يمثل التباين الصارخ بين اللون الأخضر المفعم بالحياة في حقل للقنب (الحشيش) والأراضي القاحلة القريبة منه في سهل البقاع اللبناني معضلة منذ سنوات بالنسبة للمزارعين الفقراء في المنطقة.
ونبات الحشيش أكثر صلابة وأقل احتياجا للمياه وأرخص ثمناً من المحاصيل الرئيسية الأخرى كالتفاح والبطاطا (البطاطس)، لكن زراعته غير قانونية حتى الآن.
وقال رئيس البرلمان في الشهر الماضي إن البرلمان سينظر في إضفاء الشرعية على زراعته للاستخدامات الطبية، لكن بعض الناس في البقاع غير مقتنعين بأن تغييرا حقيقيا سيحدث.
وقال أبو محمد وهو مزارع قنب يبلغ من العمر 52 عاما في بلدة اليمّونة في سهل البقاع ”أنا بصدق إنه عم يلهونا متل واحد .. عم يعطوه خد هالعضمة.. كلب عم يعطوه عضمة إنه خد اسكت.. لأن الشعب جاع مزبوط ما عاد في يتحمل اللي عم يصير“.
ويقول طلال شريف، وهو رئيس بلدية اليمّونه في البقاع الشمالي، إن هناك حوالي 35 ألف شخص تلاحقهم الشرطة في المنطقة بتهمة زراعة الحشيش.
ويضيف ”دولة عم تقول والله نحن بدنا نشرع الحشيشة.. أوكي نحن مع التشريع ليه؟ ... في بالمنطقة 30 إلى 35 ألف بني آدم مطلوبين من ورا زراعة الحشيشة عالأكيد ساعة اللي بتتشرع ما بيعود في عنا العدد هادا من المطلوبين“.
والأمر الذي يغضب بعض الناس في البقاع هو الشعور بأنهم ليس لديهم خيار آخر سوى زراعة محصول غير قانوني.
وقال أبو عبدو مظلوم (40 عاما) وهو من سكان بلدة بريتال القريبة والذي قضى سنوات في السجن بسبب مخالفة تتعلق بالحشيش إن ارتفاع معدل البطالة هو ما دفع المزارعين إلى زراعة بضعة كيلومترات مربعة من الحشيش.
ويوضح أبو عبدو وهو أحد الناشطين في موضوع تقنين الحشيش ”هول بيجيبوا شوية مصاري للناس بس مانون حل لأن حرام هول ناس معترين (فقراء)“.
وأثار رئيس البلدية، طلال شريف، إمكانية تنظيم زراعة الحشيش بالطريقة نفسها التي تُنظم بها زراعة التبغ بحيث تقوم الحكومة بشراء المحصول بسعر محدد.
ويقول إن هناك حوالي 1500 كيلومتر مربع من الأراضي المستخدمة في زراعة الحشيش يملكها حوالي 150 شخصًا يوظفون مئات العمال السوريين المؤقتين.
وفي الوقت الراهن، ليس هناك احتمال يذكر للتحرك سريعا نحو إضفاء الشرعية على زراعة الحشيش. فبعد ما يقرب من أربعة أشهر من الانتخابات العامة، لا تزال الأحزاب السياسية اللبنانية تختلف حول تشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
لكن في بلدة بر إلياس القريبة، يقول المزارعون إنهم يواجهون الصعاب. وقال أحد المزارعين ويدعى خالد عريجي إن محصوله الأخير من الخضار عانى بشكل كارثي بسبب الجفاف. فالنهر الذي يرويه قد جف. وقال إنه حتى الطيور لا تجد الماء لتشرب.
وقال إنه سيزرع الحشيش بدلاً من ذلك إذا سمحت الحكومة.
وأضاف ”هالمزارع ما بده يغنى. بده يشتغل بالصيف بس حتى يُؤْمِن مونة الشتاء حتى يقدر يعيش بالشتاء يدفع أقساط المدارس لأولاده“.