استفاقت سوق النفط العالمية من الضربة القوية التي شهدتها بعد استفتاء اليونان والتي هوت بالأسعار بنسبة 7.7 بالمئة. فقد ارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت تسليم (أغسطس) 70 سنتا إلى 57.24 دولار للبرميل بعدما انخفض بما يزيد على 6 بالمئة في الجلسة السابقة. ولامس «برنت» البارحة الأولى مستوى 56.38 دولار لفترة قصيرة مسجلا أدنى مستوياته منذ العاشر من (أبريل).وجرى تداول الخام الأميركي عند 53.10 دولار للبرميل مرتفعا 57 سنتا عن سعر التسوية، حينما لامس مستويات لم يشهدها منذ منتصف (أبريل) الماضي.
وتسببت نتائج الاستفتاء فى زيادة المخاوف فى السوق، وزيادة حالة العزوف عن المخاطرة فى الأسواق، وترقب تطورات القضية؛ فى ضوء اجتماع وزراء مالية دول منطقة اليورو أمس، لبحث البدائل فى ضوء نتيجة الاستفتاء، ومدى إمكانية التوصل لاتفاق جديد بين الحكومة اليونانية والدائنين.
وقال مايكل تورنتون المختص في مبادرة الطاقة الأوروبية إن سوق النفط شهدت حالة من حالات الضعف القياسية على مدى الشهرين الماضيين، بسبب نتائج استفتاء اليونان، حيث تسبب رفض اليونانيين شروط الدائنين فى زيادة المخاوف فى السوق والعزوف عن الاستثمار انتظارا للتطورات المتلاحقة في هذا الملف.
وأشار مايكل تورنتون إلى أنه تزامن مع تداعيات استفتاء اليونان أيضا، اضطرابات فى بورصة الصين، وأنباء عن شبهات تلاعب مالي وفساد. وأدى هذان العاملان معا إلى إضعاف منظومة الطلب، وانهيار مستوى الأسعار الإثنين، لتفقد الأسعار مايقارب 8 بالمئة من قيمتها. وأوضح أن فرنسا وألمانيا ألقيتا الكرة فى ملعب اليونان، وطالبا الحكومة اليونانية بالتقدم باقتراحات جديدة لاستئناف المفاوضات.
وأشار تورنتون إلى أن تغيرا كبيرا حدث فى الموقف الألماني، حيث أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن شروط استئناف المفاوضات غير متوافرة لدى الجانب اليوناني، بينما من المعروف أن ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية تحمسا لإنقاذ اليونان. وأضاف أن هذا المواقف تعكس حقيقة واحدة هي أن المفاوضات القادمة مع اليونان ستكون أكثر صعوبة وأطول أمدا، وبالتالي ستمتد حالة عدم الاستقرار فى الاقتصاد العالمي، وبخاصة فى أسواق المال والمعادن والنفط الخام.
وذكر المختص البلغاري مارتن جورجييف أن جميع القوى الدولية وبخاصة ألمانيا والاتحاد الأوروبى، أبدوا احترامهم لقرار الشعب اليوناني، رغم أن هذا القرار كان له انعكاسات سلبية حادة على الأسواق المالية وعلى استقرار الاقتصاد الدولي.
وتوقع مارتن جورجييف أن تخفف القوى الدولية شروطها لإنقاذ الاقتصاد اليوناني، فى ضوء الاستفتاء الأخير ولقناعة هذه القوى أن هناك خطورة على مستقبل منطقة اليورو، وعلى قوة العملة الموحدة، التي تراجعت كثيرا أمام الدولار الأميركى فى الفترة الماضية. وأشار إلى انخفاضات البارحة الأولى الحادة هى رد فعل سريع على الأحداث، لكن السوق ستعود إلى مسارها الطبيعى، بل يمكن أن تحقق قفزات سعرية عكسية إذا تم التوصل إلى اتفاق بين اليونان والدائنين.
وقال جورجييف إن الملفين الآخرين الخاصين بالصين وإيران، ربما يكون تأثيرهما في سوق النفط أكبر من تأثير الأزمة اليونانية، لأن شبهات الفساد والتلاعب المالي فى البورصة الصينية تضعف الثقة فى الاقتصاد الصينى بشكل عام، وتضعف المصدر الأبرز للطلب العالمي على النفط، كما أن عودة الصادرات الإيرانية ستؤدي إلى قفزة فى المعروض العالمى من النفط الخام.