الحضارة العربية و الإسلامية هي حضارة كتب ومكتبات كان لها أكبر الأثر في تقدم وازدهار الحضارة الانسانية في العصر الحديث ، ومن المعلوم  ان  الإسلام يحض على العلم ويعتبره فريضة على كل مسلم، وقد ابتدأ القرآن الكريم نزوله بالآيات “اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم” وكانت الآية القرآنية “ن والقلم وما يسطرون” وقوله تعالى: “إنما يخشى الله من عباده العلماء” وقوله أيضاً : “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات”. وقد أحب المسلمون الكتب حباً ملك عليهم مشاعرهم وذكر ول ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) “ لم يبلغ حب الكتب في بلد آخر من العالم إلا في بلاد الصين في عهد منج هوانج ما بلغه في بلاد الإسلام في القرون الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر». 
ومن المتفق عليه انه بدأت الحركة العلمية الاسلامية  في القرن الأول الهجري، بجمع القرآن الكريم ونسخه، وجمع الحديث الشريف وتدوينه، والترجمة إلى العربية عن اليونانية والفارسية والهندية وغيرها من اللغات، والدراسات الفقهية، والأشعار والأنساب، وتسجيل السيرة النبوية والمغازي، وظهرت المكتبات الخاصة، وتطورت المكتبات ونضجت وازدهرت في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) وبلغت ذروتها في القرن الرابع. وشهد القرن الثاني الهجري تطوير أو اختراع الورق الذي نقل الحركة العلمية نقلة مهمة وبعيدة فازدهرت صناعة النشر (الوراقة). وبنيت في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد مكتبة بيت الحكمة التي كانت مركزاً مهماً لترجمة الكتب التي جمعها المسلمون من خزائن الكتب في مختلف أرجاء العالم  وكان المأمون يرسل العلماء المتخصصين للبحث عن الكتب وجمعها من مصادرها  ، وعرفت أيضاً مكتبات المساجد والمكتبات الخاصة والمكتبات العلمية والبحثية ومكتبات الخلافة ومكتبات المشافي. 
وكان المسجد مركزاً للعلم والدراسة إضافة إلى العبادة وذلك حتى زمن قريب ومازال بعضها كذلك حتى الآن في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي وأماكن تجمع المسلمين، واشتهرت مساجد كثيرة باعتبارها مراكز للعلم والفقه والبحث كالمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس، والمسجد الأموي في دمشق، والجامع الأزهر في القاهرة، ومسجد الزيتونة في تونس، ومسجد قرطبة، وجامع المنصور في بغداد.
لذلك فانه على الرغم من تفوق الحضارة الغربية في الوقت الحالي، إلا أن البدايات كانت عربية في العديد من المجالات، حيث أثرى العلماء العرب والمسلمون العلم في تخصصات مختلفة، بالإضافة إلى الأدب العربي الذي ألهم الكثير من الكتاب الغربيين، ونواحي أخرى متعددة . 
وللاسف الشديد اذا سـألت أحدهم : من هم العلماء الأكثر تأثيراً في التاريخ ؟ .. تكــون الإجـابـة : اينشتاين , داروين , غاليليو, نيوتن .. وغيــرهم .. وهي إجـابة صحيحــة بلاشــك ، لما قدمه هؤلاء من علوم واختراعات وأفكــار ، كانت هي السبب الرئيسي فى تقدم الانســانية ..لكن ، هل فعــلا كانوا هم الروّاد الأوائل فى تقدم البشــرية ، ولم يسبقهم علمــاء آخرون مهّدوا لهم العلوم والمعارف التى جعلتهم يبتكـرون مايبتكــرون ؟ بالطبع سبقهم علماء اخرون أبدعوا وألفوا ووضعوا بدايات قواعد ونظريات وأسس العلوم الانسانية والعلمية. 
وتقدم «الوسط» خلال شهر رمضان سلسلة من الحلقات بعنوان «كاتب وكتاب» وهي نماذج وأمثلة لمؤلفات عربية تركت علامة في الحضارة الانسانية في الشرق والغرب بطريقة او بأخرى ، فمن المؤكد ان التقدم الهائل الذي وصلت إليه البشرية اليوم ، لم يظهر بين يوم وليلة.. إنما جاء من تراكم هائل للخبرات والمعلومات والرؤى والنظريات والأبحاث ،التى توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل .. وقرناً بعد قرن .. و ارتكزت عليها الحضارة الإنسانية ، وقامت بالبناء عليها والتطوير فيها ،حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن..
