قال رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة الدكتور فيليب ديبيش ، أن الكفة تميل تدريجيا لمصلحة إنتاج دول أوبك، في ظل مؤشرات السوق التي تؤكد أن الإنتاج الصخرى الأميركي سيواجه تراجعات حادة خلال العام المقبل، وأن «أوبك» ستستحوذ على حصص أكبر في السوق. وأشار إلى أن العامل السلبي الضاغط حتى الآن على الأسعار، هو الأداء الاقتصادي المتواضع في دول الطلب سواء أميركا أو الصين أو اليابان، إضافة إلى ألمانيا، مبينا أنه لو نجحت هذه الدول في تحفيز اقتصادياتها يمكن لسوق النفط أن تستعيد توازنها بشكل أسرع.
واتفق ديبيش، مع ما ذهبت إليه «أوبك» بأن الأزمة الحالية لن تستمر طويلا، وأن توازن السوق قادم بفعل تقلص المعروض من جانب ونمو الطلب من جانب آخر، مشيرا إلى أن وضع الاستثمارات النفطية مقلق بعض الشيء بسبب تحقيقها نسبها انخفاضات تاريخية تقترب من 20 بالمئة. فيما توقع نجاح الاتصالات والمشاورات المرتقبة بين السعودية وروسيا خلال الشهر الجاري لدعم سوق النفط، مشيرا إلى أنه بمجرد إعلان روسيا مبادرتها للحوار مع المنتجين انعكس ذلك إيجابيا وسريعا على أسعار النفط.
يأتي ذلك تزامنا مع تماسك أسعار النفط الخام بعد الانخفاض، بعد أن حققت مكاسب جيدة في اليوم السابق بلغت 1.5 بالمئة، وذلك في علامة جديدة على استمرار التقلبات السعرية وعدم استقرار السوق، بسبب تجاذب الأسعار بين عدد من العوامل المهمة والمتضادة.
وتأثرت السوق ببيانات اقتصادية ضعيفة صادرة من ألمانيا، وهي رابع أكبر مستهلك للنفط في العالم والأولى أوروبيا، ما عمق المخاوف حول مستوى الطلب العالمي، وتزامن ذلك مع حالة ترقب في السوق لمستوى المخزونات النفطية هذا الأسبوع.
وجاءت بيانات ألمانيا لتضيف أعباء جديدة إلى منظومة الطلب التي تعان في نفس الوقت تراجع النشاط الصناعي والوظائف في الولايات المتحدة، وتأخر تعافي الاقتصاد الصيني من حالة الانكماش وتباطؤ النمو، ونفس الشيء يمتد إلى اليابان وهي ثالث أكبر مستهلك للنفط. وتترقب الأوساط الاقتصادية الدولية نتائج أعمال لجنة الخبراء السعودية الروسية نهاية الشهر الجاري، التي ستبحث أزمة تراجع أسعار النفط وكيفية التنسيق بين كبار المنتجين، لدعم تعافي السوق ونموها وحماية الاستثمارات من التهديدات بالتقلص الحاد نتيجة انخفاض أسعار النفط الخام. وجاءت بيانات عن تقلص الصادرات النفطية الإيرانية إلى أدنى مستوى لها في سبعة أشهر كمفاجأة للسوق التي توقعت تسارع نمو الصادرات النفطية الإيرانية، عقب توقيع الاتفاق الإيراني الغربي في يوليو الماضي، ما يؤكد الصعوبات التي تواجهها الحكومة الإيرانية في القفز بمعدل نمو الصادرات، رغم التوصل إلى تسوية نهائية مع الدول الغربية الست.
فيما تلقت السوق بارتياح تصريحات صادرة عن منظمة «أوبك»، تؤكد تقلص المعروض النفطي وتراجع حالة الوفرة السابقة بسبب انخفاض الأسعار وانكماش الاستثمارات، مع التأكيد على أن حالة الوفرة التي قادها الإنتاج الأميركي الصخري في 2014 قد تواجه حالة تقلص واسعة في 2016.
