لا يملك الزائر لقناة السويس اليوم الا ان يشعر بالفخر لما آلت اليه القناة التي يزيد عمرها على المئة عام وكيف استطاعت تلك البقعة المائية على ارض عربية مصرية ان تكون ممرا رئيسيا للتجارة العالمية وترمومترا يقاس به حجم تلك التجارة وازدهارها أو ركودها.
ويشير التاريخ الى ان قناة السويس الاولى (التي وافق الباب العالي على اعطاء شركة فرنسية بقيادة فرديناند دي لسبس حق الامتياز والحفر وتشغيل القناة لمدة 99 عاما وافتتحت في عام 1869) حفرها المصريون بسواعدهم ودمائهم حيث اشترك ما يقرب من مليون مصري من اصل 5ر4 مليون مصري في حفرها وسقط منهم اكثر من 100 الف شهيد خلال مدة الحفر التي استغرقت 10 سنوات نتيجة الجوع والعطش والاوبئة والمعاملة السيئة.
ويضيف التاريخ ان الشركة الفرنسية حاولت في عام 1905 تمديد حق الامتياز 50 عاما اضافية الا ان تلك المحاولة لم تنجح وفي يوليو من عام 1956 قام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس مما تسبب في اعلان بريطانيا وفرنسا بمشاركة اسرائيل الحرب على مصر ضمن العدوان الثلاثي الذي انتهى بانسحاب المعتدين تحت ضغوط دولية ومقاومة شعبية.
ويستذكر التاريخ كيف تسببت حرب 1967 في اغلاق قناة السويس لأكثر من 8 سنوات حتى قام الرئيس المصري الراحل انور السادات بإعادة افتتاحها في يونيو 1975 بعد فض الاشتباك بين مصر واسرائيل لتشهد القناة بعد ذلك عدة مشاريع لتوسيع مجراها وتقليل وقت عبورها بدأت في عام 1980 لتنتهي في اغسطس 2015 مع افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.
وفي رحلة قام بها وفد يمثل الصحافة الكويتية الى محافظة الاسماعيلية بقيادة امين سر جمعية الصحافيين الكويتية عدنان الراشد التقى الوفد برئيس هيئة قناة السويس الفريق مهاب مميش في مبنى الهيئة حيث اطلع على نبذة تاريخية عن قناة السويس ومن ثم شرح مفصل عن انجازات الهيئة ومن أين بدأت فكرة توسعة القناة وكيف تمت تلك التوسعة واعمال التكريك بالمشروع في وقت قياسي لا يتجاوز 354 يوما فقط (بدأت في اغسطس 2014 وانتهت في يوليو 2015).
وقال الفريق مميش ان فكرة انشاء قناة السويس الجديدة كانت ضرورة حتمية لرفع القدرة التصريفية للقناة (الطاقة العددية) والحفاظ على مكانتها واهميتها العالمية بصفتها اكبر واهم ممر ملاحي لحركة التجارة العالمية وقاطرة النهضة في مصر.
واضاف ان المشروع كان بمثابة البنية التحتية لمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس لاستيعاب الزيادة الكبيرة والمتوقعة في اعداد وحمولات السفن العابرة للقناة التي تقوم بنقل تجارة العالم وكذلك مستلزمات الصناعة والانتاج الكمي المنتظر من مشروع التنمية القومي لذا اقتضت الضرورة سرعة البدء في المشروع والانتهاء منه في "هذا الزمن القياسي الذي يؤكد قدرة الانسان المصري على الانجاز مهما كانت الصعوبات".
وذكر الفريق مميش ان هناك قضيتين رئيسيتين تتعلقان بحركة مرور السفن في قناة السويس اولاهما طاقة الحجم ويقصد بها قدرة القناة على استيعاب حمولات السفن المارة بالمجرى الملاحي مبينا ان القناة الاصلية تتمتع بكفاءة فائقة في تحقيق هذا المعيار حيث يعبرها 62 بالمئة من اسطول سفن النفط العالمية و92 بالمئة من سفن الصب و100 بالمئة من اسطول الحاويات فضلا عن انواع السفن الاخرى كافة.
اما القضية الاخرى وهي الطاقة العددية فيقصد بها عدد السفن التي يمكن عبورها القناة خلال فترة زمنية محددة (يوم كامل - 24 ساعة) مضيفا ان هذه الطاقة تتأثر بعدة مؤثرات هامة هي طول الاجزاء المشتركة من المجرى الملاحي والفاصل الزمني بين السفن العابرة بما يسمح بالتوقف الآمن في حالة الطوارئ وسرعة السفن العابرة حسب نوعها وحمولتها واماكن عبورها على طول المجرى الملاحي.
واشار الى ان التطور في اقتصاديات النقل البحري للاستفادة من اقتصاديات الحجم باحلال السفن الاكبر حمولة بدلا من تلك الاصغر حمولة ادى الى تزايد حمولات السفن العابرة مع تناقص اعدادها وترتب على ذلك ان اصبحت الطاقة العددية لقناة السويس في حاجة ماسة الى التطوير لامكان استقبال اعداد السفن الكبيرة التي تجاوز طلبها للعبور حدود الطاقة الحالية.
وقال "كان لزاما على هيئة القناة ان تتخذ من التدابير كل ما يحفظ لمصر اهمية قناة السويس بصفتها اكبر ممر ملاحي في العالم فكان مشروع قناة السويس الجديدة الذي تم انجازه في عام واحد ليؤكد للعالم قدرة الانسان المصري على انجاز اعظم الاعمال في وقت قياسي يذهل العالم كله".
واوضح ان الهدف من حفر القناة الجديدة هو استيعاب النمو المتوقع في حجم التجارة العالمية من خلال تحقيق اكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس بما يساعد على تقليل زمن عبور السفن بالقناة وتقليل تكلفة الرحلة البحرية فضلا عن تقليل فترات توقف السفن بمناطق الانتظار بالمجرى الملاحي الامر الذي من شأنه رفع درجة تصنيف قناة السويس والقضاء مبكرا على مجرد التفكير في قنوات بديلة بالمنطقة.
واكد الفريق مميش ان انجاز مشروع التوسعة خطوة مهمة لإنجاح مشروع محور التنمية بمنطقة قناة السويس ودفع عجلة الاقتصاد القومي المصري لتحويل مصر الى مركز تجاري ولوجيستي عالمي وزيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة التي تصب في خزينة الدولة مباشرة.
وقال ان المشروع يهدف الى زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن في القناة لتصل الى 97 سفينة يوميا عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014 وزيادة عائدات القناة لتصل الى 2ر13 مليار دولار عام 2023 بدلا من 3ر5 مليار دولار عام 2014 فضلا عن خلق ما يقرب من مليون فرصة عمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة وخلق مجتمعات عمرانية جديدة.
واضاف ان المشروع يهدف كذلك الى زيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة بعد تقليل زمن العبور بالنسبة لقافلتي الشمال ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لينخفض على اثره زمن الانتظار للسفن العابرة وهو ما سينعكس ايجابا على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن.واوضح ان ذلك من شأنه ايضا زيادة الطلب على استخدام قناة السويس باعتبارها الخيار الاول لخطوط الملاحة العالمية ورفع درجة تصنيف القناة لدى المجتمع الملاحي العالمي.