أصدرت منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» دراسة تحليلية للسوق تحت عنوان «من يحصل على ماذا من النفط المستورد؟» أكدت فيها أن البعض يعتقد بالخطأ أن كل زيادة في سعر النفط تؤدى إلى رفع أسعار الوقود مما يزيد الأعباء على المستهلكين ويضخ فوائد وأرباح لمنتجي النفط، مشيرة إلى أن هذا المفهوم يجب تصحيحه وإيضاح تأثير أسعار النفط في المنتجات البترولية الضرورية.
وكشفت الدراسة التحليلية عن أن الدول المستهلكة تستفيد أيضا من ارتفاع أسعار النفط أكثر من دول «أوبك» وبقية المنتجين من خلال زيادة حصيلة الضرائب على الوقود، وأن المستهلك العادي يشعر أن شراء بعض المنتجات البترولية يمكن أن يكون مكلفا للغاية ولكن ما هو ليس معروفا على نطاق واسع هو أن معظم المال المدفوع في مقابل النفط ومشتقاته لا يذهب كأرباح إلى الدول المنتجة للنفط وإنما لحكومات الدول المستهلكة. وأشارت «أوبك» إلى وجود اعتقاد آخر شائع وخاطئ هو أن الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» تحقق مكاسب ضخمة من عائدات بيع النفط لبقية العالم ولكن الواقع يؤكد أن الأمر مجرد أسطورة، وأن الإيرادات المتولدة في الواقع تذهب في الأساس إلى حكومات الدول المستهلكة للنفط وليس إلى خزائن دول «أوبك».
وأوضحت الدراسة أن الدول الصناعية الكبرى على سبيل المثال تحقق مكاسب في المتوسط أكثر بكثير نتيجة إيراداتها من الضرائب والتي تضاف إلى كل لتر من النفط الخام المستورد والنفط المكرر الوارد من الدول الأعضاء في «أوبك» بما يفوق حصيلة البيع الأصلي لنفط أوبك.
وبحسب الدراسة فإن الدول المستهلكة وعلى رأسها الدول الصناعية حصلت في المتوسط على 21 دولارا من كل برميل نفط خلال السنوات الخمس الماضية وهو ما يفوق أرباح المنتجين في دول المنظمة.
وذكرت الدراسة أن العبء الحقيقي يقع على المستهلكين عند ارتفاع أسعار النفط وأن الضرائب تمثل عبئا أكبر من السعر الأصلي للنفط الخام أو هوامش الربح التي تذهب إلى الشركات وأن المستفيد الأكبر هي حكومات الدول المستهلكة.
وأضافت أن البيانات والدراسات التحليلية تؤكد بوضوح أنه إذا لم يتم فرض ضرائب باهظة على المنتجات النفطية في دول الاستهلاك فإن الأعباء ستقل على المستهلكين وستكون حركة أسعار النفط الخام صعودا وهبوطا في الإطار المقبول، مشيرة إلى أن مليارات الدولارات التي تحصل عليها الدول المستهلكة من حصيلة الضرائب على النفط هي دخل صافي للحكومات بينما عوائد التصدير لدول أوبك ليست أرباحا صافية بل يجب أن تغطى تكاليف الاستكشاف والتنقيب والإنتاج والنقل وجميعها أمور باهظة التكاليف. وتنبه الدراسة المستهلكين حول العالم أن يتذكروا كلما أقدموا على ملء خزانات سياراتهم بالوقود أن الأموال التي يدفعونها لا تذهب في الأساس إلى الدول المنتجة للنفط وإنما إلى حكومات الدول المستهلكة بسبب الضرائب المرتفعة على الوقود التي تفرضها هذه الدول.
وحول دراسة «أوبك»، يقول مدير ادارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية أوسكار آنديسنر ، إن الدراسة تكشف عن الحاجة إلى المزيد من التنسيق والتعاون بين المنتجين والمستهلكين بدلا من تبادل الاتهامات عن المستفيد من الظروف الراهنة للسوق.
وأضاف آنديسنر أنه من الأفضل أن يتعاون الجميع من أجل استقرار السوق وتحقيق التوازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين مشيرا إلى أن اختلال التوازن بين العرض والطلب ليس في صالح السوق وأن وفرة المعروض مع التنافس الشديد على الحصص السوقية قد يدفع إلى مزيد من الانخفاضات الحادة في الأسعار.
من جهته، أشار المحلل البولندي بيوتر فدفنسكى، إلى أن ظروف السوق الحالية قد تتطلب أن يتفق كل المنتجين في «أوبك» وخارجها على خفض الإنتاج دعما للأسعار خاصة منتجي خارج المنظمة الذين قادوا الطفرة الحادة في المعروض الدولي. وشدد آنديسنر على أن «أوبك» ليست المسؤولة وحدها عن تخفيض الإنتاج رغم أن لها دورا مهما ومؤثرا في السوق إلا أنها لا تنتج إلا 30 بالمئة من الإنتاج العالمي.