وجولتنا اليومية بين أوراق الكتب التراثية والحديثة وما نعرضه منها على حلقات خلال شهر رمضان المبارك ، هي دعوة للاجيال الحالية للبحث والتنقيب في تراث الأجداد من العلماء والاُدباء والمفكرين العرب والمسلمين الذين علموا العالم بمؤلفاتهم وحبهم للعلم وأفنوا حياتهم في خدمة الانسانية جمعاء حتى بلغت الحضارة الإسلامية درجة عالية من الرقي بجهود العلماء المسلمين والخلفاء الذين شجعوا هؤلاء العلماء، فازدهرت الحياة العلمية في شتى نواحي المعرفة، وكان لمؤلفات العلماء المسلمين دور كبير في نهضة البشرية وتقدمها التكنولوجي الذي يعيشه العالم الآن ، وفي تلك الحلقات نلقي الضوء حول بعض مؤلفات العلماء العرب والمسلمين العظمـاء الذين كانوا يعيشــون في العصــور الوسطى ،  فى مسـاحة جغــرافيــة هائلة ، امتدت من الاندلس غربـاً إلى تخــوم الصيــن وروسيـا شرقا ...فهل يُمكن ان نـعيــد انتـاجهم بيننــا من جديــد فى هذا العصــر الذي نعيشه الآن لنصنع نهضتنا العربية والإسلامية من جديد ؟

 
مصطفى مشرفة:  لم يكن هناك قبل الخوارزمي من علم يسمى «الجبر» فأوجد علما من معلومات مشتتة وغير متماسكة
دائرة المعارف البريطانية: الخوارزمي رياضي وفلكي ألف عملين جوهريين أحدهما في الجبر والآخر في الأرقام الهندية العربية

 
 
كتاب ( المختصر في حساب الجبر و المقابلة ) ...  هو كتاب في الرياضيات باللغة العربية تم تأليفه بين 813 و833 من قبل عالم الرياضيات المسلم محمد بن موسى الخوارزمي ، الذي وضع أسس علم الجبر كونها أول دراسة منهجية لحل معادلة من الدرجة الأولى والثانية، وقد عمل خلفاء الخوارزمي على توسيع نطاق عمله في كتب أخرى التي غالبا ما تحمل نفس العنوان. ويذكر الخوارزمي في كتابه الحل النظامي ’’للمعادلتين الخطية والتربيعية‘‘، كما ذكر مفهوم الخوارزمية في الرياضيات و علم الحاسوب، (مما اعطاه لقب أبو علم الحاسوب) عند البعض، حتى ان كلمة خوارزمية في العديد من اللغات (و منها algorithm بالانكليزية) اشتقت من اسمه، كما وضع رموز علم الجبر مما سهل هذا العلم على دراسته و أضاف الصفر إلى الأعداد لتكون مجموعة الأعداد الطبيعية. 
ويعود الفضل إلى الخوارزمي في الفصل بين فرعي رياضيات الجبر والحساب، كما يعّد أول من انتهج معالجة الجبر بالاعتماد على أسلوبٍ منطقيٍ وعلمي، وهو مُؤسس علم الجبر الحديث، وقد مَكَّنَ الناس من الاطلاع على الأرقام الهندسية، وأُطلِق عليه لقب أبي علم الحاسوب؛ وذلك نظراً لابتكاره الخوارزمية في علمي الرياضيات والحاسوب.
ولندرك فضل الخوارزمي وكتابه (المختصر في حساب الجبر و المقابلة ) على العالم أجمع ، لنتخيل الأرقام من دون الصفر، كيف كانت ستُكتب؟، ولنتخيل مرة ثانية أننا ما زلنا نكتبها بالطريقة الرومانية، فالرقم 12 الذي نضعه وفق السياق بسهولة ويسر كتبه الرومان هكذا XII وإذا أضفنا إليه المئة سنجدهم كتبوه هكذاCXII ، أما الرقم 1112 فكان يكتب MCXII، ولنا أن نتصور التعقيد الذي كنا سنعانيه ونحن نستخدم هذه الأرقام في عمليات حسابية معقدة، وكل هذا بخلاف غياب الصفر، الذي بإضافته إلى نظام الترقيم تم فتح آفاق لا نهاية لها في الحساب والرياضيات ومن ثم التجارة والمعاملات الاقتصادية . إن الصفر ونظام الترقيم الحديث إضافة فارقة وملهمة قدمها العرب إلى العالم في فترة مبكرة، ففي عام 164 هجرية، 778 ميلادية، ولد محمد بن موسى الخوارزمي، ذلك الذي أهدى العالم فضلاً عن ذلك أُسس علم “الجبر” و”الخوارزميات” أو “اللوغريتمات”، إضافة إلى اسهامات عدة في الجغرافيا والفلك . . الخ .
