يبدأ سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح يوم الاثنين المقبل زيارة رسمية إلى العاصمة التركية أنقرة يجري خلالها مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حول سبل تطوير علاقات التعاون بين البلدين اضافة الى آخر تطورات الاوضاع في المنطقة.
وتندرج زيارة سمو الامير المقررة خلال الفترة من 20 الى 22 مارس الجاري في اطار حرص البلدين على دعم وتطوير علاقات التعاون "المثمر" في جميع المجالات ولاسيما السياسية والامنية والاقتصادية.
وشهدت العلاقات الكويتية التركية في الأعوام الأخيرة تطورا ملحوظا بفضل الرؤى المشتركة التي يتقاسمها البلدان حول العديد من القضايا ما جعلها تتطور من إلى شراكة مبنية على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
واستثمر البلدان الصلات الثقافية والتاريخية التي تجمع الشعبين في تعزيز أواصر الصداقة بينهما مستغلين في الوقت ذاته رابطهما المشترك للدين الإسلامي وموقعهما الجغرافي.
ويعود تاريخ العلاقات الكويتية التركية الى عام 1969 عندما وقع الطرفان اتفاقية اقامة العلاقات الدبلوماسية والتي أعقبها تبادل افتتاح السفارات في البلدين عام 1970 الذي شهد ايضا توقيع اتفاقية النقل البري للبضائع والمسافرين.
وفي عام 1975 وقع الطرفان اتفاقا ثقافيا وآخر للتعاون في الخدمات الجوية بين البلدين عام 1977 واتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني والصناعي عام 1982 واتفاقية للحوالات البريدية عام 1986 ومثلها لتشجيع وحماية الاستثمارات عام 1988.
وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي شهدت العلاقات الكويتية التركية تطورا لافتا بعد زيارة سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الى انقرة في نوفمبر عام 1991 والذي أعرب خلالها عن تقدير الكويت وامتنانه الشخصي لموقف تركيا من الغزو العراقي وتضامنها مع الحق الكويتي.
ومنذ الساعات الأولى للغزو العراقي نددت تركيا بهذا العمل الهمجي واعتبرته عدوانا واعتداء على القانون الدولي ومبدأ الشرعية الدولية وأعلنت تضامنها مع الكويت للمطالبة بعودة السيادة والاستقلال اليها.
ولم تكتف تركيا عند هذا الحد اذ اتخذت موقفا مشرفا عقب الغزو العراقي وقررت منع مرور النفط العراقي عبر اراضيها كما أعلنت انضمامها الى التحالف الدولي الذي قاد معركة تحرير الكويت وساهمت بفعالية في قوات هذا التحالف رغم الخسائر الاقتصادية التي منيت بها جراء موقفها.
وفي اكتوبر عام 1997 زار الرئيس التركي الراحل سليمان ديميريل الكويت وأجرى محادثات مع سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد تناولت العلاقات الثنائية وعددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وفي أثناء الزيارة جرى توقيع اتفاقية بين البلدين تقضي بمنع الازدواج الضريبي واخرى لتعزيز التعاون الثقافي.
وخلال الزيارة الأولى التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لتركيا عام 2008 تم توقيع سبع اتفاقيات شملت مجالات عدة من بينها اتفاقية التعاون الاقتصادي واتفاقية التعاون العلمي والفني واتفاقية تشكيل لجنة عليا مشتركة للتعاون بين الكويت وتركيا على مستوى وزراء الخارجية اضافة الى اتفاقية التعاون في المجال الصحي واخرى في مجال تبادل الأيدي العاملة.
كما ابرم الجانبان في الزيارة الثانية لسموه الى أنقرة في ابريل 2013 ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات الطيران والنقل الجوي والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة والثروة الحيوانية والتعاون في مجالات الصناعات الدفاعية والتعاون الثقافي والفني الى جانب التعاون بين معهد سعود الناصر الدبلوماسي والأكاديمية الدبلوماسية التركية وكذلك اتفاق لاعفاء حملة جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة من تأشيرة الدخول.
