جالت صور مايا، الطفلة السورية التي ولدت من دون ساقين وتتنقل بواسطة طرفين مصنوعين من علب معدنية، العالم، وأثارت صدمة وتعاطفاً واسعاً. اليوم، نقلت مايا إلى تركيا حيث تستعد لبدء صفحة جديدة من حياتها.
ويتعهد طبيب العظم الذي يعالج الطفلة البالغة من العمر ثماني سنوات في إسطنبول، أمام والدها قائلاً "مايا ستمشي".
ونشرت وكالة فرانس برس ووسائل إعلام أخرى قبل عشرة أيام صوراً تظهر فيها مايا مرعي وهي تتنقل بصعوبة بمساعدة علب معدنية وأنابيب بلاستيكية في مخيم للنازحين في إدلب في شمال غرب سوريا.
وصَنَع هذه الاطراف الاصطناعية محمد مرعي والد مايا (34 عاماً) الذي ولد هو أيضاً مصاباً بالتشوه الخلقي نفسه.
دفعت صورهما الهلال الاحمر التركي إلى إجلاء الطفلة ووالدها بسرعة من إدلب، وأُدخلا إلى عيادة متخصصة في اسطنبول.
ويردد الطبيب محمد زكي تشولجو الذي يعتني بهما "مايا ستمشي. آمل أن يحصل ذلك في الأشهر الثلاثة المقبلة".
وكان محمد مرعي وأفراد عائلته يقيمون في قرية في ريف حلب الجنوبي (شمال)، ونزحوا في بداية السنة هرباً من المعارك.
حتى قبل بضعة أشهر، كانت مايا تتنقل زحفاً كوالدها، لكن بعد خضوعها لعملية جراحية زادت من قصر ساقيها المبتورَتين، لم تعد قادرة حتى على الزحف.
ويروي والدها قائلاً "بعد العملية، لم يعد بإمكانها التنقل، وكانت تلازم الخيمة". ولمايا شقيقان وثلاث شقيقات لا يشكون من هذا التشوّه.
ويضيف الوالد "من أجل أن أدفعها الى الخروج من الخيمة، أتتني فكرة تزويد الساقين المبتورتين بقطعة أنبوب بلاستيكي محشو بالاسفنج لتخفيف الضغط على الطرفين. ثم أضفت إليه علبتي تونة فارغتين، لأن الأنبوب لم يكن يصمد بشكل كاف لدى احتكاكه بالأرض".
متسلحة بهذا الجهاز المستحدث، عادت مايا لتتنقل خارج المخيم، وكانت تذهب بمفردها إلى مدرسة المخيم. وكان الوالد يستبدل الأنبوبين مرة في الشهر، وعلبتي التونة مرة في الأسبوع.
كانت الصدمة بادية على مايا في عيادة اسطنبول. جلست بين ذراعي والدها الجالس بدوره على كرسي نقّال من دون أن تتلفظ بكلمة.
وسيوضع للوالد أيضاً طرفان اصطناعيان في العيادة التركية، كما لابنته. لكنه قلق خصوصاً على مصير ابنته. ويقول "المهم أن تتمكن هي من المشي لتصبح مستقلة. سيكون ذلك بمثابة حياة جديدة بالنسبة إلينا".
يقول الدكتور تشولجو إنه "تأثر كثيراً" بصور مايا وهي تتنقل بواسطة معلبات. وقرّر أن يأخذ على عاتقه كلفة الطرفين الاصطناعيين.
ويضيف "نتلقى اتصالات من أشخاص من العالم أجمع يريدون التبرع، لكن هذا الموضوع مقفل. أنا أتكفل بالكلفة".
ويرى أن الجهاز البدائي الذي صنعه والد مايا في مخيم إدلب، سيساعد الطفلة على المشي بشكل أسرع بعد تركيب الطرفين الاصطناعيين.
ويتابع "لم يكن ذلك طرفاً اصطناعياً، لكنه كان نظاماً لمساعدة مايا على المشي. استمدَّ الطاقة من اليأس، وحوّل الألم إلى أمل".
ويقول "سنستفيد من هذا النظام الذي منحها أساساً لتمشي، وسيكون في إمكاننا الانتقال بشكل أسرع إلى مرحلة الحفاظ على التوازن".