توقع مختصون في سوق النفط الخام استمرار حالة عدم الاستقرار والتقلبات السعرية في أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري. وقال المختصون إن استمرار حالة التباطؤ الاقتصادي والانكماش في عديد من مناطق الاستهلاك الرئيسة خاصة منطقة اليورو ربما يؤخر تعافي أسعار النفط الخام، حيث تؤكد بيانات اقتصادية تراجع معدلات النمو في منطقة اليورو.
وأضاف المختصون أن الوضع في الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم مازال غير مستقر بعد أزمة البورصة الصينية، وانكماش الإنتاج الصناعي، وضعف الصادرات، ما دفع الحكومة الصينية إلى تخفيض قيمة اليوان أكثر من مرة.
وكان ختام الأسبوع الماضي شهد ارتفاع أسعار النفط الأميركي من أدنى مستوى في ست سنوات ونصف فيما تراجع خام برنت فى علامة على تذبذبات حادة تعانيها السوق. في المقابل دفع تراجع المخزونات النفطية الأميركية السوق نحو التعافي النسبي وتحسن الأسعار نتيجة مؤشرات قوية عن تحسينات قادمة في مستويات الطلب العالمي على النفط الخام.
وبات الخام الأميركي أضعف كثيرا من خام برنت القياسي لأسباب منها توقف بعض المصافي عن العمل وهو ما أضعف الطلب الأميركي، وأكبر هذه المصافي مصفاة بي.بي في وايتنج بولاية إنديانا البالغة طاقتها 413 ألفا و500 برميل يوميا والتي عطلت ثلثي طاقتها الإنتاجية لإجراء أعمال صيانة قد تستغرق شهرا أو أكثر.
وساهم الأداء المتباين للدولار الأميركي في حدوث أداء متباين مشابه لأسعار النفط الخام نظرا للعلاقة العكسية بين أسعار صرف الدولار والنفط الخام. وكان بنك «سيتي جروب» خفض توقعاته لأسعار النفط الخام في عامي 2015 و2016 مرجعا ذلك إلى ضعف العوامل الأساسية في السوق بما في ذلك زيادة إمدادات «أوبك» وضعف نمو الطلب في الصين والأسواق الناشئة.
وقال محللون من البنك الأميركي في مذكرة بحثية إنه من المرجح أن تتضخم بدرجة أكبر المخزونات الهائلة بالفعل من الخام والمنتجات خلال موسم صيانة المصافي كما أن النمو المتوقع في الإنتاج من إيران والعراق من شأنه أن يفاقم هذا الأمر. وخفض سيتي جروب توقعاته لسعر خام برنت إلى 54 دولارا للبرميل في عام 2015 و53 دولارا للبرميل في 2016 وذلك من 58 دولارا و63 دولارا على التوالي في توقعات سابقة.
كما خفض توقعاته لسعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي في 2015 و2016 إلى 48 دولارا للبرميل من 53 دولارا و56 دولارا على التوالي في التوقعات السابقة. إلى ذلك، قال تقرير صادر عن شركة «شيفرون»، ثاني أكبر منتج للنفط في الولايات المتحدة، إن أسواق النفط الخام الدولية بدأت ما اصطلح على تسميته مرحلة «الشجاعة الجديدة»، مشيرة إلى أن منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» ظلت لعقود طويلة هي المحرك الرئيس والوحيد لأسواق النفط خاصة في إدارة الاحتياطيات النفطية، ما جعلها تلبي أهداف الدول الأعضاء فيما يتعلق بالعائدات والأرباح.
وأضافت الشركة في تقرير أعده الرئيس التنفيذي لها جون واتسون أن «أوبك» اختارت منحى جديدا في سياسة عملها وهو أن يقتصر دورها على الإنتاج ولا تتدخل في إدارة السوق. وأوضح التقرير أنه على مدى العقود القليلة الماضية رأينا تغييرات كبيرة في كمية الطاقة الفائضة والمعروض النفطي المتاح، مشيرا إلى أن «أوبك» مرت بمرحلة سابقة كانت فيها الطاقة الإنتاجية الفائضة تصل إلى 15 مليون برميل يوميا.
