دعا المنتدى الدولي للطاقة إلى تعميق وتطوير الحوار بين كافة الأطراف الفاعلة في مجال النفط والغاز وخاصة المنتجين والمستهلكين بهدف إيجاد آليات لتحقيق الاستقرار في أسوق الخام العالمية.
وأوضح التقرير الذي أعده الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي الدكتور ألدو فلوريس- كيروجا، أن الوصول إلى استقرار سوق النفط سيتحقق في الأمد القريب مشيرا إلى أن تحديات السوق كبيرة ويمكن مواجهتها عبر التعاون بين المنتجين والمستهلكين وتطوير برامج التعاون والحوار بينهم.
وذكر التقرير أن سوق النفط الخام خاض ثلاثة تقلبات كبيرة خلال السنوات الـ35 الماضية مشيرا إلى التراجع الحاد الذي مرت به السوق عام 1986 وعقب ذلك ارتفعت الأسعار منذ عام 1990 ثم انخفاض الأسعار بشكل كبير قبل أن تعاود الارتفاع بعد عام 2008.
الانخفاضات التاريخية 
وبحسب التقرير فإن الانخفاض الحاد الذي حدث للأسعار في 2014 يعتبر أيضا من أكبر الانخفاضات التاريخية في سوق النفط الخام مشيرا إلى أن الجميع يحاول فهم مسار سوق النفط وتطوراته وكيفية التعامل مع المتغيرات الاقتصادية في العالم.
وأشار التقرير إلى أن ثمانينيات القرن الماضي شهدت حالة مشابهة من تخمة المعروض النفطي ثم جاءت حرب الخليج لترفع الأسعار بسبب المخاوف على الإمدادات في عام 1990 وبعد ذلك حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 التي ما زلنا نعاني تداعياتها حتى الآن وأبرز هذه التداعيات الكساد والانكماش والتباطؤ الاقتصادي في العديد من دول العالم وهو ما أضعف مستويات الطلب على النفط الخام.
وقال التقرير إننا يجب ألا نستغرق وقتا طويلا في التساؤل حول أسباب وسبل منع حدوث التقلبات بل يجب أن يكون التركيز على كيفية مواجهة هذه التقلبات في السوق الأمر الذي يجب أن يحتل مساحة أكبر من اهتمام صناع القرار في مجال الطاقة وأن يكون محورا رئيسيا للحوارات المتعلقة بمستقبل الطاقة في العالم.
ووفقا للتقرير فإن 60 بالمئة من تقلبات أسعار النفط الخام التي حدثت في الـ 35 عاما الأخيرة كانت في حدود 5 بالمئة صعودا أو هبوطا وهو تغير في حدود مقبولة ولم يثر هذا الأمر قلق أي مسؤول خلال الحوارات المتعلقة بالطاقة في الـ 15 عاما الماضية وحتى قبل انطلاق الحوارات المتعلقة بالطاقة.
وأضاف أن بعض التقلبات في الأسعار خلال تلك السنوات وصلت إلى 15 بالمئة صعودا وهبوطا وهو ما أثار قلق بعض الأوساط الاقتصادية مشيرا إلى أن هذه التقلبات كانت نتاج تصريحات لبعض المسؤولين والوزراء في مجال النفط ولكنها كانت غير مزعجة لقطاع كبير من المعنيين بقطاع النفط الخام.
الاستثمار الحذر
ورأى التقرير أن السوق النفطية كانت في أغلب فتراتها مستقرة باستثناء أزمات أعوام 1986 1990- –2008 ثم 2014 موضحا أن تأثير الأزمة نسبي ويختلف حسب مصالح كل طرف وحجم الأضرار الواقعة عليه فالدول المستهلكة على سبيل المثال ترى الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام نبأ سار لها ويدعم اقتصاداتها.
وذكر التقرير أنه في المقابل نجد أن الاستثمارات تنظر بقلق شديد إلى انخفاض الأسعار نظرا لتأثيرها الكبير في القدرة على توفير الإمدادات وزيادة الاستثمارات طويلة الأجل في هذا المجال. ويركز المنتدى الدولي للطاقة على المساعدة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي ولو جزئيا ومواجهة التحديات والصعوبات الناجمة عن الانخفاض او الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة.
