحك ، بينما هو يتولى بظهره للخلف قد محشه الخوف وصهره الهلع وهو يصيح : ــ ابتعد عني ، ابعتد عني ، اذهب إلى الدرك الأسفل من النار ، عليك لعنة الله إلى يوم الدين . ــ كلنا ملعونون يا كاشف . 
ونسرد اليكم جزء أخيرا قال فيه: لعنة أصابتني وأصابتكم من بعدي تعرق جبينه في شدة البرد القارص وصرخ به : ــ أي لعنة ، تكلم ، تكلم ماذا حدث لأولادي ؟ ومن قتلهم ؟ انحنى بجسده يرفع كفنه ويلفه عليه ثم ينظر إليه ويقول : ــ اللعنات السبع ! اللعنات السبع لم تنته بعد صاح : ــ ما هذه اللعنات السبع ؟ ماذا تقصد بذلك ؟ جلس في قبره كما كان في هيئة المتربع ، ثم قال وجدرات القبر تقترب منه : ــ سل عنها عمك سليم . التفت إليه متهيئا للحديث : ــ ما شأن عمي سليم في ..... وكانت الجدرات تقترب من بعضها في رفق حتى التحمت مرة أخرى ببعضها وعاد القبر إلى حالته السابقة فجرى نحو المقام المنشق الذي ما لبث أن التئم قبل أن يصل إليه .