وذكر التقرير أن «أوبك» تمكنت بنجاح من ضبط الطاقة الإنتاجية الفائضة مع مرور الوقت وضبط إيقاع السوق وجعل الإنتاج يلائم الاحتياجات الفعلية في السوق. وأشار التقرير إلى أن ملامح سوق النفط الجديدة بدأت تتشكل حيث تحتاج السوق إلى الشجاعة والإقدام ويتسم بسرعة التغير ودخول عوامل عديدة ذات تأثير واسع فيها، وقد شهدت الفترة الماضية الكثير من النقاش حول الإنتاج الواسع من الصخر الزيتي الأميركي الأمر الذى يعد بالفعل بمثابة ثورة نفطية في الولايات المتحدة.
وقدر التقرير الإنتاج الأكيد من النفط الصخري بنحو خمسة ملايين برميل يوميا الأمر الذى يمثل طفرة إنتاجية لم يكن يتوقعها أحد في الولايات المتحدة أو خارجها قبل سنوات قليلة. وأكد تقرير شركة شيفرون أن النفط الصخري الزيتي له دور مهم في سوق النفط الخام الدولية حيث يعتبر قيمة مهمة مضافة كما يعول عليه كآلية لتحقيق التوازن في السوق خلال السنوات القليلة القادمة. ولفت تقرير شيفرون إلى أن الطلب على الطاقة يتزايد بشكل ملحوظ في كل دول العالم، مشيرا إلى أن حجم الاستهلاك العالمي من الطاقة يصل إلى 280 مليون برميل نفط يوميا أو ما يعادله من مصادر الطاقة الأخرى، والطلب مازال مرشحا لمزيد من النمو.
وبحسب التقرير فإن حجم الطلب العالمي على الطاقة يمثل أكثر من 25 ضعفا لإنتاج السعودية من النفط الخام كما أن هذا الطلب ينمو بصفة مستمرة، مشيرا إلى أن حجم الإنتاج من جميع مصادر الطاقة سينمو بمعدل ما بين 35 و40 بالمئة على مدى العقدين المقبلين. ولاحظ التقرير ارتفاع مستوى المعيشة في كل دول العالم وأن مليارات البشر ينتقلون من الطبقات الدنيا إلى الطبقات الاجتماعية المتوسطة وهذا التعداد يتضاعف بصفة مستمرة، مشيرا إلى أن خمسة مليارات إنسان حول العالم سينتمون إلى الطبقة المتوسطة خلال العقدين المقبلين أيضا.
وأوضح أن احتياجات الطبقة المتوسطة واحدة في كل دول العالم سواء كان الفرد يعيش في أوروبا أو الولايات المتحدة أو الدول النامية وفى مقدمتها الكهرباء والتدفئة والاتصالات والمواصلات والنقل الحديث وكل لوازم الراحة والرفاهية في العالم الحديث. وذكر التقرير أن هذه المتطلبات تحتاج لمزيد من الطاقة وبالتالي يتنامى استهلاك العالم من الطاقة تدريجيا، والتقديرات المستقبلية تؤكد الحاجة إلى زيادة إنتاج النفط بنحو مليون برميل يوميا كل عام.
واعتبر تقرير «شيفرون» أن التوقعات التي تشير إلى تراجع إنتاج النفط بسبب ظروف السوق الراهنة وانخفاض الأسعار «خطر» لأننا بحاجة مستمرة إلى تنشيط الاستثمارات وزيادتها، مشيرا إلى أن الاستثمارات في قطاع الطاقة ستصل إلى 40 تريليون دولار خلال العقود المقبلة من الآن وحتى عام 2040.