"لا يمكن أن تكون صانعا للآلات الموسيقية ما لم تكن موسيقيا" بهذه الكلمات يلخص المتخصص التونسي في صناعة آلة العود عبداللطيف بالأصفر خبرة تراكمت على امتداد أكثر من أربعين عاما في صناعة الآلات الموسيقية بتونس العاصمة.

ويقول بالأصفر وهو يستقبل وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في ورشته بمنطقة (الدندان) غرب العاصمة تونس "ورثت (ورشة بالأصفر لصناعة الآلات الموسيقية) عن أبي وجدي وبدأت العمل في هذه الحرفة منذ أكثر من 40 عاما أي منذ أيام الطفولة ووجدت نفسي شغوفا بالموسيقى".

ويرتدي بالأصفر زيه الأبيض ويتحرك بين الآلات الموسيقية بسلاسة رغم ضيق المساحة وتمتد أصابعه إلى جميع معداته التي يحفظ أماكنها عن ظهر قلب فيشد أوتار هذا العود قليلا ثم يعزف برهة ولا يترك الآلة من يده حتى يتأكد من أن سلمها الموسيقي سليم.

ويؤكد أن "خطأ بمليمتر واحد قد يفسد كل السلم الموسيقي" مشيرا إلى أن هذه الورشة متوارثة من عدة أجيال "حيث صنع أبي محمد بالأصفر أول كمان في تونس وافريقيا في عام 1963" وهو يشير في الوقت ذاته إلى صحيفة تعود للعام ذاته وتتحدث عن هذا الكمان.

وشدد على أن الشغف بالموسيقى وبهذه الحرفة سيطر عليه منذ الطفولة مضيفا انه "لا يمكن أن تكون صانعا للآلات الموسيقية ما لم تكن شغوفا بالموسيقى وعارفا بها.. فإتقان الموسيقى عزفا وانصاتا شرط أساسي بل حيوي في هذه الحرفة".

ويقر بأن "التطور التكنولوجي أثر بشكل كبير على هذه الحرفة فقد قل بشكل ملحوظ الإقبال على آلة العود ولم يعد يستعملها إلا الموسيقيون والمختصون" لكن "رغم كل شيء ورغم كل الصعوبات ومهما تطورت الموسيقى يظل العود سلطان الآلات الموسيقية ولن يندثر".

ويتخصص عبداللطيف في صناعة العود التونسي والعود الشرقي "اللذين وإن كانا لا يختلفان كثيرا في الشكل فإنهما يصنعان من أنواع مختلفة من الخشب والأوتار وبينهما اختلافات كبيرة لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة".

وأوضح أن العود التونسي بأربعة أوتار فقط ويمكن القول انه مختص بعزف الموشحات والموسيقى الأندلسية القديمة في حين أن العود الشرقي هو بأوتار أكثر (خمسة أو ستة) وهو أكثر مرونة في عزف جميع أنواع الموسيقى وأكثر انسجاما مع باقي الآلات الوترية.

وعلى الرغم من سمعته الواسعة كأحد أبرز المختصين في صناعة العود وحرفائه من داخل تونس وخارجها فان عبداللطيف يرى أن "هذه الحرفة تواجه العديد من الصعوبات ومنها ارتفاع أسعار الأخشاب والمواد الأولية التي نصنع بها الآلات الموسيقية .. لكن أكبر التحديات التي نواجهها عزوف الشباب عن تعلم وممارسة هذه الحرفة التي تتطلب سنوات لإتقانها".