توقع مختصون نفطيون أن يستمر ضعف مستوى الأسعار خلال الأسبوع الجاري، مع احتمال تسجيل تراجعات جديدة بتأثير من حالة عدم الاستقرار الراهنة، خاصة في ضوء بيانات عن ارتفاع المخزونات وترقب تسجيل الدولار لمستويات ارتفاع جديدة في ضوء اقتراب موعد رفع الفائدة المحتمل في الشهر المقبل من قبل البنك الفيدرالي الأميركي، ما سيزيد الضغوط على أسعار الخام.
واستبعد المختصون وجود أي مؤشرات عن احتمالية إعادة النظر في مستويات الإنتاج الحالية، وذلك قبل نحو عشرة أيام من انعقاد الاجتماع الوزاري رقم 168 لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» في ظل وجود قناعة روسية كبيرة بضرورة الإبقاء على الوضع الحالي للسوق مع الثقة بأن التوازن بين العرض والطلب قادم بفعل آليات السوق وحدها ودون أي تدخلات من المنتجين.
ويتزامن ذلك مع تصريحات إيرانية عن قناعة طهران بعدم حدوث تغيير في سياسات «أوبك» خلال الاجتماع المقبل وهو ما اعتبره اقتصاديون مواجهة قوية مع دول تمارس ضغوطا على «أوبك» بقيادة فنزويلا والجزائر لخفض الإنتاج، وهو ما يتطلب من الاجتماع المقبل العمل على تفادي الصدام والعمل على تحقيق التوافق لمصلحة المنظمة والدول الأعضاء بها ولمصلحة صناعة النفط بشكل أشمل.
ويأتي ذلك في وقت تتفاقم فيه خسائر النفط الصخري الأميركي، الذي تشير التقديرات بارتفاعه إلى 62 مليار دولار مع تسجيل سعر البرميل مستوى 40 دولارا وهو ما قد يكون بداية لتراجع حالة تخمة المعروض بتأثير من تقلص الإنتاج الأميركي.
وقال، روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا البريطانية للاستشارات، إن قناعة روسيا و»أوبك» بأن آليات السوق وحدها هي القادرة على استعادة التوازن في السوق وتعافي الأسعار إلى المستوى المرضي للمنتجين، ما يجعل من مهمة الدول الداعية إلى خفض الإنتاج صعبة للغاية خلال الاجتماع الوزاري المقبل للمنظمة.
وأشار نوبل إلى أن السوق بالفعل ستتوازن على المدى الطويل، وهو ما تراهن عليه «أوبك» وروسيا ولكن بقاء الأسعار منخفضة على المدى القصير يرهق الميزانيات ويزيد الأعباء المالية على دول الإنتاج خاصة الأقل نموا وهي تسعى لقرارات عاجلة لإنقاذ اقتصاداتها لأنها لا تتمتع بتنوع الموارد أو بوجود الاحتياطات التي تمكنها من الانتظار حتى استعادة السوق توازنها. وأضاف نوبل أنه في المقابل توجد صعوبات في اتخاذ قرار بخفض الإنتاج في ضوء التنافس الشديد على الحصص السوقية خاصة بين السعودية وروسيا في الأسواق الأوروبية ولجوء روسيا لمزيد من خفض الأسعار للحفاظ على وجودها في الأسواق الأوروبية وأيضا في ظل إعلان إيران أنها سترفع صادراتها النفطية بمعدلات متسارعة دون التنسيق أو استئذان منظمة أوبك. وأضاف نوبل أن صادرات الدول المنتجة الكبرى سجلت مستويات قياسية في الشهور الماضية، وهو ما يؤكد أن المنافسة على الحصص السوقية ستتصاعد وأن الأسعار ستحقق مزيدا من الانخفاضات السعرية من أجل الحفاظ على الوجود والمكاسب في الأسواق.
من جهته، أوضح إيفليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أن الطقس الشتوي الدافئ في أوروبا أدى إلى تراجع استهلاك النفط، وبالتالي إضعاف جديد لمستويات الطلب الخاص بوقود التدفئة. مشيرا إلى أن السوق تتسم حاليا بارتفاع كبير في مستوى المخزونات وامتلاء صهاريج التخزين بمستويات قياسية، وهو ما انعكس على ضعف الأسعار المرشحة للاستمرار في الانخفاض حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل.
وأضاف ستايلوف أن ارتفاع المخزونات ستبقى مشكلة رئيسة وضاغطة على أسعار النفط، حيث وجدنا الاتجاه لاستخدام الناقلات النفطية كمستودعات للتخزين يبرز في الآونة الأخيرة، وهو ما يعني أن الأسعار ستظل ضعيفة إلى أن تحدث طفرة في الطلب وتنامي الاستهلاك حتى تكون السوق قادرة على استيعاب الفائض الكبير الموجودة في الطاقات الإنتاجية.