وأشار التقرير إلى التزام أوبك بنظم وحصص إنتاجية جيدة تتوافق مع ظروف الاقتصاد الدولي وتتناغم مع رؤية الوكالة الدولية للطاقة حول كيفية إدارة الاحتياطي الاستراتيجي من النفط الخام موضحا أهمية تحقيق التفاهم والتوافق الدولي حول المستويات المقبولة للتقلبات السعرية وتوقيت التدخل الدولي وآليات التعاون لمواجهة الأزمات مع تحديد الأدوات المستخدمة للتعامل مع تلك الأزمات.
توازن الطلب
ونبه التقرير إلى حاجة السوق دائما إلى التوازن بين العرض والطلب ووضوح السياسات والشفافية فيما يخص توجهات الدول والمنظومة الإدارية لقطاع الطاقة مع التركيز على تطوير الحوار وتوافر البيانات الاقتصادية الدقيقة. وألمح التقرير إلى وجود تعاون مثمر يربط بين المنتدى الدولي للطاقة وكل من منظمة أوبك والوكالة الدولية للطاقة من أجل التوصل إلى تفاهمات مشتركة لظروف سوق النفط الخام والأسواق المالية المعنية بقطاع الطاقة والتوصل إلى رؤى مستقبلية موضوعية ومبنية على قاعدة بيانات جيدة تتضمن توقعات وتطورات سوق النفط.
المصالح السياسية
وشدد التقرير على أهمية أن تبقى سوق النفط الخام اقتصاديا بعيدا عن الصراعات والمصالح السياسية وأن تتسم السوق بالشفافية وبالتعاون بين كل المنتجين سواء في أوبك أو خارجها وتبادل البيانات والإحصائيات التي تدعم العمل المشترك من أجل استقرار السوق، لافتا إلى أن الحوار البناء بين جميع الأطراف سيدعم في النهاية «أمن الطاقة» وهو أمر مهم لجميع الأطراف وقضية تشغل جميع الدول، ويجب أن تتوحد الجهود لتحقيق هذا الهدف المشترك.
من ناحية أخرى، تنطلق في العاصمة النمساوية فيينا غدا أعمال مؤتمر «المحاسبة وقياس الأداء في قطاع النفط والغاز» الذي ينظمه مركز أكسفورد لعلوم الإدارة بمشاركة عدد كبير من خبراء الطاقة ومديري شركات النفط والغاز في العالم.ويناقش المؤتمر الذي تستمر أعماله أربعة أيام أحدث نظم وأساليب المحاسبة في شركات النفط والغاز وكيفية تطوير منظومة التقييم وقياس الأداء في أعمال الشركات وكيفية توفير قدر أكبر من الشفافية والبيانات الدقيقة المعلنة للجمهور لمتابعة تطور المراكز المالية للشركات وتأثير المتغيرات في السوق خاصة مستوى الأرباح على قياس الربحية ونمو حجم الأعمال.إلى ذلك، استقرت في ختام الأسبوع المنصرم أسعار النفط الخام الأمريكي بعدما تراجعت إلى أدنى مستوى لها في نحو ستة أعوام ونصف العام حيث أذكى ارتفاع المخزونات وغلق بعض المصافي المخاوف بشأن تخمة المعروض العالمي. وبحسب «رويترز»، فقد هبطت أسعار النفط بالفعل أكثر من 3 بالمئة أمس الأول متأثرة بتقرير عن ارتفاع المخزونات في كاشينج في ولاية أوكلاهوما - نقطة تسليم عقود الخام الأمريكي الآجلة - بأكثر من 1.3 مليون برميل في الأسبوع الذي انتهى في 11 (أغسطس).وهبط الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى له أثناء الجلسة عند 41.35 دولار للبرميل وهو أقل مستوى له منذ (مارس) 2009 قبل أن يتعافى إلى 42.86 دولار مرتفعا 63 سنتا.