وتبادل الجانبان الكويتي والتركي على مستوى الوزراء توقيع العديد من الاتفاقيات خلال الفترة من 2008 الى 2014 كان من ابرزها مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات والتدريب والتعليم العسكري واجراء المناورات العسكرية المشتركة.
ووقع الجانبان خلال هذه الزيارات العديد من الاتفاقيات منها انشاء لجنة مشتركة بين البلدين وتبادل الايدي العاملة ومذكرة تفاهم في مجال حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية للتنمية المستدامة واتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني وتنمية الصادرات الصناعية والتعاون في مجال الشؤون الجمركية واتفاقية للتعاون العلمي والفني والاقتصادي في المجال الزراعي والتعاون في المجال التقني. ووقعت ايضا اتفاقيات في مجال التدريب العسكري والتعاون في مجالات الصحافة والاعلام والنقل التجاري البحري وبروتوكول بشأن التعاون في مجال المحفوظات في عام 2014. ولم يقتصر التطور في العلاقات الكويتية التركية على الجانب السياسي فقط وانما شهدت العلاقات الاقتصادية نموا سريعا على المستويين الرسمي والأهلي اذ ترتبط الكويت وتركيا ب 41 اتفاقية تشمل جميع مجالات التعاون الثنائي.

وفي نوفمبر 2009 زار سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح مدينة اسطنبول مترئسا وفد دولة الكويت في المؤتمر ال 25 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة التعاون الاسلامي (كومسيك) والتقى سموه الرئيس التركي السابق عبدالله غول وبحث معه العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتنميتها في جميع المجالات.
   وترأس سمو أمير البلاد وفد دولة الكويت في الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر قمة منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول ابريل 2016 والقمة العالمية للعمل الانساني والتي عقدت أيضا في اسطنبول في مايو الماضي.
   واجرى الرئيس التركي السابق عبدالله غول ثلاث زيارات للكويت في فبراير من عامي 2009 و2011 ومارس من العام 2014 وذلك ضمن مساعي القيادتين التركية والكويتية المتواصلة لدعم وتعزيز أواصر الصداقة والتعاون بين البلدين.
   كما زار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الكويت في أبريل 2015 وفي عامي 2005 و2011 عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء.
   وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2016 الى 700 مليون دولار بعدما سجل في عام 2015 قيمة 624 مليون دولار فيما وصلت قيمة المشروعات التي نفذتها شركات المقاولات التركية في الكويت الى 3ر6 مليار دولار وحجم الاستثمارات الكويتية المباشرة في تركيا الى نحو ملياري دولار.
   وبلغ عدد الشركات الاستثمارية ذات رأس مال كويتي في تركيا 271 شركة اضافة الى 376 فرعا لبنك (كويت ترك) التابع لبيت التمويل الكويتي وامتلاك بنك برقان اسهما في احد البنوك التركية وتجاوز أعداد المواطنين الكويتيين الذين زاروا تركيا 180 ألف سائح في العام الماضي.
   ومنذ العام 1992 تبادل الطرفان العديد من الزيارات الرسمية على مستوى رؤساء البرلمانات ورؤساء الحكومات والوزراء آخرها كانت لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في فبراير 2016 تم خلالها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
   وفي هذا الصدد عقدت اللجنة العليا المشتركة اجتماعها الأول في 24 من اكتوبر 2013 بالكويت بهدف تعزيز التعاون بين تركيا والكويت في جميع المجالات.
   وتعمل وزارة الخارجية التركية على التنسيق لعقد الاجتماع التالي في العاصمة أنقرة في الفترة المقبلة لمناقشة الخطوات التي يمكن اتباعها من أجل تعزيز وتطوير العلاقات السياسية والعسكرية والامنية والاقتصادية والتجارية والصحية والتعليمية والثقافية وغيرها من المجالات العديدة بين البلدين.
   وأما التعاون بين تركيا والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية فيعود الى عام 1979 عندما مدت التمويلات الكويتية قروضها الأولى الى تركيا لتعزيز مشروعها لخطوط نقل الكهرباء عبر البوسفور الذي يمثل أول انخراط للكويت في تمويل مشروعات داخل تركيا ومنه انطلق الطرفان الى تنمية العديد من القطاعات والأنشطة الأخرى في تركيا مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل والمواصلات.
