قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد «إن الصندق قد يمضي قدما في خطوات مؤقتة لإعطاء الأسواق الناشئة كلمة أكبر على الرغم من تلكؤ الكونجرس الأميركي في اتخاذ قرار بشأن الموافقة على إصلاحات أوسع في مجال الحوكمة».
وبحسب «رويترز»، فإن الإصلاحات التي تم الاتفاق بشأنها في 2010 ستضع البرازيل والصين والهند وروسيا ضمن أكبر عشرة مساهمين في الصندوق، لكنها ما زالت بحاجة إلى موافقة الكونجرس ما يحبط الأسواق الناشئة التي دفعت بقوة من أجل مزيد من حقوق التصويت ويثير تحذيرات من أوروبا بشأن مخاطر عزلة أميركية.
ويبدو أن صناع السياسات في صندوق النقد بصدد طرح أفكار جديدة بخصوص سبل المضي في الإصلاحات بحلول منتصف (ديسمبر)، فيما تعتقد لاجارد أن الوقت «يضيع».
وأضافت خلال مؤتمر صحفي أنه «إذا استمر الوضع لفترة أطول قليلا فسيتعين علينا البحث عن حل بديل»، مشيرة إلى أن ذلك لن يكون بديلا عن الإصلاح الشامل.
وأحد الخيارات المطروحة هو استحداث زيادة خاصة في حصص الاقتصادات الناشئة الرئيسية في الصندوق من دون الحاجة إلى أي تغيير في موقف الولايات المتحدة لكن مجموعة الاقتصادات الـ 24 النامية واصلت الضغط من أجل بديل أعمق.
ومن شأن اتخاذ حلول وسط أن يقلل الضغط على الكونجرس الأميركي لإقرار التغييرات، وأوضح أوجستين كارستنز محافظ البنك المركزي المكسيكي الذي يرأس اللجنة الاستشارية للصندوق، أن أفضل حل ممكن سيكون في تعامل الولايات المتحدة مع الأمر، فهذا هو أفضل خيار ونأمل أن يتحقق هذا.
وأشارت لاجارد للمرة الأولى إلى أنها مستعدة لتولي فترة ثانية كمدير عام لصندوق النقد الدولي.
وأبدت لاجارد استعدادها خلال مؤتمر صحفي في العاصمة البيروفية ليما التي تستضيف الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي، لئلا يكون هذا هو آخر اجتماع سنوي لها، مشيرة إلى أن القرار ليس راجعا لها وإنما يرجع إلى الأعضاء، وقالت «لقد خدمت وبذلت أقصى ما في وسعي وأنا مستعدة للخدمة». وتنتهي ولاية لاجارد في منتصف 2016 وقد ذكرت في وقت سابق أنها ستتخذ قرارا بشأن ولاية ثانية بحلول نهاية العام الجاري.
ورحب فولفجانج شويبله وزير المالية الألماني بتعليقات لاجارد، قائلا «إنه مسرور لسماع ذلك»، مؤكدا أنه سيدعم لاجارد في تولي فترة ثانية.
وإذا احتفظت لاجارد بمنصبها، فسيكون ذلك استمرارا لاتجاه سائد بأن يتولى أوروبي رئاسة هذه المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها. وواجه كبار المسؤولين الماليين في العالم معادلة صعبة تكمن في تعزيز النمو الاقتصادي مع الاستجابة إلى الضرورات المناخية الملحة، على خلفية الشكوك المستمرة حول آفاق الاقتصاد العالمي.
وحذر صندوق النقد الدولي من تزايد المخاطر في الأسواق الصاعدة، في الوقت الذي سيؤدي فيه النمو الاقتصادي القوي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الاستقرار المالي في المنطقتين.
وقال الصندوق في تقرير «إنه رغم هذا التحسن في الاقتصادات المتقدمة، فإن هشاشة الأسواق الصاعدة ما زالت تتزايد، والرغبة في المخاطرة تتراجع، مع تزايد مخاطر السيولة».
واعتبرت لاجارد أن اتفاقية التجارة الحرة للدول المطلة على المحيط الهادئ المعروفة بمسمي «الشراكة عبر المحيط الهادئ» ستعزز النمو الاقتصادي العالمي.
كانت 12 دولة آسيوية وأميركية مطلة على المحيط الهادئ قد أعلنت الإثنين الماضي التوصل إلى الاتفاق التجاري الذي سيؤدي إلى إلغاء أغلب الرسوم والقيود المفروضة على حركة التجارة والاستثمار بين هذه الدول.
وينتظر صندوق النقد الكشف عن باقي تفاصيل الاتفاق الذي يقع في 30 فصلا، لكن وجود اتفاق تجاري لمنطقة تضم 800 مليون نسمة وتمثل نحو 40 بالمئة من حجم الاقتصاد العالمي، ستطلق نمو الوظائف والاقتصاد وستفتح مزيدا من الحدود، بحسب لاجارد.
وأشارت لاجارد إلى أن هذا الاتفاق التجاري من حيث المبدأ يمثل خطوة لإطلاق مثل هذه الإمكانيات، وانطلاقة لخلق بعض القيم، وفتح مزيد من الحدود، معتبرة أن جمع 40 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي للعالم معا يعني أساسا إطلاق النمو الاقتصادي. من ناحيته، قال جيم يونج كيم رئيس البنك الدولي في ليما «إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ يمكن أن تكون نبأ سارا للغاية بالنسبة إلى أميركا اللاتينية».
وتضم الاتفاقية الجديدة أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام.
وأضاف كيم أن «التأثير المتوقع لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ يمكن أن يساعد على تعزيز النمو في أميركا اللاتينية. ويشمل الاتفاق إلغاء أو تخفيض نحو 18 ألف رسم جمركي على السلع الصناعية والزراعية بما في ذلك المنسوجات والملابس وقواعد تجارة الخدمات والمنتجات المالية مع الالتزام بحرية التجارة الإلكترونية والإنترنت. ويتضمن الاتفاق قواعد براءات الاختراع وحماية العلامات التجارية وغيرها من موضوعات حماية حقوق الملكية الفكرية في منطقة التجارة الحرة بما فيها من بنود خاصة بصناعة الأدوية وتطبيق القواعد البيئية والعمالية.
إلى ذلك، عبرت الدول الفقيرة والناشئة في مجموعة الـ 24 عن «قلقها» من استراتيجيات الشركات المتعددة الجنسيات للإفلات من الضرائب وطالبت بإشراكها بشكل أكبر في خطة مكافحة هذه الممارسات التي سيقرها وزراء مالية مجموعة العشرين في ليما.
وأشارت مجموعة الـ 24 التي تضم خصوصا الهند وساحل العاج والأرجنتين في بيان، إلى أنهم قلقون من التأثير السلبي للتجنب الضريبي وخصوصا للشركات المتعددة الجنسيات، على استمرارية المالية العامة. وتثير الشركات المتعددة الجنسيات استياء الشركات الكبرى وخصوصا الأميركية منها بسبب استراتيجياتها لخفض التزاماتها الضريبية باستمرار.
وأفادت الأمم المتحدة في تقرير أخيرا أن هذه الممارسات تسبب خسائر بقيمة 100 مليار دولار من عائدات الدول الفقيرة، فيما يعتبر البنك الدولي هذا التهرب الضريبي شكلا من أشكال الفساد. ويفترض أن تقر القوى الكبرى في مجموعة العشرين في ليما خطة لمكافحة هذه الممارسات التي تقلص موارد الدول الـ 24 الأعضاء التي دعت إلى ضمان مشاركة الدول النامية في تطبيق الخطة على قدم المساواة مع الدول الثرية.