تتجه الدول العربية إلى تفعيل شراكاتها الاقتصادية من خلال منطقة التجارة الكبرى، التي ستشكل الفترة المقبلة نقلة نوعية لها، بالنظر إلى استعداد الدول الأعضاء للموافقة على الـ11 بندا من بنود قواعد منشأ السلع التي كانت مثار خلاف وعطلت اتفاقية التجارة المشتركة خلال الأعوام الماضية.
وأوضح الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية لجامعة الدول العربية الدكتور محمد التويجري أنه تم الاتفاق أخيرا على الصيغة المشتركة لجميع بنود قواعد المنشأ التي على ضوئها ستعقد اجتماعات على مستوى خبراء ومسؤولين كبار في الدول العربية لإقرارها بشكلها النهائي، وبالتالي سيتم تفعيل منطقة التجارة العربية الكبرى التي ستصب في صالح الاقتصاديات العربية.
وأضاف التويجري، «تفعيل منطقة التجارة الكبرى سيسهم في تعزيز الاستثمارات البينية بين الدول العربية، وسيضفي المرونة الكاملة لانسياب السلع بين الدول، ويدعم السلع العربية التي تصل نسبة تكوينها العربي إلى 40 بالمئة، إلى جانب أنه يضمن عدم تعطل السلع في الموانئ العربية».
معلوم أن الدول العربية الأعضاء انتهت في عام 2007 من وضع قواعد المنشأ التفصيلية على أسس تفضيلية وكثفت اجتماعات اللجنة الفنية لقواعد المنشأ العربية وقد سعت للاتفاق على صيغة مشتركة لقواعد المنشأ للسلع العربية، التي منها نسبة القيمة المضافة في السلع العربية.
وأفاد التويجري خلال حديثه لـ «الاقتصادية» من مقر إقامته في القاهرة أن اجتماعات ستجرى اعتبار من نهاية الشهر الجاري حتى مطلع الشهر المقبل على مستوى كبار المسؤولين العرب لإصدار الموافقة النهائية على قواعد المنشأ العربية.
ويعد منشأ المنتجات الأساس الذي يتم عليه إتمام عملية تبادل السلع لأغراض تجارية بين الدول وتحديدا في جانب الاستيراد، إذ من دونها يصعب تحديد جنسية السلعة، وبالتالي فقدان إمكانية تصنيفها. كما أنه بموجب المنشأ تتم عملية تحديد الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى وممارسة الإجراءات الجمركية المناسبة التي قد تكون قيودا أو التزامات مطلوبا تطبيقها على السلع بين الدول التي وضع لها آليات خاصة بها أثناء صياغة الاتفاقيات التجارية والبروتوكولات. وقد عد تحديد هوية السلعة العربية الهدف الأساسي من وراء وضع قواعد المنشأ العربية. يذكر أنه في عام 1984 أقرت لجنة الخبراء العرب لشؤون التعرفة الجمركية أسس تحديد القيمة المضافة وذلك على النحو التالي، «تحسب القيمة المضافة لإنتاج السلع المحلية على أساس الفرق بين القيمة النهائية للسلعة المنتجة حتى انتهاء عملية التصنيع التي أجريت عليها، وبين قيمة المواد الخام أو نصف المصنعة المستوردة من الخارج والداخلة في عملية الإنتاج، ويقصد بالخارج المواد المستوردة من غير الدول العربية، أي أن السلع أو المواد الداخلة من داخل البلد أو التي تصدرها دولة عربية طرف في الاتفاقية، أو أن يكون بلدا عربيا يرتبط معها باتفاق تعاون أو تكامل تعامل باعتبارها سلعا أو موارد محلية». ومع تحديد منظمة التجارة العالمية اتفاقية قواعد المنشأ لمنظمة التجارة العالمية أقرت مجموعة من الضوابط التي يجب استخدامها عند تطبيق قواعد المنشأ عام 1995.
وخلال الفترة الانتقالية أصبح بالإمكان الاستئناس بها عند وضع الأحكام العامة لقواعد المنشأ العربية. وقد تضمنت الضوابط خلال الفترة الانتقالية موضوعات محددة تتضمن عند إصدارها أحكاما إدارية للتطبيق العام، تحدد بوضوح الشروط التي ينبغي استيفاؤها ولاسيما في الحالات التي يطبق فيها معيار تغيير التصنيف الجمركي، وينبغي لقاعدة المنشأ هذه وأي استثناءات أن تحدد بوضوح البنود أو البنود الفرعية في التصنيف الجمركي الذي تتناوله القاعدة.ومع بداية عام 1996 عادت جولة جديدة من المفاوضات نحو صياغة قواعد منشأ عربية، أي مع بداية التحضير لمنطقة التجارة الحرة العربية وذلك استجابة لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي في ذلك العام الذي بين أنه استنادا إلى الفقرة الأولى من قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 1249 بشأن قواعد المنشأ العربية التي تنص على «أن تقوم الدول العربية بتزويد قواعد المنشأ المطبقة لديها وتحديد السلع ذات الأولوية التي ترغب في تحديد قواعد منشأ لها».