تنوعت عناصر ومواد البناء في الكويت قديما الا انها جميعا كانت تنبع من رحم البيئة الكويتية وترتبط بالحياة الفطرية فيها لاسيما حياة البحر الذي كان يشكل عصب الحياة في البلاد.
ولعل من أبرز تلك المواد التي شيدت بها البيوت والاسوار والأسواق في الكويت قديما (صخور عشيرج) البحرية التي تلاءمت بشكل كبير جدا مع طبيعة المناخ الكويتي في الماضي.
وكان لصخر البحر وبخاصة صخور (عشيرج) مميزات عديدة كالصلابة والقوة فهو لا يتأثر بمرور الزمن او بعوامل التعرية فالصخرة ثقيلة ولها مسامات وعليها مادة الجير وبعد ان تجف من رطوبة مياه البحر تصبح شديدة الصلابة.
كما كان لهذا الصخر ميزة ودور هام في صف أساس الجدران لكونها كانت في السابق عريضة جدا وسميكة لتفادي الميلان او الوقوع وبسبب عرضها كانت هناك حاجة ماسة الى صف الصخور ومن ثم مسحها بالطين والجص.
وفي هذا السياق قال الباحث في التراث الكويتي صالح المذن لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس ان (عشيرج) القديمة هي منطقة (الدوحة) حاليا والتي كانت تعتبر في الماضي من أهم المناطق التي تؤخذ منها صخور البناء لاسيما بعد ان قامت الحكومة بمنع تكسير الصخر من بحر الديرة في (القبلة) و (شرق) بسبب كثرة الشكوى من صيادي الأسماك (اهل الحظور) حيث أثرت عملية تكسير الصخر في تلك الأماكن بشكل كبير على البيئة البحرية والثروة السمكية.
وأوضح ان طريقة قص صخور (عشيرج) قديما كانت تتم في فصل الشتاء لان ماء البحر غالبا ما يكون في حالة جزر فيقوم (الحمارة) أصحاب الحمير بعملية (القصاص) بقص الصخور عن طريق البحث عن (القحة) وهي قطعة صخرية كبيرة الجحم متصلة الأجزاء ثابتة بقاع البحر ويكسرونها على موقع الشرخ فيها لتسهيل القطع مستخدمين في ذلك (الهيب) وهي أداة تكسير عبارة عن قضيب حديدي وله أنواع منها (هيب بوقاعة) و(هيب مضولع).
واضاف ان الصخرة يتم رفعها بالهيب ويثبت تحتها حجرة كبيرة ومن ثم يتم البدء بالتكسير مضيفا انه اذا كانت القطعة الصخرية بحجم مترين في مترين تسمى (الفرش) وعند التكسير وتحولها الى قطع صخرية صغيرة تسمى (حشري).
وأشار المذن الى ان من بين القطع الصخرية الصغيرة (حشري) توجد صخرة تسمى (وليمة) يحرص على وجودها أهل البناء (البناي) و (الأستاذ) كونها صخرة ملائمة وسهلة للصف عند البناء.
وأضاف انه بعد قيام (الحمارة) بتكسير (صخور عشيرج) والبحر في حالة الجزر ينتظرون حتى تبدأ مياه البحر بالمد (تسجي) ليقوموا بنقل قطع الصخر المكسر الى (التشاله) وهي سفينة صغيرة مخصصة لنقل الصخور.
واوضح ان (الحمارة) يضعون على ظهر هذه السفينة مجموعة من الحبال حتى لا تتعرض للأذى وبعد ذلك ينقلون الصخر على ظهور (الحمير) من خلال تثبيت القطع الصخرية على (المنقل) وهو سطح خشبي يوضع على ظهر الحمار ويرتبون القطع بطريقة صف معينة حتى لا تكون هناك حمولة زائدة على ظهر الدابة.
وأوضح ان (الحمارة) الذين يبيعون الصخر والطين والجص كانت لهم أماكن معروفة يتجمعون فيها لاسيما في مقاهي (ساحة الصفاة) حيث كانت تجري في تلك المقاهي عمليات الاتفاق مع الأساتذة او من يرغب في بناء بيته والمشرفين على عملية البناء.