بخلاف أسعار الأسهم والسندات الحكومية التي تراجعت نتيجة هجمات باريس، فقد قفز المعدن الأصفر من مستويات متدنية بلغت أقل سعر لها خلال الأعوام الست الماضية، إلى مستويات سعرية مرتفعة.
وكان بث وسائل الإعلام المحلية والدولية أنباء وصورا عن تعرض العاصمة الفرنسية لسلسلة من الاعتداءات الإرهابية، كفيلا بارتفاع أسعار الذهب في الأسواق الأميركية والأوروبية والآسيوية، فقبل اعتداءات باريس بساعات بلغ سعر الأونصة في الأسواق الأميركية نحو 1073 دولار ولكن بمجرد ورود أخبار الهجمات ارتفع السعر في البورصات الأميركية إلى 1091 دولار للأونصة وقفز إلى 1098 في الأسواق الآسيوية، أما في أوروبا فقد بلغت الزيادة 0.7 بالمئة ليصل إلى 1091.56 للأونصة.
وقد تبدو أنباء ارتفاع أسعار المعدن النفيس جيدة للأسواق التي تشهد تدهورا سعريا في قيمة الذهب منذ قرابة العامين تقريبا، لكن السؤال الذي يسعى الجميع للحصول على إجابة عنه الآن هو: هل سيحافظ الذهب على ارتفاع أسعاره، أم أنه ارتفاع مؤقت وسيعاود سيرته الأولى ويواصل الانخفاض؟.
سيمون مار الاستشاري السابق لمجلس الذهب العالمي ومساعد المدير التنفيذي للمجموعة الدولية للاستشارات المالية يعتقد أن سوق الذهب الدولي يمر بمرحلة مضطربة حاليا، تتسم بالضبابية وغياب صورة واضحة عن التوقعات المستقبلية.
وحول أسباب هذا الوضع يقول سيمون مار، إن مجموعة العوامل الخارجية المحددة للأسعار تتسم بالسيولة، وعدم اليقين، وفي سوق حساس كسوق الذهب ينعكس ذلك بشدة على الطلب ومن ثم على السعر.
وأشار سيمون مار إلى أن هناك ارتفاعا في الأسعار بعد أحداث باريس، والمتوقع أن يستمر الارتفاع لبعض الوقت حتى تهدأ الأمور، وتتراجع حالة الاضطراب النفسي التي أصابت الأسواق جراء هذا العمل الإرهابي، ومن ثم تنخفض أسعار الذهب مجددا، لكن هذا السيناريو يمكن ألا يتحقق ويواصل الذهب صعوده إذا ما وقع عمل إرهابي آخر بالدرجة نفسها من القوى، أو اتخذ قرارٌ سياسي بإرسال قوات لمواجهة الإرهابيين، أو أن يقوم المجلس الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة، فإذا ما حدث هذا فإن موجة ارتفاع أسعار المعدن النفيس ستتواصل وربما تزداد قوة.
وتظل التوقعات المتعلقة بمستقبل أسعار الذهب مرتبطة بعاملين أولهما أسعار الفائدة الأميركية والآخر الطلب الصيني على الذهب، وتشير التقارير الواردة من الصين إلى تحسن الطلب على المعدن الأصفر من جراء انخفاض السعر والقلق الشعبي من قيام الحكومة الصينية بتحرير تام للعملة المحلية اليوان ما قد يؤدي إلى انخفاض قيمته في مواجهة الدولار. ومع مراقبة المختصين للطلب الصيني على الذهب وتضارب التوقعات بشأن إقدام الفيدرالي الأميركي على رفع أسعار الفائدة الشهر المقبل، وما قد يكون لذلك من تأثير سلبي في أسعار الذهب، فإن المختصين يتابعون بدقة الموقف الروسي في أسواق الذهب الدولية.