تلقت أسواق النفط والأسهم العالمية صدمة في تعاملات الاثنين 6 يوليو بعد أن أظهرت نتائج استفتاء اليونان أمس رفض شروط المقرضين الدوليين مقابل الحصول على مساعدات مالية جديدة. وانتهى الاستفتاء الذي جرى في اليونان بفوز الرافضين بنسبة 61.31 بالمئة لشروط خطة الإنقاذ الأوروبية التي تتضمن تدابير تقشف جديدة، مقابل 38.96 بالمئة لمؤيدي مقترحات الدائنين، وفق نتائج نهائية نشرتها وزارة الداخلية امس الاثنين.
وأثارت نتيجة الاستفتاء اليوناني شكوكا في استمرار اليونان في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، ما أدى إلى هبوط اليورو في بداية تعاملات اليوم. وبحلول الساعة 12:50 بتوقيت موسكو هبطت أسعار تعاقدات خام «برنت» القياسي بقيمة 3.11 دولار إلى 58.96 دولار للبرميل، وتراجعت أسعار تعاقدات الخام الأميركي إلى 54.45 دولار للبرميل هابطة نحو 2.48 دولار منذ آخر تعامل لها قبل عطلة 4 يوليو العامة. ويعني هذا الهبوط أن أسعار التعاقدات الآجلة لكلا الخامين في أدنى مستوى لها منذ منتصف أبريل.
مجموعة اليورو
وأعلنت مجموعة اليورو الاثنين 6 يوليو في بيان لها أن وزراء مالية اليورو ينتظرون من السلطات اليونانية أن تعرض اليوم الثلاثاء اقتراحات جديدة تتعلق بالإصلاحات والاقتطاع في الميزانية.
وجاء في البيان: «مجموعة اليورو ستناقش الوضع بعد الاستفتاء الذي جرى في اليونان في 5 يوليو وينتظر الوزراء اقتراحات جديدة من السلطات اليونانية». وتعقد مجموعة اليورو اجتماعها اليوم الثلاثاء اعتبارا من الساعة 11:00 بتوقيت غرينيتش في بروكسل قبل قمة استثنائية جديدة لمنطقة اليورو تخصص لليونان.
وقبيل هذا الاجتماع الهام تجري مناقشات عدة على أعلى المستويات غداة رفض اليونانيين بغالبية ساحقة خطة الدائنين في استفتاء هز أوروبا. وتبقى الانقسامات عميقة بين الدول الـ18 حول كيفية مساعدة اليونان بعد انتهاء خطة المساعدة المالية الثانية لهذا البلد في 30 يونيو وفي ظل مخاطر خروجه من منطقة اليورو، ما سيشكل سيناريو لا يمكن احتساب عواقبه.
وفي برلين أعلن المتحدث باسم المستشارة أنغيلا ميركل أن «اليونان عضو في منطقة اليورو ويعود لليونان ولحكومتها أن تتصرف بحيث يبقى الوضع كذلك» فيما اعتبر متحدث باسم وزارة المالية أنه «ليس هناك ما يدعو» إلى البحث في إعادة جدولة الدين اليوناني.
وكانت برلين أعلنت في الصباح أن الظروف «غير متوافرة للتفاوض حول مساعدة جديدة لليونان» رافضة البحث في إعادة جدولة ديون أثينا استجابة لطلبها.
فنلندا وإسبانيا
من جهته قال وزير المالية الفنلندي اليكس ستاب الذي يعتبر من المتشددين أيضا إنه «لا يمكن استئناف المفاوضات إلا بعدما تصبح الحكومة اليونانية مستعدة للتعاون وللالتزام بتدابير جديدة لإرساء استقرار اقتصادها وتطبيق الإصلاحات البنيوية الضرورية لتحمل أعباء الدين» مؤكدا في مدونته الإلكترونية أن «الكرة الآن في ملعب اليونان».
أما إسبانيا المتشددة عادة حيال اليونان فأبدت انفتاحا على احتمال منح هذا البلد خطة مساعدة ثالثة استجابة لطلبه الأسبوع الماضي.
