شركات النفط الوطنية أقل تأثرا بانخفاض الأسعار

تخفيض الإنفاق الرأسمالي على نطاق واسع سهل المهمة

أكدت إدارة النفط والغاز في شركة سيمنز «إيه جي» العالمية أن وضع إنتاج وتصدير النفط في الشرق الأوسط مطمئن للغاية، نظرا لأن شركات النفط الوطنية في منطقة دول الخليج بالأساس وغيرها من دول المنطقة أقل تأثرا بانخفاض أسعار النفط عالميا نتيجة أن انخفاض تكاليف الإنتاج، مقارنة مع بقية المنتجين، كما أن لديها أفقا زمنيا أطول في الإنتاج.

وأوضح التقرير أن تقييم ظروف الإنتاج في الخليج يؤكد أن مشروعات إنتاج النفط في الشرق الأوسط بشكل عام مستقرة، نظرا لأنها ذات طابع استراتيجي وليس محتملا أو موضع بحث أن تتعرض تلك المشروعات للإيقاف أو الإلغاء.

وقال التقرير- الذي أعدته ليزا دافيس عضو مجلس إدارة الشركة والمسؤول عن ملف النفط والغاز- إن الوضع مختلف بالنسبة لشركات النفط العالمية لأن وقع الأزمة عليها أكبر وهو ما دفع شركة بريتش بتروليوم «بي بي»، إلى خفض نشاط الاستكشاف وتقليل النفقات الرأسمالية بنسبة 20 بالمئة، كما تخطط شركة «شل» لخفض تكاليف الإنتاج بنحو 15 مليار دولار أميركي خلال السنوات الثلاث القادمة وفي نفس السياق تقوم شركة شتات أويل بخفض الإنفاق الرأسمالي لعام 2015 بنسبة 10 بالمئة.

وأشار التقرير إلى أن أكبر شركات خدمات حقول النفط في العالم قامت بتسريح آلاف العمال والموظفين وعلى رأس هذه الشركات بيكر هيوز وشلمبرجير وهاليبرتون.

وأكد تقرير سيمنز أن الانخفاض الحاد الحالي في أسعار النفط الخام أجبر كل أطراف الصناعة خاصة المشغلين وشركات الخدمات النفطية على تبني سياسات جديدة تمكن من التأقلم مع هذه الأزمة، وتختلف جذريا مع السياسات السابقة حين كان سعر برميل النفط يتجاوز 100 دولار.

وأوضح التقرير أن الخطوة الأولى، التي اتخذها معظم المشغلين، سواء شركات النفط الوطنية أو الدولية هي خفض الإنفاق الرأسمالي على نطاق واسع. وذكرت دافيس في تقريرها أن هذا الخفض يعني إلغاء وتأجيل الاستثمارات غير الاستراتيجية وطرح عطاءات للآخرين وإعادة التفاوض حول التكاليف مع الموردين، وذلك نتيجة الرغبة في تقاسم أعباء انخفاض الأسعار بين كل أطراف الصناعة في محاولة لتحقيق بعض الأرباح نتيجة انخفاض أسعار بعض مواد مدخلات الإنتاج في الشهور الأخيرة.

ورأت عضوة مجلس إدارة «سيمنز» في تقريرها أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام أدى إلى تأثيرات متباينة من منطقة إلى أخرى حول العالم، ولكن الأثر السلبى طال الجميع بدرجات متفاوتة.

وأشار التقرير إلى وجود خلل كبير بين أسعار النفط الحالية وبين تكاليف التشغيل خاصة في منطقة بحر الشمال، حيث يصيب القلق كل العاملين والمستثمرين في هذه المنطقة، التي تعاني أكثر من أي منطقة إنتاج أخرى في العالم وأدى انخفاض أسعار الخام إلى إغلاق ووقف تشغيل عديد من مناطق الإنتاج في بحر الشمال وهو ما دفع إلى التفكير في التعامل مع الأزمة بشكل مختلف لمحاولة إيجاد حلول عملية. ووفقا لتقرير «سيمنز»، فإن الوضع في أميركا الشمالية مقارب نسبيا، لأن هناك حاجة ملحة لخفض التكاليف في مواجهة انخفاض الأسعار، مشيرا إلى ضرورة الإسراع في زيادة قدرات منتجي النفط غير التقليدي في أميركا الشمالية في الاستفادة من التكنولوجيا المتطورة بما يمكن من تحسين نظم التشغيل ورفع الكفاءة وخفض التكاليف، وهو ما سيجعل مستوى التعادل الاقتصادي عند مستويات سعرية منخفضة.

وألمح التقرير إلى أنه قبل انهيار أسعار النفط كانت تكلفة إنتاج البرميل في الولايات المتحدة تبدأ من 40 دولارا إلى 120 دولارا بحسب الحقول ومناطق الإنتاج وأنه تم خفض هذا المدى الآن بعد انهيار الأسعار ليبدأ من 20 دولارا حتى 70 دولارا.