من جانبه، أكد أوسكار إنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أنه لا يمكن إغفال دور العامل السياسي في تحقيق استقرار أسعار الطاقة في العالم،
وأشار إلى أن الوضع في السوق ليس سلبيا وهناك عديد من المؤشرات الإيجابية على التعافي، رغم استمرار تأثير عدد من العوامل السلبية التي أرهقت السوق منذ حزيران (يونيو) 2014، وفي مقدمة ذلك وفرة المعروض التي تقودها حاليا روسيا و»أوبك» في مقابل مخاوف من تباطؤ اقتصادي يطال الاقتصاديات الكبرى في العالم.
وأوضح أنديسنر، أن قضية الصادرات الإيرانية ليست سهلة كما تصورها البعض عقب توقيع الاتفاق الإيراني الغربي، مبينا أن الواقع العملي أثبت أن القفز بصادرات إيران النفطية يحتاج إلى وقت وإلى ضخ استثمارات كبيرة في وقت يتقلص فيه الاستثمار النفطي في كل دول العالم.
وبين، أن صادرات إيران من النفط سجلت أدنى مستوى في سبعة أشهر خلال الشهر الجاري، وهو ما يؤكد هذه الحقيقة ويبدد المخاوف من وفرة في المعروض العالمي وأن الطريق ما زال طويلا أمامها لاستعادة الحصة السوقية السابقة قبل فرض العقوبات الاقتصادية الدولية عليها.
من ناحيته، بين رئيس فريق الطاقة في ألمانيا والنمسا في شركة «أوكسيرا» الدولية لخدمات واستشارات الطاقة الدكتور مايكل كراوس، أن المرحلة الحالية من اضطراب السوق تتطلب تقديم خدمات متميزة لقطاع الطاقة لمساعدة الشركات والمنتجين على تجاوز الصعوبات الناجمة عن انخفاض الأسعار.
وأشار إلى ضرورة رصد وتحليل المتغيرات في أسواق الجملة والتجزئة وتقييم وضع تجارة الطاقة وتطوير الشبكات بصفة مستمرة، إلى جانب إسداء المشورة إلى بعض الحكومات لتسوية النزاعات المتعلقة بقطاع الطاقة وزيادة قدرة الشركات على تقييم تكلفة رأس المال وتقييم الأصول وتطوير قطاع الكهرباء. وفيما يخص الأسعار، تماسكت أسعار النفط الخام في العقود الآجلة أمس، بعد أن سجل مكاسب كبيرة في الجلسة السابقة وسط دلائل على احتمال تبني أكبر منتجين للنفط في العالم تحركا مشتركا لدعم الأسعار التي انخفضت لأقل من النصف العام الماضي. وجرى تداول مزيج برنت الخام مرتفعا ثمانية سنتات عند 49.33 دولار للبرميل بحلول الساعة 1008 بتوقيت جرينتش. وكان قد ارتفع 2.3 بالمئة يوم الإثنين. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 16 سنتا إلى 46.10 دولار للبرميل إضافة إلى مكاسبه يوم الإثنين وبلغت 1.8 بالمئة.
ودعت منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، الدول المنتجة من خارج المنظمة، لحضور اجتماع فني في تشرين الأول (أكتوبر)، لمناقشة أوضاع السوق، بعد اجتماع مشابه عقد في وقت سابق هذا العام.
وقال عبدالله البدري، الأمين العام للمنظمة، إنه على المنظمة العمل مع المنتجين من خارجها لمعالجة قضية الفائض في المعروض في الأسواق العالمية. وأضاف البدري خلال مؤتمر حول قطاع النفط في لندن، أمس، «يجب علينا جميعا أن نعمل سويا أوبك وغير أوبك للتخلص من هذا الفائض، مضيفا «هناك مشكلة نواجهها هي فائض حجمه 200 مليون برميل»، وفقا لـ «رويترز». ولفت إلى أن نمو المعروض من النفط من الدول المنتجة من خارج «أوبك» ربما يصبح صفرا أو أقل في 2016، بسبب هبوط استثمارات أنشطة المنبع النفطية التي تراجعت بنحو 130 مليار دولار هذا العام من نحو 650 مليار دولار في 2014، مستدركا «سنرى أثر هذا الهبوط على الإنتاج.. سيعني هذا انخفاض المعروض في المستقبل القريب».