وأعلن وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غويندوس أن «من حق أثينا تماما أن تطلب خطة إنقاذ ثالثة» مشددا على أن «هذا ضروري تماما في ضوء الظروف وأوضاع الأسواق».
وقال إن مدريد «لا تفكر إطلاقا في خروج اليونان من اليورو» مضيفا «أعتقد أن هناك أخطاء ارتكبت من جانب ترويكا الدائنين لكن لا مفر لليونان من القيام بالإصلاحات المترتبة عليها».
وفي باريس ذكر وزير المالية ميشال سابان أنه «لا يمكن إيجاد أي حل ما لم يجر حديث معمق وحقيقي بين أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند».
ومن جهته استبعد رئيس مصرف «VTB» الروسي (بنك التجارة الخارجي) أندريه كوستين أن يكون هناك أي تداعيات سلبية للوضع الحالي في اليونان على الاقتصاد الروسي.
وقال كوستين « ردا على سؤال عن العواقب المحتملة التي ستعترض روسيا بسبب الوضع في اليونان: «لا أرى أي عواقب سلبية على الاقتصاد الروسي، على الرغم من أن أي أزمة في أوروبا لن تصب في صالح روسيا بطبيعة الحال».
مؤكدا أن المخاطر التي ستواجه الشركات الروسية والمؤسسات المالية بسبب الوضع في اليونان قريبة من الصفر.
 وأشار كوستين إلى أن انضمام اليونان إلى منطقة اليورو عام 2001 أدى منذ البداية إلى مصاعب اقتصادية لاحقة في البلاد، وأن أمام اليونانيين الآن الاختيار ما بين سيناريو سيء وآخر سيء جدا، لافتا إلى أن على اليونان العمل لعشرات السنين، فقط لدفع الفائدة على الديون الخارجية القائمة. وذكر كوستين بأن الأزمة الحالية في اليونان هي الثالثة في غضون السنوات الخمس الماضية.
وكان وزير الاقتصاد الألماني أول من علق على نتيجة الاستفتاء في اليونان إذ أعلن من برلين أنه «يصعب تصور» مفاوضات جديدة بين الأوروبيين وأثينا معتبرا أن رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس «قطع آخر الجسور».
وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز «ربما يترتب علينا منح قروض عاجلة لأثينا حتى تستمر الخدمات العامة في العمل وأن يتلقى الناس المحتاجون المال الضروري للاستمرار».
وكتب وزير المالية السلوفاكي بيتر كازيمير وهو من المتشددين ضد اليونان في تغريدة أن «كابوس مهندسي اليورو المتمثل في احتمال خروج بلد من النادي يبدو سيناريو واقعيا».
أخذت الحكومة البريطانية علما ب «الرأي الحاسم» الذي عبر عنه اليونانيون برفضهم خطط الدائنين في استفتاء اول أمس الأحد، مؤكدة أنها «ستفعل كل ما هو ضروري لحماية» اقتصادها، كما قال متحدث باسم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
الأزمة الاقتصادية
وقال المتحدث «إنها لحظة حرجة في الأزمة الاقتصادية اليونانية. وسنواصل القيام بكل ما هو ضروري لحماية أمننا الاقتصادي في هذه المرحلة الغامضة، وقد وضعنا خططا طارئة»، موضحا أن رئيس الوزراء سيرأس صباح الاثنين اجتماعا «لمراجعة هذه الخطط على ضوء نتيجة اول أمس» في الاستفتاء اليوناني.
قال تشينغ قوبنغ نائب وزير المالية الصيني اليوم الاثنين إن الصين واثقة من أن الاقتصاد اليوناني سينهض باجتهاد كل الأطراف ولكنها لم تقل ماإذا كان رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس قد يحضر اجتماع قمة للقوى الصاعدة  في وقت لاحق في هذا الأسبوع في روسيا.
وقال تشينغ إنه يعتقد أن أزمة الديون اليونانية «ستُحل بشكل ملائم.»
