إن ما حدث أمس الأول لا يمكن وصفه إلا بالجريمة النكراء البشعة، فقتل الأبرياء في المساجد أثناء الصلاة وهم صائمون لا يمكن أن يحدث إلا من مختل عقليا أو مغيب لا يدري جريمة ما اقترفت يداه، فقد توعد الله عز وجل من قتل مؤمنا بقوله:«وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا»، فمن تجرأ على هذا الفعل في المسجد، لن يتردد في استباحة القتل في أي مكان آخر، فقد اختار هذا الجبان بيتا من بيوت الله ليكون مكانا لتنفيذ عمل ارهابي في أفضل ايام الله، فقد قال تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ». في هذا البلد يتعايش الجميع جنبا إلى جنب المقيم إلى جانب الكويتي، لا تفريق فيه بين مذهب ومذهب، ولا بين ديانة وديانة أخرى، الكل يعيش في أمن وسلام على هذه الأرض الطيبة بأهلها وناسها، فنحن ندعو الله في هذه الأيام المباركة ان يبعد الإرهاب عنها ويديم نعمة الأمن والأمان عليها، إنه نعم المولى ونعم الوكيل، وندعو إلى التمسك بالوحدة الوطنية فهي سبيلنا إلى الخروج من هذه المحنة ومجابهة هذه الفئة الضالة التي لا تفرق بين شيخ وطفل.  هؤلاء يسمون أنفسهم «دولة الخلافة الإسلامية» فعن أي خلافة هذه يتكلمون، والدين منهم براء، ويسمون من يفجرون أنفسهم شهداء فإلى أي شهادة ينتمون والإسلام بريء من كل فعل يقومون به أو يفعلونه. فقد غسلت أدمغتهم حتى أصبحوا لا يستوعبون جرم ما يفعلون، فهم يفجرون ويقتلون ويهدمون ويحرقون ويفعلون كل ما يتنافى مع جميع الشرائع السماوية، فنحن نتساءل ونريد الإجابة، لم يفعلون كل ذلك، وما العائد عليهم من ورائه؟ إذا كانوا مسلمين كما يسمون أنفسهم؟ من وجهة نظر من يتابع الأحداث الجارية حولنا يستنتج ان ما يقوم به هؤلاء ما هو إلا تنفيذ لأجندات خارجية ليس إلا، لأن ذلك لا يعود بأي نفع على من فعل ذلك، إلا إذا كان مكلفا بهذا الأمر من قبل أشخاص يريدون عدم الاستقرار لهذا البلد الآمن، أدام الله عليه أمنه وأمانه، فنحن نبرأ من إسلام هؤلاء ومعتقداتهم المغلوطة والخاطئة، التي لا تمت لأي دين بصلة، ونتمنى من الله ان يكون هذا آخر مشهد من كابوس مزعج رأيناه في منامنا، وأن يديم الله نعمة الأمن والأمان على كويتنا الحبيبة في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو أمير البلاد وولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهما وعلى أهلها الطيبين المسالمين، وأن يتغمد  الشهداء بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته، وأن يمن على المصابين بسرعة الشفاء، إنه نعم المولى ونعم النصير.
 

منحة لا محنة

من المحنة تتولد المنحة، فالجميع رأى المشهد المهيب أمام بنك الدم، حيث توافد الجميع سُنة وشيعة، حضرا وبدوا، مواطنين ومقيمين، في صورة جسدت تلاحم وتعاضد هذا الشعب العظيم، ومن المحنة تتولد المنحة، مصداقا للحديث النبوي الشريف «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى». 
 

بقلم: مقيم على أرض الكويت