خفض صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير الصادر في شهر أكتوبر توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي للمرة الثالثة خلال العام الحالي بسبب ضعف أسعار السلع الأساسية، حيث تم تخفيض معدل نمو الاقتصادي العالمي للعامين 2015 و2016 بمقدار 20 نقطة أساس ليصل الى 3.1 بالمئة و3.6 بالمئة بالمقارنة مع المعدل المتوقع في تقرير شهر يوليو الماضي، ذلك كما ورد في تقرير شركة كامكو للاستثمار، هذا وقد كان التخفيض الأكبر من حصة منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتي تم تخفيض معدل نموها بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية خاصة النفط وانخفاض الطلب من الصين وضيق الأوضاع المالية العالمية في بعض الاقتصادات الصاعدة في المنطقة.
يشير انخفاض توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى ضعف أسعار السلع الأساسية وتأثيرها على الدول المصدرة في جميع أنحاء العالم. ووفقا لتحليل صندوق النقد، يعزى السبب الأساسي في انخفاض أسعار السلع الأساسية طوال السنوات الثلاثة الماضية إلى عوامل دورية وهيكلية على حد سواء. ومن المتوقع أن يؤثر هذا الانخفاض المستمر على النمو الاقتصادي في الدول المصدرة للسلع الأساسية بمقدار نقطة مئوية واحدة سنويا في الفترة ما بين عام 2015 وعام 2017. أما بالنسبة للدول المصدرة للطاقة ومن ضمنها دول الخليج، يتوقع أن يكون تأثير انخفاض أسعار السلع الأساسية أكثر من الضعف بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال العام الماضي، كما ومن المتوقع أن تشهد هذه الدول تباطؤا في معدل النمو يبلغ حوالي 2.25 بالمئة خلال الفترة ذاتها.
هذا ومن المتوقع أن يبقى معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طفيفا ومتماشيا تقريبا مع التقديرات السابقة. ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، يتوقع أن تواجه الدول المصدرة للنفط في المنطقة موقفا صعبا على الصعيد المالي وعلى صعيد إجراءات السياسة النقدية في حين يتوقع أن تشهد الدول المستوردة للنفط في المنطقة انتعاشا سريعا.
النمو الاقتصادي
يتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط والتوترات الجغرافية السياسية في بعض البلاد في المنطقة إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي خلال عام 2015 والذي انخفض إلى نسبة 2.3 بالمئة بتراجع مقداره 40 نقطة أساس بالمقارنة مع التقديرات السابقة. ومع ذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تهدأ حدة هذا التراجع بالتدريج في عامي 2016 و2017. هذا وفي الوقت الذي تتكبد فيه الدول المصدرة للنفط خسائر، تتزايد مزايا انخفاض أسعار النفط تدريجيا بالنسبة للدول المستوردة للنفط مدعومة بالإصلاحات الاقتصادية والنمو في منطقة اليورو يقابلها جزئيا ظروف غير مواتية بسبب تراجع ثقة المستهلك.
شهدت توقعات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي تغيرات إيجابية وسلبية على حد سواء. وكانت أهم التغيرات الملحوظة في قطر التي انخفض معدل نموها المستهدف لعام 2015 بمقدار 240 نقطة أساس ليصل إلى 4.7 بالمئة، و4.9 بالمئة لعام 2016 بتراجع مقداره 150 نقطة أساس. ومن الجدير بالملاحظة أن معدل النمو التاريخي المسجل في عام 2014 قد تم تعديله بمقدار 220 نقطة أساس ليصل الى 4.0 بالمئة. إضافة إلى ذلك، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي للكويت بمقدار 60 نقطة أساس لعام 2015 ليصل إلى نسبة 1.2 بالمئة في حين خفضت توقعاتها للنمو في عام 2014 بنحو 120 نقطة أساس (بمعدل لا يتجاوز 0.1 بالمئة). أما من الناحية الإيجابية، رفع صندوق النقد توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي للسعودية بمقدار 60 نقطة أساس ليصل إلى 3.4 بالمئة لعام 2015 في حين خفضها بنسبة طفيفة مقدارها 20 نقطة أساس لعام 2016 ليصل إلى نسبة 2.2 بالمئة.