وقال للصحفيين في أول تعليق رسمي للصين على الاستفتاء اليوناني «أعتقد أن اجتهاد كل الأطراف سيُغير الوضع الاقتصادي لليونان .» وقال»مسألة ماإذا كانت ستُعالج بشكل ملائم أم لا لن يكون لها تأثير على اليونان وشعبها فحسب ولكن سيكون لها أيضا تأثير مهم على العالم.»
واستقال وزير المالية اليوناني يوم امس مزيلا بذلك عقبة كبيرة أمام أي اتفاق يمكن التوصل إليه في اللحظات الأخيرة لإبقاء اليونان في منطقة اليورو بعدما صوت اليونانيون بأغلبية كبيرة ضد الشروط التقشفية التي تضمنتها خطة الإنقاذ المالي التي قدمها دائنوها.
يانيس فاروفاكيس
وكان يانيس فاروفاكيس الذي يطرح نفسه كاقتصادي ماركسي والذي أثار حفيظة الشركاء في منطقة اليورو بأسلوبه غير التقليدي ومحاضراته المتغطرسة دعا إلى التصويت بالرفض في استفتاء الأحد متهما مقرضي اليونان بالإرهاب.
وقال فاروفاكيس في بيان «علمت بوجود رغبة محددة لدى بعض المشاركين في مجموعة اليورو وعدد من الشركاء بألا أحضر اجتماعات المجموعة وهي فكرة يرى رئيس الوزراء أنه قد يكون من شأنها مساعدته على التوصل لاتفاق.»
وتشير تضحية فاروفاكيس بعد وعده اليونانيين بأنه سيظفر باتفاق أفضل خلال يوم من الاستفتاء إلى أن رئيس الوزراء اليساري أليكسيس تسيبراس عازم على محاولة التوصل لحل وسط أخير مع الزعماء الأوروبيين.
ومع استمرار إغلاق البنوك ونفاد الأموال في ماكينات الصراف الآلي وقرب تلاشي التعاطف مع أثينا بين حكومات الاتحاد الأوروبي يبقى مصير اليونان إلى حد بعيد في أيدي البنك المركزي الأوروبي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وعقد مجلس حكام البنك المركزي اجتماعا عبر الهاتف لاتخاذ قرار بشأن مدة مساعدة بنوك اليونان على الوفاء بالتزاماتها بعد رفض أغلبية اليونانيين لشروط الإنقاذ المالي التي ساعد البنك المركزي في وضعها.
أما ميركل التي تتعرض لضغوط متزايدة في ألمانيا لإخراج اليونان من منطقة اليورو فستلتقي الرئيس الفرنسي فرانسوا اولوند في باريس في وقت لاحق من يوم الاثنين سعيا لرد مشترك قبيل قمة استثنائية لزعماء منطقة اليورو في بروكسل اليوم الثلاثاء.
المستشارة الألمانية
ويتحول الرأي العام في أكبر اقتصاد في أوروبا بشكل سريع ضد تقديم أي مساعدات أخرى لليونان. وقال زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية الذي يقود الحزب الديمقراطي الاشتراكي يوم الأحد إن تسيبراس هدم آخر جسور الحلول الوسط مع منطقة اليورو.
وبعد خمس سنوات على بداية الأزمة المالية وارتفاع نسبة البطالة صوت 61.3 بالمئة من اليونانيين ضد شروط خطة الإنقاذ المالي التي رفضتها حكومتهم اليسارية هذا الشهر ليزجوا بذلك باليونان في براثن المجهول.
وقال تسيبراس في خطاب تلفزيوني «لقد اتخذتم قرارا غاية في الشجاعة» بينما تجمع مؤيدوه في ميدان سينتاجما وسط العاصمة اليونانية للاحتفال بتحديهم للمؤسسة السياسية والمالية الأوروبية.
وأضاف تسيبراس «التفويض الذي منحتموني إياه ليس تفويضا لقطع العلاقات مع أوروبا ولكن تفويضا لتعزيز موقفنا التفاوضي سعيا إلى حل قابل للتطبيق.»
