سيكون الاستغناء عن آلاف الوظائف وإغلاق وحدات وتدبير رؤوس أموال جديدة بمليارات اليورو خيارات مطروحة في ظل محاولة القيادات الجديدة بثلاثة من أكبر مصارف أوروبا التعامل مع ضغوط وضع استراتيجيات جديدة لإنعاشها.

ووفقا لـ «رويترز»، فإن تيجاني تيام الرئيس التنفيذي لكريدي سويس، وجون كريان رئيس دويتشه بنك، وبيل وينترز الرئيس التنفيذي لستاندرد تشارترد، سيضعون اللمسات النهائية على خططهم التي سيعلنها تيام وكريان الشهر المقبل في حين من المتوقع أن يعلن وينترز برنامجه أوائل (ديسمبر).

وتولى الثلاثة قيادة دفة المصارف الثلاثة قبل نحو 100 يوم وهي الفترة التي يستغلها الرؤساء التنفيذيون الجدد لرسم الاستراتيجيات بعد عقد لقاءات مع المستثمرين والمسؤولين الرقابيين والساسة والعملاء والموظفين.

لكن تقليص الوظائف يلوح في الأفق في مسعى لخفض التكاليف وتحسين الربحية وهو هدفهم الرئيسي، وكانت مصادر مالية ذكرت في وقت سابق من هذا الشهر أن كريان سيستغني عن 23 ألف موظف أي نحو ربع العاملين.

وقالت مصادر إن وينترز قد يسرح عدة آلاف لكنها أوضحت أن قرارات نهائية لم تصدر بعد، وفي غضون ذلك يقول تيام إنه ينوي الاستعانة بخلفيته الهندسية لإلقاء نظرة متفحصة على الكفاءة.

وتشهد الإدارة العليا تغييرات أيضا حيث عين وينترز فريقا إداريا جديدا بينما يقوم بخفض طبقات البيروقراطية لتبسيط صناعة القرار وتسريعها بينما استعان تيام على الفور بشخصية مقربة في منصب كبير الموظفين وأجرى تغييرات أخرى في المواقع.

وكانت آنا بوتين رئيسة مجلس إدارة سانتاندير قالت هذا الأسبوع إن تغييرات أجرتها في الشهور الـ 12 الأولى لها أرست الأسس للبنك الذي نريده للسنوات العشر المقبلة، مشيرة إلى أن 21 من أهم 31 فريقا إداريا جديدا هم أطقم جديدة أو ذات مهام جديدة.

ويحتاج تيام وكريان ووينترز وجميعهم في أوائل العقد السادس من العمر إلى تصحيح أخطاء ارتكبها أسلافهم وتقليص مصارفهم للحد من التعقيدات والخروج من ميادين العمل التي لم تعد مدرة للمال.

وتمر مصارف أخرى مثل باركليز الذي يعمل دون رئيس تنفيذي وأوني كريدت بعملية مماثلة لكن الرؤساء التنفيذيين الجدد يتعرضون لضغوط للتوصل إلى رؤية جديدة تقود إلى إجراءات جريئة.

وأوضح مصرفي كبير أن جميعهم من العيار الثقيل لكن عليهم المسارعة وأخذ قرارات بخصوص أنشطتهم وأسواقهم في الوقت الذي ما زالوا يتعلمون فيه الكثير عن ذلك.

واجتمع الرؤساء التنفيذيون الثلاثة مع مجالس إداراتهم وكبار مصرفييهم هذا الشهر - بمنتجعات في بافاريا وسويسرا وسنغافورة - لمناقشة الخطط، وأجروا تغييرات كبيرة في أول شهرين أو ثلاثة وأعطوا تلميحات عامة عن أولوياتهم في رسائل إلى الموظفين وضمن نتائج الربع الثاني من العام.

وقلص وينترز التوزيعات النقدية لمصرف بمقدار النصف بعد أن كشف تراجع أرباح الربع الثاني حجم التحدي الذي يواجهه. فيما يعتزم كريان الالتزام بما يسمى «استراتيجية 2020» التي تتضمن تقليص حجم بنك الاستثمار وبيع بنك التجزئة بوست -بنك والاستغناء عن أجزاء أخرى من سلسلة التجزئة، ويعتقد كريان أن هناك الكثير من الأنشطة التي يمكن تغييرها بشكل كبير.