نبذة عن الكتاب
يُعدّ هذا الكتاب كتاباً رياضيّاً صرفاً، وقد كتبه عام ثمانمئة وثلاثين للميلاد، وأتت تسميته (الجبر) من وصفٍ لإحدى العمليّات الحسابيّة الأساسيّة المطروحة في الكتاب مع معادلاتها، إذ إنّه يقدّم طرق حلّ للمعادلات ذات الحدود المتعدّدة من الدرجة الأولى والثانية، وقد قام روبرت تشستر بترجمته إلى اللغة اللاتينيّة عام 1145م، كما ترجمه جرارد أوف كريمونا أيضاً، ويوجد منه نسخة لاتينيّة محفوظة في الجمعيّة الأمريكيّة لتقدّم العلوم كامبريج، ومحفوظ منه نسخة فريدة باللغة العربيّة مترجمة عام 1831م في أكسفورد.
يُذكر أنّ الترجمة العربيّة والتي تُرجمت في عام 820م مفقودة تماماً مع غيرها من التراجم، إلاَّ أنّ عالم الفلك الإسباني المعروف باسم مسلمة بن أحمد المجريطي قد أنقذ حوالي أربع مخطوطات، وهي محفوظة اليوم كل نسخة في مكتبة، وتحديداً في المكتبة العامة في شارتر، وفي مدينة أكسفورد في مكتبة بودليايان، وفي مدينة مدريد في مكتبة ناسيونال، وأيضاً في مكتبة مازارين في مدينة باريس.
الجدير بالذكر أنّ للخوارزمي عدّة مؤلّفات لم يبقَ منها كمخطوط مترجم إلى اللغة العربيّة إلاَّ القليل، أمّا المخطوطات الموجودة في اللغة اللاتينيّة فهي كثيرة ولكنها متفرّقة، أي عبارة عن عدّة أوراق غير معنونة وأغلبها في علم الحساب.
قصة تأليف الكتاب 
في عهد المأمون (813-833)، والدولة العباسية في ذروتها. طلب الخليفة من الخوارزمي - حيث كان عالما مشهورا يعمل في بيت الحكمة في بغداد - تقييم الطرق الرياضية المفيدة في إدارة هذه الدولة الضخمة التي تمتد من آسيا الوسطى إلى جبال البرانس فكتب الخوارزمي كتاب الجبر والمقابلة في عام 830 م تقريبا. وقد قُصِد منه أن يكون عملاً مفيداً، يشمل أمثلة يمكن تطبيقها في الحياة اليومية، في مجالات مثل التجارة والميراث الشرعي ومسح والأراضي. يعود أصل المصطلح الرياضي algebra إلى الجبر، وهو واحد من عمليتين استخدمهما ليَحلّ المعادلات التربيعية. كما تشتقّ الكلمات algorismو algorithmو arithmetic من اسمه. كذلك يشتق من اسمه المصطلح الاسباني guarismo والبرتغالي algarismoوالاثنين بمعنى رقم.
واستخدم الخوارزمي التقنيتين التي أعطت اسمها للكتاب : الجبر والمقابلة  و هما جانبان مما يصطلح به اليوم بالتحويل . الجبر بمعنى “جبر الكسر” ،حيث تم نقل الكلمة إلى اللاتينية، وأصبحت algebra. ‘ الجبر هو تبسيط المعادلة من خلال إزالة الطرح وهذا بإضافة حدود في طرفيها. أي بالمصطلح الحديث الحصول على معادلة بمعاملات موجبة. و المقابلة تتمثل في طرح كمية من نفس النوع (الدرهم ،جذر أو مربع) بحيث لا يبقى منه في الجانبين من المعادلة في نفس الوقت.