وقال عدد من الخبراء بسياسة البنك المركزي الأوروبي إن البنك المركزي سيرفض طلبا من الحكومة اليونانية لزيادة سقف المساعدة السائلة الطارئة التي يقدمها البنك المركزي اليوناني وسيبقي الحد دون تغيير وهو ما من شأنه التضييق على البنوك تدريجيا لكنه سيعطيها فسحة بسيطة لمدة أيام قليلة.
وقال مسؤول يحضر اجتماعات مجموعة اليورو إن «الرسالة الأولى لأثينا هي أنه لا أحد يريد أن يرى فاروفاكيس مجددا بعد أن وصفنا بالإرهابيين.»
ولم يتضح ما إذا كان اولوند أو شخصيات من كبار صناع سياسة الاتحاد الأوروبي أوصلوا تلك الرسالة إلى تسيبراس خلال اتصالات هاتفية مساء الأحد بعدما اتضحت نتيجة الاستفتاء.
إعادة هيكلة
وفي رسالة احتفال على مدونته بمناسبة تصويت اليونانين ضد شروط خطة الإنقاذ المالي قال فاروفاكيس إن اليونانيين لقنوا أوروبا درسا في الديموقراطية ويجب أن يطلبوا الآن شروط إنقاذ مالي أفضل.
أضاف أنه «من الضروري إذا يتم استثمار رأس المال الكبير الذي ستحصل عليه حكومتنا بفضل التصويت الرائع بالرفض على الفور في تصويت بنعم لصالح حل ملائم واتفاقية تشمل إعادة هيكلة الدين وتقليل التقشف وإعادة التوزيع لصالح المحتاجين وإصلاحات حقيقية.»
لكن مسؤولين بالاتحاد الأوروبي قالوا إنه سيكون من الصعب تقديم شروط أيسر لليونان لأسباب ليس أقلها أن اقتصادها عاد إلى الكساد منذ فوز حزب تسيبراس بالسلطة في يناير كانون الثاني.
أما وزير المالية الأسباني ميشيل سابان فدعا الحكومة اليونانية لتقديم مقترحات للتوصل إلى اتفاق للإصلاح مقابل التمويل مع الدائنين قائلا إن أساس الحوار لا يزال قائما.
أصدر المركز المالي الكويتي «المركز» مؤخرا تقريره الشهري عن دراسات الأسواق، والذي تناول فيه دراسة وتحليل أداء أسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأسواق الأسهم العالمية لشهر يونيو.
المركز
وأظهر التقرير أن أداء الأسواق الكويتية قد تأثر نتيجة لغياب البوادر الإيجابية. وتراجع مؤشرا الكويت الوزني والسعري بنسبة 0.4 بالمئة و1.4 بالمئة على التوالي نتيجة انخفاض قيمة وحجم التداول بأكثر من 40 بالمئة. وكان الاتجاه الصعودي لأسعار خام برنت الذي ساد في أبريل 2015 قد توقف نتيجة للمخاوف من خروج اليونان من منطقة اليورو، حيث أعلنت الحكومة اليونانية أنها لن تتمكن من سداد قرضها المستحق لصندوق النقد الدولي في 30 يونيو 2015. وإلى جانب ذلك، لم يتراجع إنتاج النفط الصخري الأميركي إلى المدى الذي توقعه المحللون والمعنيون بهذا القطاع على الرغم من انخفاض سعر النفط الخام إلى حوالي النصف. وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) قد قررت في اجتماع عقدته في 5 يونيو 2015 المحافظة على مستوى إنتاجها النفطي، مشيرة بذلك إلى إطلاق أيدي أعضائها لإنتاج كميات النفط الخام التي يرغبون بإنتاجها دون أي قيود. وأصبح إنتاج دول الأوبك اليوم يزيد بحوالي 1 مليون برميل يوميا عن الحد الرسمي اليومي البالغ 30 مليون برميل.