ومن المتوقع أن يعمد الثلاثة إلى تقليص الأنشطة المصرفية الاستثمارية ولا سيما تداول أدوات الدخل الثابت. ويرى المحللون أن تيام يثير الإعجاب ببدايته الواثقة، فقد قال الرجل الذي يتحدث عدة لغات إنه سيكون شديد الانتقائية بشأن ما يقوم به البنك مدفوعا في ذلك بزيادة القيمة للمساهمين.

ويريد تيام الذي تولى من قبل حقيبة وزارية في ساحل العاج وسبق أن أدار برودنشال البريطانية للتأمين لست سنوات مصرفا متخففا في الأعباء الرأسمالية ومن المتوقع أن يكثف التركيز على آسيا.

وذكر جي دي بلوناي المدير في صندوق جوبتر للفرص المالية العالمية أن هذا الرئيس التنفيذي له سجل إنجازات ناجح جدا في برودنشال، مشيرا إلى أنه بارع في تخصيص الأصول ولا سيما في توزيع رأس المال على المناطق التي يتوقع لها النمو وتقليص رأس المال المتجه إلى تلك التي لا يتوقع فيها نموا مماثلا. ويملك دي بلوناي أسهما في كريدي سويس وسبق أن استثمر في دويتشه بنك وستاندرد تشارترد، أما وينترز الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والبريطانية وسبق أن أدار وحدة بنك الاستثمار لمجموعة «جيه. بي مورجان» وكان عضوا في اللجنة المصرفية البريطانية التي قدمت توصيات لجعل المصارف أكثر أمانا، فقد أكد أن ستاندرد تشارترد بنك متميز لكن له مشاكله.

وينصب تركيز البنك أكثر من اللازم على النمو وليس على عوائد المستثمرين، وأبلغ البنك المحللين أن تقييمه للمخاطر كان سيئا وأنه كان بطيئا جدا في أخذ قرارات صعبة سواء بخصوص التكاليف أو الأشخاص أو الاستراتيجية.

وبالنسبة لكريان المدير المالي السابق في «يو. بي. إس» فقد أكد أن التعقيدات والتكاليف يخنقان البنك، وأشار مصدر مطلع على عمل البنك إلى أنها المرة الأولى على الإطلاق التي تشعر فيها بأن شخصا ما يتحدث بشكل صريح ومباشر، لكن المشكلة أن عليه أن يحقق نتائج سريعة. وقد ظل صامتا وسجل الكثير من الملاحظات خلال أول اجتماع يحضره للمجلس الإشرافي بعد أن أصبح رئيسا تنفيذيا في تموز (يوليو) في نيويورك لكنه تحدث كثيرا باجتماع الشهر الحالي في بافاريا وعرض كل مشاكل البنك ونقاط ضعفه غير أن أشخاصا حضروا الاجتماع قالوا إنه لم يعرض حلوله.

وفي غضون ذلك يقول المحللون إن المصارف الثلاثة قد تحتاج إلى مزيد من رؤوس الأموال، حيث تتجاوز نسبة كفاية رأس المال لكل منهم المتطلبات التنظيمية لكنها ضعيفة نسبيا قياسا إلى المنافسين. وقد يسعون إلى القيام بإصدارات حقوق كبيرة أو جمع تمويل أقل بعدة مليارات الدولارات بشكل أقل تعقيدا أو محاولة زيادة رأس المال المساهم به عن طريق استبقاء الأرباح وتقليص الأصول وهي طريق أقل إيلاما لكنها قد تعوق أي خطط نمو.

لكن المحللين والمستثمرين يستبعدون إجراء إصدارات حقوق في ظل الانخفاض الشديد لأسعار أسهم دويتشه بنك وستاندرد تشارترد تجنبا لمزيد من إضعاف القيمة. وجمع دويتشه بنك بالفعل 8.5 مليار يورو العام الماضي وقد يفضل وينترز حسبما قالوا القيام ببيع سريع للأسهم بسعر منخفض لجمع ثلاثة مليارات يورو.

ويرى المصرفيون أن من المرجح أن يجمع تيام السيولة سريعا وقد أبلغ الموظفين في أول يوم له أن البنك بحاجة إلى ميزانية قوية لمساعدته في الأوقات العصيبة.

وتبلغ نسبة رأس المال المساهم به لكريدي سويس 10.3 بالمئة من الأصول المرجحة بالمخاطر وهو مستوى أقل بكثير من منافسه الرئيسي «يو. بي. إس»، ويرى المستثمرون أن جمع ستة مليارات دولار أو أكثر سيكون مبررا إذا واكبه نمو.