اعتبرت دوائر نفطية ومالية في الأسواق الدولية توجه الولايات المتحدة نحو رفع الحظر المفروض على تصدير النفط الخام الأميركى إلى الخارج المستمر منذ أربعة عقود أنه سيمثل تطورا كبيرا ومهما في سوق النفط في العالم، لكن آثاره ستكون محدودة في منتجي النفط في منطقة الشرق الأوسط.
وأشاروا إلى أن الجهود المكثفة التي تجرى حاليا في مجلس النواب الأميركي لزيادة النواب المؤيدين لرفع الحظر قد تسفر قريبا عن إلغاء قرار استمر 40 عاما منذ عام 1975 حين قررت الدول العربية حينئذ رفض تصدير النفط الخام في إطار الصراع العربي الإسرائيلي.
وقال مختصون اقتصاديون وعاملون في قطاع النفط «إن الولايات المتحدة ستلجأ إلى هذا القرار في إطار محاولة لتنشيط الاقتصاد الأميركي بعدما تسببت زيادة الإنتاج في اختناق الأسواق المحلية بزيادة المعروض وقلصت من أعمال التنقيب والاستخراج وفرص العمل في هذا القطاع».
وأوضح رئيس قسم الجيولوجيا في كلية العلوم جامعة كاليجارى في كندا الدكتور برنارد ماير أن التفكير في إلغاء قرار حظر التصدير مرتبط ارتباطا وثيقا بطفرة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة التي حولت الولايات المتحدة من دولة مستوردة إلى دولة ذات اكتفاء ذاتي من النفط ثم المرحلة اللاحقة وهي التفكير جيدا في التحول إلى دولة مصدرة للنفط.
وأشار ماير إلى أن اللجوء إلى التصدير كان بدافع أساسي من الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الأميركي ويأتي كمحاولة لفتح أسواق جديدة تسهم في زيادة فرص العمل في هذا القطاع الحيوي في الولايات المتحدة الذى يعاني حاليا وفرة المعروض في الأسواق المحلية وتقلص الاستثمارات وفرص العمل.
وأوضح أن لجوء الولايات المتحدة إلى التصدير سيكون طفرة في أداء الاقتصاد الأميركي ونقطة تحول مهمة خاصة أن الولايات المتحدة تعد من أكبر منتجى النفط الخام في العالم مع روسيا والسعودية ولكن الصادرات الأميركية التي من المتوقع أن تركز على الأسواق الأوروبية وعلى أسواق أميركا اللاتينية لن تستطيع المنافسة بشكل جيد بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج.
وأشار إلى أن دخول الولايات المتحدة كمصدر إلى الأسواق الدولية سيؤدي دون شك إلى زيادة المعروض العالمي وزيادة حدة المنافسة على الحصص السوقية وهو ما قد يضعف الأسعار وبالتالي لن تستمر تجربة التصدير بنجاح إلا إذا تم تخفيض تكلفة الإنتاج بشكل كبير والتوصل إلى تقنيات حديثة في إنتاج النفط الصخري تقلل من تكاليف إنتاجه وتجعله أكثر صمودا أمام متغيرات الأسعار في السوق العالمية.
من جانبه قال المحلل في مبادرة الطاقة الأوروبية مايكل تورنتون «إن قرار حظر تصدير النفط الأميركي كان باعثه في ذلك الوقت القلق على تأمين الطاقة في الولايات المتحدة أما الآن فلا مبرر للإبقاء على هذا القرار في إطار طفرة الإنتاج العالمي من النفط»، متوقعا أن رفع الحظر سيؤدي إلى زيادة الإنتاج الأميركي وتنويع الإمدادات وسيدعم الاقتصاد الأميركي على نحو واسع ولذا فإن هذه الخطوة باتت قريبة.
وأشار إلى أن القرار سيؤدي إلى زيادة بالفعل في المعروض العالمي ولكن إذا أخذنا في الحسبان النمو المتسارع في مستويات الطلب العالمي نجد أن السوق يمكن أن تحافظ على استقرارها ونموها في ظل هذه المتغيرات.
وأوضح أن النفط التقليدي في الشرق الأوسط سيظل متمتعا بعديد من المزايا النسبية التي تضمن تفوقه في ظل وفرة المعروض العالمي وأهم هذه المزايا رخص تكاليف الاستخراج والإنتاج وقربه من إنتاج أكبر أسواق الاستهلاك في آسيا خاصة الصين والهند وعديدا من الأسواق الناشئة التي تعتبر المحرك الرئيس لمنظومة الطلب العالمي على النفط.
ويقول المحلل الروسى أيجور ياكوفلف «إن إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري لا يزال مرتفعا على الرغم من توقف نسبة كبيرة من الحفارات النفطية في أعقاب تراجع أسعار النفط ويرجع ذلك في الأساس إلى طفرة أنشطة الحفر في السنوات الخمس الماضية».
وأوضح أن الضغوط تصاعدت في الآونة الأخيرة على الإدارة الأميركية لرفع الحظر المفروض على تصدير النفط لعلاج مشكلة الإمدادات القياسية الفائضة من خلال إيجاد أسواق جديدة تكفل تعافي الاستثمارات في هذا القطاع.
وقال «إنه من الطبيعى أن يتم إلغاء القرار بعد تغير ظروف صدروه، حيث لم تعد مصادر النفط محدودة كما كانت منذ 40 عاما وتبددت على نحو كبير المخاوف على مستقبل الإمدادات في ظل زيادة الإنتاج والتنافس الشديد على الأسواق من قبل المنتجين».
وأشار إلى أنه إذا تسارع نمو الطلب فلن تحدث أزمات في السوق أما إذا تنامى المعروض بمعدلات أسرع من الطلب فسيكون هنا مصدر القلق في السوق وإن كان انخفاض الأسعار سيؤدي تلقائيا إلى تقلص المعروض بسبب عدم قدرة المنتجين أصحاب التكلفة المرتفعة على الاستمرار في السوق وأولهم المنتجون الأميركيون.
وأوضح أن رفع الحظر سيوجد أسواقا لفائض الإنتاج الأميركي وسيرفع أى قيود على تحرير التجارة النفطية في الولايات المتحدة ولكن هذا الإنتاج له مخاطر بيئية ويجب العمل على ضبط الإنتاج وحتى لا تتعرض السوق أيضا إلى هزات اقتصادية عنيفة مجددا.
من ناحية أخرى يتوقع المحللون استمرار الأداء المتباين للسوق خلال الأسبوع الجاري بسبب عدد من العوامل المتباينة التأثير إلا أن أغلب التوقعات تصب في اتجاه تعافي السوق واستمرار التحسن النسبي للأسعار مدفوعا بتحسن مستويات الطلب وتقلص المخزونات على نحو واسع مع تباين أداء الدولار الأميركي صعودا وهبوطا الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط الخام.