أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن قادة منطقة اليورو اتفقوا بالإجماع على إنقاذ اليونان. وكتب توسك قائلا في تغريدة على تويتر « قمة اليورو توصلت إلى اتفاق بالإجماع. الكل جاهز للمضي نحو برنامج آلية الاستقرار الأوروبية لليونان من أجل إصلاحات جادة ودعم مالي»، منوها إلى أن الاتفاق أعاد الثقة إلى اليونان. وبعد مفاوضات استمرت طول الليل حتى صباح امس الاثنين في بروكسل اتفقت أثينا مع مقرضيها على الإصلاحات اللازمة إجراؤها لبدء مفاوضات تتعلق بخطة مساعدة ثالثة لليونان بقيمة تقدر ما بين 82 و86 مليار يورو على ثلاث سنوات.
وقال رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس عقب انتهاء المفاوضات إن المخاطر المتعلقة بخروج اليونان من منطقة اليورو أصبحت من الماضي. ووفقا لتسيبراس فإن اليونان تمكنت من الاتفاق على إعادة هيكلة ديونها وحصلت على تمويل متوسط الأجل في حزمة بقيمة 35 مليار يورو، مشيرا إلى أن الاتفاق قد يجلب استثمارات جديدة تساهم في انتشال البلاد من حالة الركود الاقتصادي. كما أكد تسيبراس أن الصندوق المخصص لجمع 50 مليار يورو من خصخصة الأصول اليونانية سيبقى في أثينا. وقال تسيبراس للصحفيين: «الاتفاق صعب لكننا تجنبنا محاولة نقل أصول الدولة إلى الخارج. تفادينا الخطة الرامية للخنق المالي ولانهيار النظام المصرفي... في هذه المعركة الصعبة تمكنا من الفوز بإعادة هيكلة للديون». وأضاف تسيبراس قائلا: «لقد قاومنا بشدة، قاومنا حتى النهاية لصالح اتفاق أفضل يعطي للبلاد إمكانية للوقوف على قدميها، الاتفاق يحفظ لليونان شروط الاستقرار المالي، ويتضمن شروط إعادة إعمار الاقتصاد».
من جهة أخرى، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن أثينا زادت أوضاعها سوءا بالتدهور الحاد الذي شهده اقتصادها على مدى الأشهر الستة الماضية وإغلاق بنوكها خلال الأسبوعين الماضيين. وترى ميركل أن إجراء إصلاحات واسعة النطاق ستمكن اليونان من العودة إلى مسار الانتعاش الاقتصادي، و قالت خلال مؤتمر صحفي عقب نتائج قمة قادة دول مجموعة اليورو: «ستتمكن اليونان من العودة إلى مسار الانتعاش الاقتصادي عبر إجراء إصلاحات واسعة النطاق». وردا على سؤال عما إن كانت تثق في تنفيذ اليونان لحزمة الإنقاذ القاسية، قالت ميركل: «سيكون طريقا طويلا وصعبا». وأقرت المستشارة بأن ألمانيا تخلت عن مطلبها بأن ينص بيان القمة
بوضوح على ضرورة تعليق عضوية اليونان في منطقة اليورو مؤقتا إذا لم تلب شروط مساعدات الإنقاذ.وأضافت ميركل: «لا نحتاج إلى خطة ب نظرا للموافقة على الخطة أ».
 من جهته، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن الاتفاق المتعلق باليونان سيسمح لها بالبقاء في منطقة اليورو.
ويتوجب على الحكومة اليونانية الآن عرض هذه الإصلاحات على البرلمان اليوناني للمصادقة عليها، وقال رئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلوم في هذا الخصوص أن البرلمان اليوناني يجب عليه إصدار تشريعات لتنفيذ الإصلاحات المتفق عليها في بروكسل على الفور. وبعد إعلان الاتفاق ارتفع سعر اليورو إلى 1.1194 دولار بحلول الساعة 10:00 بتوقيت موسكو.
وأعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن موسكو تدرس إمكانية إمداد اليونان مباشرة بموارد الطاقة لمساعدتها في انعاش اقتصادها. وقال الوزير الروسي للصحفيين في موسكو «روسيا تنوي دعم النمو الاقتصادي لليونان عبر توسيع التعاون في قطاع الطاقة. لذلك ندرس إمكانية البدء قريبا بإمداد اليونان مباشرة بمصادر الطاقة». وأضاف نوفاك: «نعمل على ذلك الآن ونأمل في التوصل إلى اتفاق في غضون أسابيع قليلة». وتواجه اليونان أزمة ديون حادة مع تعثرها في التوصل إلى اتفاق مع مقرضيها الدوليين (الاتحاد الأوروبي، المفوضية الأوروبية، صندوق النقد الدولي) بشأن حزمة إنقاذ جديدة. مما دفع المحليين إلى توقع خروج اليونان من منطقة اليورو بعدما باتت على شفير انهيار مالي مع اقتصاد يتلاشى شيئا فشيئا ومصارف مغلقة منذ أسبوعين.
ونقلت قناة «ميجا» اليونانية أن وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله قاطع مداخلة لرئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي عندما تحدث عن الأزمة اليونانية قائلا: «لا تضيعوا في الهراء!»، مما دفع ديسيلبلوم إلى رفع الجلسة على الفور. ومع إغلاق البنوك في الأسبوعين السابقين وتقنين سحب الأموال ووقوف الاقتصاد على حافة الهاوية، يرى بعض اليونانيين أن ألمانيا تعرقل اعتماد خطة ثالثة للمساعدة لأثينا، إذ قال ديمتريوس باباديموليس نائب رئيس البرلمان الأوروبي وعضو حزب سيريزا الحاكم في اليونان يوم الأحد إن ألمانيا تحاول إذلال أثينا بإدخال طلبات جديدة في اتفاق الإنقاذ.
وفي إظهار لمعارضة ألمانيا القوية لحزمة إنقاذ جديدة لليونان تقدم وزير المالية الألماني بورقة تتضمن مطالبة أثينا باتخاذ إجراءات قوية أو خروج اليونان مؤقتا من منطقة اليورو لفترة مدتها خمس سنوات. وأضاف باباديموليس «ما يبدو هنا هو محاولة لإذلال اليونان واليونانيين أو الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس». من جهته، دعا وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن ألمانيا إلى تفادي خروج اليونان من منطقة اليورو محذرا برلين من شقاق كارثي مع فرنسا إذا دفعت في اتجاه خروج أثينا من منطقة اليورو.