توقع مختصون نفطيون استمرار حالة عدم الاستقرار في سوق النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، مؤكدين تأرجح الأسعار صعودا وهبوطا بتأثير من عدد من العوامل ذات تأثيرات متباينة في السوق.

ورجحوا أن يشهد النفط الخام الأميركي وخام برنت تحسنا بعد تراجع الأول بنحو 5 بالمئة والثاني بأكثر من 3 بالمئة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، وأن التحسن سيكون مدعوما بتراجع المخزونات النفطية الأميركية وتوقف المزيد من منصات الحفر وتراجع الدولار بعد تأجيل رفع الفائدة.

وقالوا إن هبوط الأسعار يضاعف من أزمات النفط الصخري، الذي يسعى لمنافسة النفط الأحفوري في الأسواق.

وهنا يقول كريستوفر فندالي المختص السويسري في شؤون الطاقة إن استثمارات قطاع الطاقة التقليدية خاصة الوقود الأحفوري تتحكم فيها عدة عوامل منها بالطبع آليات السوق إلى جانب سياسات الحكومات باعتبار أن أغلب شركات النفط في مناطق الشرق الأوسط مملوكة للحكومات.

وأضاف فندالي أن تحليل سوق الطاقة التقليدية يجب أن يركز على التوقعات القصوى والدنيا لأسعار الطاقة التقليدية خاصة أسعار النفط الخام ودراستها ومقارنتها بتكلفة الإنتاج وظروف الأسواق وقدراتها الاستيعابية وأيضا حجم المساعدات والدعم الذي تقدمه الحكومات لهذا القطاع وبحث كيفية إدارة الاحتياطيات الاستراتيجية.

وذكر فندالي أن الاستثمارات النفطية مطالبة بزيادة الاعتماد على التكنولوجيا لتأثيرها وجدواها الواسعة في تحسين نظم الإنتاج وتقليل تكاليفه وزيادة كفاءة استخدام الطاقة مع ضرورة اهتمام المنتجين بشكل خاص بالحد من انبعاثات الكربون.

وأشار فندالي إلى أهمية تحفيز الاستثمار في قطاع الطاقة مع الوصول إلى إنتاج متطور منخفض الكربون وتحسين كفاءة الصناعة وبرامج الصيانة.

وأوضح مختص الطاقة السويسري أن تشغيل محطات توليد الكهرباء بالاعتماد على الطاقة التقليدية تراجع على نحو حاد خاصة في أوروبا وأصبح غير جذاب اقتصاديا وتسارع التحول إلى الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء بينما لا يزال الاعتماد أساسيا على الطاقة التقليدية في مجال النقل الجوي والبري.

من جانبه أوضح «، نيل سيمز نائب رئيس إكسبرو للخدمات النفطية لشؤون أوروبا، أن وضع سوق النفط الحالي واستمرار تدني الأسعار يتطلب سياسات وآليات جديدة من شركات النفط للتعامل مع السوق في المرحلة الراهنة بما يحقق أعلى مستويات الكفاءة ويضمن الحفاظ على مستويات ربحية تمكن من استمرار الاستثمارات.

وأشار سيمز إلى أنه بالنسبة لشركات الخدمات النفطية فإن عليها الحفاظ على علاقات قوية مع كبار العملاء في جميع أنحاء العالم كما يجب أن تعمل على تقديم حلول مرنة لمشاكل الإنتاج والالتزام بالأمن والسلامة وأعلى مستويات خدمة العملاء وجودة الأداء الميداني وهو ما تلتزم به «إكسبرو» إلى حد بعيد. وأضاف سيمز أن من أبرز مناطق الإنتاج التي تحتاج إلى مزيد من الكفاءة في الإنتاج والاستعانة بالتكنولوجيات المتطورة منطقة بحر الشمال بسبب الارتفاع الكبير في تكلفة الإنتاج في هذه المنطقة ولذا تركز شركات الخدمات النفطية على تقديم التطبيقات التكنولوجيا الحديثة ونقل الخبرات الناجحة بما يدعم الحفاظ على صناعة النفط والغاز العالمية واستثماراتها في هذه المنطقة الإنتاجية الحيوية.

وأوضح سيمز أن إكسبرو تهتم بتطوير شراكتها وتعاونها مع الاستثمارات الموجودة أيضا في بريطانيا والنرويج منوها إلى قيام الشركة بزيادة الاستثمارات التكنولوجية في النرويج منذ عام 2012 بنحو 10 ملايين دولار توجه إلى المعدات الجديدة لمشروعات اختبار الخدمات وتطوير نظم الإنتاج.

ونبه نائب رئيس شركة إكسبرو للخدمات النفطية إلى أهمية تطوير منظومة الخدمات المتكاملة في القطاع النفطي وتشمل أنظمة الاختبار وسلامة الآبار والحلول المبتكرة وحسن التدخل في الأزمة وإدارتها .

من جانبه، يقول أندرياس جيني مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية، إن منظمة أوبك على ثقة وقناعة تامة بسياساتها النفطية التي تركز على المضي قدما في مستويات الإنتاج المرتفعة على الرغم من انخفاض الأسعار لحماية الحصص السوقية وقد اتفقت روسيا معها أيضا على نفس السياسة وهي توجهات أثبتت جدواها حين تحسنت الأسعار في الربعين الأول والثاني من العام الجاري قبل أن تهبط ثانية في تموز (يوليو) الماضي بتأثير من عدة عوامل أبرزها التوصل إلى الاتفاق الجديد بين إيران والدول الغربية حول البرنامج النووي ورفع العقوبات الاقتصادية.

وأشار جيني إلى أن أوبك تراهن من جديد على آليات العرض والطلب بناء على توقعات اقتصادية موثوقة بقرب حدوث طفرة في مستويات الطلب العالمي وهو ما جعل ضغوط فنزويلا لعقد قمة نفطية طارئة لا تلقى ترحيبا من أغلب الدول الأعضاء في منظمة أوبك خاصة دول الخليج الأكثر نموا.

ويرى جيني أن هناك قناعة بين بعض المنتجين بأن أسعار النفط لم تصل للمستويات الدنيا الخطيرة وهي بحسب تقدير كثيرين أقل من 40 دولارا للبرميل وأن السوق ستتعافى قبل الوصول إلى هذا المستوى المقلق والمؤثر سلبا في الاستثمارات بشكل أساسي.

ولفت جيني إلى وجود خطوات جادة ومتسارعة من المنتجين خاصة في المنطقة العربية نحو تنمية القطاعات غير النفطية وتنويع موارد الطاقة وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وهو ما سيقلل التأثيرات السلبية في اقتصاديات الدول جراء تقلبات أسعار النفط الخام ومخاوف بطء النمو في دول الاستهلاك.