وقال التقرير إن الضغوط على منتجي النفط الخام بدأت قبل فترة طويلة من انهيار الأسعار، حيث كانت تكاليف الإنتاج تقفز على نحو مطرد نتيجة زيادة تكلفة الحفر والتنقيب لإنتاج النفط والغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم. وبحسب التقرير، فإن الدراسات الاقتصادية المعنية بقطاع الطاقة كشفت عن تراجع العائد على رأس المال بأكثر من النصف بين عامي 2000 و2013، حيث هبط صافي الدخل من نسبة 23 بالمئة من صافي التكاليف الرأسمالية التراكمية في عام 2000 إلى 11 بالمئة في عام 2013 على الرغم من زيادة أسعار النفط بثلاثة أضعاف خلال تلك الفترة.

ولفت التقرير إلى أن الشركات تواجه معضلة في مواجهة ارتفاع أسعار المعدات إلى جانب مشكلات أخرى مثل تناقص العمالة المؤهلة والخبرات النادرة، كما أن عملية الإنتاج أصبحت أكثر صعوبة وتعقيدا.

من جانب آخر، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» أنها ستنظم مؤتمرا دوليا عن كفاءة موارد الطاقة والإنتاج النظيف في مدينة دافوس بسويسرا يوم 12 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ويستمر خمسة أيام. وأوضح لي يونج مدير عام «يونيدو» أن المؤتمر سينظم بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة وسيناقش التحديات الدولية الخاصة بزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وزيادة كفاءة الطاقة بشكل عام، خاصة في إنتاج الطاقة التقليدية.

وأضاف أن المؤتمر سيبحث زيادة الشراكة المحتملة بين الفاعلين في مجال التنمية على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية في إطار الأهداف الإنمائية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة. وأشار يونج إلى أن المؤتمر سيركز على استكشاف أساليب مبتكرة في إدارة منظومة الطاقة من خلال تبادل أفضل الخبرات وقصص النجاح والحلول القابلة للتكرار، موضحا أن المؤتمر سيبحث موضوعات محددة بما في ذلك إنتاج طاقة بتكنولوجيا تؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون وإدارة جيدة للمواد الكيميائية والموارد المائية وتحسين البيئة الصناعية والوصول إلى إدارة جيدة وفعالة للنفايات.

وعلى صعيد أسعار النفط، تراجعت أسعار النفط الخام في العقود الآجلة بشدة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، حيث خسر الخام الأميركي 5 بالمئة بعد هبوط حاد للأسهم الأميركية محا التأثير الإيجابي على الخام من انخفاض عدد منصات النفط العاملة في الولايات المتحدة للأسبوع الثالث على التوالي. ووفقا لـ «رويترز»، فقد تعرض النفط لضغوط أيضا بسبب ارتفاع الدولار والمخاوف من ألا يتباطأ إنتاج منظمة أوبك، فضلا عن تراجع التوتر السياسي في الشرق الأوسط نتيجة محادثات أميركية روسية بشأن سورية. وأظهرت بيانات أن شركات الطاقة الأميركية خفضت عدد منصات النفط العاملة في الأسبوع الماضي للأسبوع الثالث على التوالي في مؤشر على أن موجة هبوط أسعار الخام في الآونة الأخيرة تدفع الشركات لتعليق خطط أعلنت قبل عدة أشهر لزيادة الأنشطة. وقالت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية في تقرير يحظى بمتابعة واسعة إن شركات الحفر أوقفت عمل ثماني منصات في الأسبوع الذي ينتهي في 18 من أيلول (سبتمبر) لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 644 بعدما تقلص العدد بواقع 23 خلال الأسبوعين السابقين، وهذا هو أكبر انخفاض في عدد المنصات خلال ثلاثة أسابيع متتالية منذ آيار (مايو).

وكانت عقود الخام الأميركي منخفضة بالفعل 3 بالمئة عند صدور تقرير بيكر هيوز وقلصت خسائرها قليلا بعد صدوره.

ومع قرب وقت التسوية تسارعت خسائر النفط، وتعافى الدولار من أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع سجله بعد قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، واتجه المؤشر ستاندرد آند بورز 500 الرئيسي في وول ستريت صوب أكبر خسارة له في أكثر من أسبوع بعد القرار.

وهبط الخام الأميركي في العقود تسليم شهر أقرب استحقاق 2.22 دولار أو 4.8 بالمئة إلى 44.68 دولار للبرميل عند التسوية. وتراجع خام برنت في العقود تسليم شهر أقرب استحقاق 1.61 دولار أو 3.3 بالمئة عند التسوية إلى 47.47 دولار للبرميل.