منح الرئيس شي جين بيغ، ميدالية الصداقة الصينية الأولى لنظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الجمعة، في الوقت الذي يحاول الجاران العملاقان تعزيز العلاقات بينهما في مواجهة التحديات الدبلوماسية والاقتصادية الأمريكية.
ووضع شي الميدالية الذهبية الكبيرة حول عنق بوتين في قصر الشعب المهيب أمام شخصيات من البلدين.
وقال شي إنه "أعلى وسام شرف" يمنح لأجانب قدموا "إسهامات متميزة" لحملة التحديث في البلاد وساهموا في الحفاظ على سلام العالم.
وأضاف، أن "ميدالية الصداقة هذه تعبر عن الاحترام الكبير الذي يكنه الشعب الصيني للرئيس بوتين، وترمز إلى الصداقة العميقة بين الصين وروسيا".
ونسج بوتين وشي أقوى رئيسين لروسيا والصين في عقود، علاقات وثيقة فيما وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدولتين بالمنافسين الاقتصاديين اللذين يتحديان المصالح والقيم الأمريكية.
وقبل مراسم منح الميدالية أكد بوتين، أن الرئيسين أجريا محادثات "مثمرة". وقال إن "العلاقة بين روسيا والصين علاقة ودية وبين جيران تتطور في دول لديها روحية بناء شراكة استراتيجية".
لفت المحللون إلى تشابه أسلوب القيادة لدى الرئيسين.
وصرح الباحث الكبير في مركز "كارنيغي" في موسكو، الكسندر غابويف، أن شي وبوتين "متقاربان فكرياً ويريدان أن يعيدا العظمة إلى دولتيهما".
وتابع غابويف: "كلاهما يتقاسمان الشكوك إزاء الهيمنة الأمريكية ولا يثقان بالنوايا الأمريكية وكلاهما حاكمان لديهما صلاحيات مطلقة".
وأعيد انتخاب بوتين لولاية رابعة في الكرملين في مارس (آذار) الماضي. وفي الشهر نفسه مهدت الطريق أمام شي للبقاء في الحكم مدى الحياة بعد أن ألغى البرلمان الذي يهيمن عليه الشيوعيون عدد الولايات الرئاسية.
وتخوض الصين مفاوضات شاقة مع الولايات المتحدة لتفادي حرب تجارية بينما هناك خلافات عميقة بين موسكو وواشنطن حول عدة جبهات دبلوماسية بما فيها سوريا وأوكرانيا.
وقال شي: "كلانا يعتقد أن الحمائية التجارية الحالية قد زادت، وهناك الكثير من الشكوك في استعادة اقتصاد العالم عافيته. العولمة الاقتصادية والتكامل الاقتصادي الإقليمي هما نهج هذه الأوقات".
وشدد بوتين على علاقته مع "صديقه العزيز" شي في مقابلة مع قناة "سي جي تي ان" الرسمية الصينية. وقال إن شي كان الرئيس الوحيد الذي احتفل بعيد ميلاده معه، بتناول النقانق وشرب الفودكا.
وقال بوتين للتلفزيون الصيني، إن شي "شخص صادق من السهل التقرب منه. كما أنه يمكن الاعتماد عليه بشكل كبير".
صرح بوتين للصحافيين اليوم الجمعة، أن الزعيمين ناقشا الوضع في شبه الجزيرة الكورية. وقال: "من الإيجابي أن المفاوضات الكورية الكورية التي بدأت، تسير ضمن خطوط خارطة الطريق الروسية الصينية للتوصل إلى حل للوضع الكوري".
وأضاف، أن "الاتصالات الروسية الكورية الشمالية الأخيرة تؤكد استعداد بيونغ يانغ للعمل بشكل بناء".
وتدعم روسيا مقترح الصين لمقاربة من "مسارين" و"تعليق مقابل تعليق" يعرض وقف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية مقابل وقف التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وقال بوتين أيضاً إنهما ناقشا إيران دون تقديم تفاصيل.
علقت مدير معهد دراسات الإعلام الدولية في جامعة ولاية جورجيا الأمريكية، ماريا ريبنيكوفا، أن الصين تجعل روسيا تبدو "أقوى وأكثر أهمية" على الساحة الدولية.
من جانبها، تفيد روسيا الصين بأنها تعتمد عليها عندما تقول للولايات المتحدة أن لديها "خيارات أخرى" في مفاوضاتها الدولية.
وأكدت ريبنيكوفا، أن "سياسات ترامب تبرر هذا التقارب المتزايد خصوصاً بالنسبة إلى روسيا وأيضاً للصين بالنظر إلى العلاقة غير المستقرة مع الولايات المتحدة".
ومن المقرر أن ينضم بوتين بعد زيارته إلى بكين، إلى شي لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون في نهاية الأسبوع والتي تستضيفها مدينة كينغداو في شرق الصين.
وتقود الصين وروسيا المجموعة الأمنية الاقليمية التي تضم الجمهوريات السوفيتية السابقة والعضوين الجديدين الهند وباكستان.
وأكد بوتين لمحطة "سي جي تي ان"، أن منظمة شنغهاي كان لديها أهداف "صغيرة" عندما تأسست قبل عقدين من الزمن، لكنها الآن تتحول إلى قوة دولية أكبر.
ويحضر الرئيس الإيراني حسن روحاني التي تشارك بلاده بصفة مراقب، القمة في وقت تسعى الصين وروسيا لإنقاذ الاتفاق النووي مع طهران في اعقاب انسحاب ترامب منه.