وبقيت نسخة واحدة باللغة العربية موجودة بجامعة أكسفورد ومؤرخة في 1361 [4]، وفي عام 1831، نشر فردريك روزن ترجمة باللغة الإنجليزية معتمدا على هذا المخطوط. وقال، في مقدمته، أنه يلاحظ أن الكتابة “بسيطة وقابلة للقراءة” ولكن قد تم حذف التشكيل، مما يجعل فهم بعض العبارات صعبا.
ونتيجة لتأثير جبر الخوارزمي ، كتب موقع “ماكتوتر” المتخصص في تاريخ الرياضيات: “ربما كانت أحد أهم التطورات التي قامت بها الرياضيات العربية بدأت بعمل الخوارزمي في الجبر، فقد كانت خطواته ثورية بعيداً عن المفهوم اليوناني الذي يعتمد في جوهره في فهم الرياضيات على الهندسة، لقد كان جبر الخوارزمي نظرية موحدة وشاملة تتعامل مع الأعداد الكسرية واللاكسرية، ومنحت الرياضيات مساراً جديداً للتطور بمفهوم أوسع بكثير من الذي كان موجوداً من قبل، وسمح بتطبيق الرياضيات في الحياة العملية بطريقة لافتة ومميزة”.
نبذة عن الكاتب
تاريخنا العربيّ غنيٌّ بسيرة وآثار رجالاتٍ عظيمة، كُتبت أسماؤهم بأحرفٍ من نورٍ، حتّى خُلّدت لما تركوه من إرثٍ عظيمٍ في شتّى العلوم والميادين، ولا شكّ أنّ الخوارزمي هوَ من خيرة الرجال العرب والمسلمين على حدّ سواء، والذي ما زالت علومه ومعارفه حتّى يومنا هذا تُدرّس ويُعتمد عليها بعد أن أرسى قواعد علومٍ قيّمة، ساهمت إلى حدٍّ كبيرٍ في نهضة العلوم، وما كتاب الجبر والمقابلة إلاَّ غيض من فيض آثاره وأعماله الهامّة.
ولد محمد بن موسى الخوارزمي (780-850 م, 164-236 هـ)  في خوارزم، بإقليم زورازم في أوزبكستان الحالية. يُعرف الخوارزمي أيضا باللاتينية بإسم Algoritmi. كان عالم رياضيات مسلماً، كما كان فلكيا وجغرافيّا وعالما في بيت الحكمة الشهير في بغداد.   وتوفّي عام ثمانمئة وسبعة وأربعين ميلاديّة، وهو عالمٌ في علوم شتّى، منها الرياضيّات حيث يُعتبر أوّل عالمٍ مسلمٍ عمل فيها وأتقنها وأسّس لعلم الجبر إضافة إلى المثلّثات والمعادلات، والفلك، الجغرافيا، رسم الخرائط.
مؤلفاته :  المختصر في حساب الجبر والمقابلة. والجمع والتفريق بحساب الهند. وزيج السند هند. وصورة الأرض. والإسطرلاب. والمزولة. والتاريخ.
يقول العالم الكبير مصطفى مشرفة: “لم يكن هناك قبل الخوارزمي من علم يسمى (الجبر)، إذن فعبقرية الخوارزمي قد تجلت في خلق علم من معلومات مشتتة وغير متماسكة”، أما المستشرقة الشهيرة زيغريد هونكه فقالت عنه: “كتب للخوارزمي الخلود بتأليفين مهمين في الرياضيات، حمل الأول حساب الجبر والمقابلة، ويضم مجموعة ممتعة من المشاكل الرياضية التي يعنينا أمرها في الحياة العملية، والكتاب الثاني كتاباً تعليمياً صغير الحجم في علم الحساب”، وهو المعنى نفسه الذي ذهبت إليه دائرة المعارف البريطانية في التعريف بالخوارزمي: “رياضي وفلكي ألف عملين جوهريين: أحدهما في الجبر والآخر في الأرقام الهندية العربية، كانا واسطة في تعريف الرياضيات الأوروبية بهذين الموضوعين”.
المصادر 
1-موقع موضوع  http://mawdoo3.com
2- موقع ويكيبيديا 
3- مقال ( الخوارزمي ... عميد الرياضيين ) ، إعداد: محمد إسماعيل زاهر ، جريدة الخليج الاماراتية 4 ابريل 2015