قالت مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، أن أي خفض لإنتاج النفط الخام في المرحلة الحالية لن يوقف تراجع الأسعار.

وأضافت، أن «أوبك» تركز على دراسة كل المتغيرات في سوق النفط، لضمان حسن التعامل معها، خاصة قضية الكميات الإضافية من النفط الخام، التي تعتزم إيران ضخها في السوق بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية عليها، بموجب الاتفاق الأخير مع القوى الغربية الست.

وأشارت المصادر إلى تركيز «أوبك» حاليا على كيفية مواجهة الانخفاض الحاد في الاستثمارات النفطية، وبحث مستقبل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والتدابير اللازمة لمواجهة تقلبات الأسعار في السوق، والعمل من أجل سرعة تحقيق التوازن بين العرض والطلب، إلى جانب بحث سبل الإسراع بتطوير كفاءة مشروعات البتروكيماويات.

وقالت المصادر، إن هناك توافقا بين «أوبك» وروسيا في أنه لا حاجة إلى اتخاذ أي إجراء مشترك لخفض إنتاج النفط الخام، نتيجة الثقة بأن السوق سوف تستعيد توازنها بنفسها، مشيرة إلى انخفاض الأسعار سيؤدي دون شك إلى إخراج أصحاب التكاليف المرتفعة في الإنتاج من حلبة المنافسة في سوق النفط. وأشارت المصادر إلى قناعة كبار المنتجين خاصة «أوبك» وروسيا، بأن التدخل في السوق بأية إجراءات مصطنعة ليس في مصلحة صناعة النفط ويجب ألا يتم المضي في هذا الطريق تحت أي ظروف، وأن توازن السوق قادم بشكل تلقائي نتيجة التفاعل بين العرض والطلب ويجب أن تترك المساحة كاملة لآليات السوق في تحديد مستوى الأسعار دون تدخلات أو قرارات خارجية مفروضة على السوق من قبل المنتجين أو المستهلكين.

وفي سياق متصل، استهلت سوق النفط الخام تعاملات الأسبوع على تحقيق انخفاضات سعرية بسبب انخفاض أرباح الشركات الصناعية في الصين، وهو ما يعتبر مؤشرا على ضعف أداء الاقتصاد الصيني ومن ثم يزيد المخاوف على مستويات الطلب العالمي على النفط.

وتغلبت بيانات الصين الضعيفة في تأثيرها في دعم تلقته أسعار النفط من بيانات عن هبوط نشاط الحفر وتقلص الحفارات الأمريكية للأسبوع الرابع على التوالي، وهو ما يزيد التوقعات بتقلص واسع مقبل في إنتاج النفط الصخري، خاصة أن ذلك تزامن مع إعلان بعض شركات النفط الكبرى عن وقف التنقيب والاستكشاف في بعض الولايات الأمريكية بسبب ارتفاع التكاليف بشكل حاد في مقابل استمرار موجة انخفاض أسعار النفط الخام.

وقال « امبروجيو فاسولي مدير مركز أبحاث الطاقة في مدينة لوزان بسويسرا، إن تقلص المعروض النفطي العالمي بات وشيكا نتيجة انخفاض الاستثمارات وتقلص الحفارات، وأن هبوط الإنتاج سيجيء من الولايات المتحدة كما جاءت من قبل طفرة الإنتاج من النفط الصخري.

وأشار فاسولي إلى أن ذلك لم يتواكب مع الأسف مع تحسن في الطلب بسبب استمرار أزمات الاقتصاد الصيني، وما زالت الصين تعاني تراجع أسعار المنتجات وانخفاض عوائد الاستثمار وخسائر صرف العملات الأجنبية إلى جانب الانكماشين الصناعي والتجاري.

وأوضح، أن أزمة الطلب تفاقمت بتباطؤ النمو الاقتصاد الدولي، خاصة في الاقتصادات الناشئة، التي كان يتم الرهان عليها، لتحفيز وتنشيط السوق وقيادة تحقيق التوازن بين العرض والطلب، لافتا إلى أن صندوق النقد الدولي أعلن أن من المتوقع أن يقوم بتعديل تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي بالسلب نتيجة تقلص النمو في اقتصاديات الدول النامية.

من ناحيته، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة إيه كنترول لأبحاث النفط والغاز أن هبوط أسعار النفط نتيجة أجواء قلقة في الأسواق بخصوص مستقبل النمو وضعف التوقعات الاقتصادية لدى دول الاستهلاك الرئيسة، خاصة مع استمرار صدور بيانات ضعيفة عن النشاط الاقتصادي في الصين واليابان والهند.

وأضاف كروج، أن إقدام شركات نفطية كبرى وآخرها رويال داتش شل على تحجيم الاستثمارات وتقليص عمليات التنقيب، هو ترجمة فعلية لأزمة كبيرة تواجه الاستثمارات وتهدد بزوال حالة وفرة المعروض، التي تعيشها السوق منذ أكثر من عام.

وقال، إن منحنى الإنتاج للنفط الصخري يتجه بقوة نحو الهبوط وحالة فورة الإنتاج السابقة أصبحت تئن تحت وطأة تقلبات السوق واستمرار الانخفاضات السعرية، وامتد الأمر إلى شركات الخدمات النفطية، حيث إعلان مجموعة «هاليبرتون « عن تقلص عدد الوظائف بها بشكل حاد، حيث قامت أخيرا بإلغاء نحو ألفي وظيفة.

بدوره، أبلغ « سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، أن الضغوط ما زالت تتوالى بشدة على منظمة أوبك لعقد قمة نفطية بدعوة من فنزويلا، لكن هناك قناعة خليجية قوية وواضحة بعدم مناسبة توقيت هذه القمة وذهب البعض الآخر إلى عدم جدواها.

وتوقع جرلاخ أن يكون الاجتماع الوزاري المقبل لمنظمة أوبك في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل من الاجتماعات التاريخية والمهمة، وسيشهد مباحثات موسعة حول سياسات المنظمة وموقفها من المتغيرات في السوق، خاصة في ضوء استمرار انخفاض الأسعار إلى مستويات غير مرضية لعدد كبير من المنتجين.

وفيما يخص الأسعار، هبطت أسعار النفط في بداية التعاملات الآسيوية أمس، رغم هبوط نشاط الحفر بحثا عن النفط في الولايات المتحدة للأسبوع الرابع.

وهبطت الأرباح الصناعية في الصين خلال آب (أغسطس) 8.8 بالمئة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما هبطت أرباح قطاع الصناعة من كانون الثاني (يناير) إلى آب (أغسطس) 1.9 بالمئة.

وتمشيا مع الاتجاه نحو الهبوط، تراجعت أسعار التعاقدات الآجلة لخام برنت نحو واحد بالمئة أو 45 سنتا إلى 48.15 دولار للبرميل بحلول الساعة 01:38 بتوقيت جرينتش. كما هبطت التعاقدات الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 1 بالمئة أو 47 سنتا إلى 45.23 دولار للبرميل.

 

واستقر النفط الخام الأمريكي TD السوق الأوروبية ، بعد يومين من المكاسب بدعم انخفاض منصات الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة للأسبوع الرابع على التوالي، فيما تراجع خام برنت بعد بيانات ضعيفة في الصين زادت مخاوف ضعف الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط بالعالم.

وتداول النفط الخام الأمريكي حول مستوى 45.25 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 45.29 دولار وسجل أعلى مستوى 45.47 دولار وأدنى مستوى 45.12 دولار. وتراجع خام برنت إلى 48.10 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 48.33 دولار وسجل أعلى مستوى 48.39 دولار وأدنى مستوى 48.01 دولار.

وكانت عقود النفط الخام الأمريكي عقود تشرين الثاني (نوفمبر) قد أنهت تعاملات يوم الجمعة مرتفعة بنسبة 0.7 بالمئة في ثاني مكسب يومي على التوالي، وصعدت عقود برنت تسليم تشرين الثاني (نوفمبر) بنسبة 0.5 بالمئة. وبخصوص أسعار سلة «أوبك»، فقد تراجعت مسجلة 43.76 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 44.48 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، ،إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء تراجع لليوم الثاني على التوالي، وإن السلة سيطرت عليها التقلبات السعرية خلال أيلول (سبتمبر) الجاري، مشيرا إلى أن السلة خسرت أقل من دولار مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع السابق، الذي سجلت فيه 44.34 دولار للبرميل.