   وقدم الصندوق 12 قرضا حتى نهاية شهر نوفمبر 2009 بلغت قيمتها 106 ملايين دينار كويتي وذلك لتمويل مشروعات ذات أولوية كبرى في مختلف القطاعات وأهمها قرض بقيمة 53 مليون دولار لإعادة بناء شبكة طرق تربط وحدات التوطين السكنية التي بنيت عقب زلزال 17 اغسطس 1999 في منطقة مرمرة وفي اطار البرنامج نفسه قدم الصندوق قرضا بقيمة 3ر28 مليون دولار لاعادة تأهيل البنى التحتية التي تضررت من الزلزال.
   ووقع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أيضا في يناير 2016 اتفاقية مع تركيا يقدم الصندوق بمقتضاها منحة قدرها 20 مليون دولار للإسهام في خطة الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في تركيا في قطاعي الصحة والتعليم كجزء من التزام الكويت في مؤتمر المانحين الثالث في مارس 2015  والبالغ 500 مليون دولار معظمها خصص لمنظمات الامم المتحدة العاملة في سوريا.
   وفي الجانب الانساني تبرع سمو أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد شخصيا بمبلغ مليون دولار مساهمة منه في اغاثة منكوبي كارثة الزلزال والتخفيف من معاناتهم كما قدمت جمعيات كويتية أخرى مساعدات عينية ونقدية كبيرة.
   وفي نوفمبر 2014 تم افتتاح قرية (قائد الانسانية) في مدينة (وان) شرقي تركيا التي تعرضت لزلزال مدمر في اواخر عام 2011 والتي نفذت بتوجيهات من سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وبدعم كريم من حكومة دولة الكويت من اجل المساعدة في ايواء متضرري الزلزال المدمر الذي أسفر عن قتل 644 شخصا وإصابة 4152 آخرين وتدمير 2262 بيتا.
   وتضمن تنفيذ مشروع قرية (قائد الانسانية) على مرحلتين الأولى انشاء بيوت جاهزة الهدف منها سرعة ايواء المتضررين والثانية انشاء اربع عمارات تضم 64 وحدة سكنية تخدم أكثر من 80 عائلة يتيم ومتضرر من الزلزال.
   وأنشئت الكويت قرية (صباح الأحمد) لإيواء اللاجئين السوريين بتوجيهات من سمو أمير البلاد في مدينة (كليس) جنوبي تركيا وبدعم كريم من الحكومة الكويتية في اطار التعاون الانساني بين البلدين في التخفيف من معاناة الأسر السورية النازحة ضمت 1248 بيتا جاهزا الى جانب بناء وتجهيز مدارس ومراكز طبية ومساجد ومركز للخدمات الاجتماعية بالمستلزمات الضرورية وتم افتتاحها في مارس 2016.
   وساهمت دولة الكويت بشكل كبير في تخفيف العبء عن الحكومة التركية التي تستضيف نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري من خلال استضافتها للمؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا لثلاث دورات آخرها في مارس 2015 وترأس سمو أمير البلاد المؤتمر الرابع الذي عقد بالعاصمة البريطانية لندن في فبراير 2016 وترأسه أيضا وفد دولة الكويت في قمة القادة لمناقشة أوضاع اللاجئين في مقر الامم المتحدة بمدينة نيويورك في سبتمبر الماضي.
   وساهمت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية وبيت الزكاة وجمعية النجاة الخيرية وجمعية الهلال الأحمر الكويتية والرحمة العالمية بجمعية الاصلاح الاجتماعي وجمعية السلام للاعمال الانسانية والخيرية ومتبرعين من شعب الكويت المعطاء في تسيير قوافل مساعدات انسانية من تركيا الى الشعب السوري في الداخل وفي مخيمات اللاجئين في دول الجوار.
   وأجرى فريق الشفاء الكويتي الانساني وفريق من الجمعية الطبية الكويتية وآخر من جمعية صندوق إعانة المرضى الكويتية عمليات جراحية للمصابين جراء الحرب في سوريا وتقديم العلاج لآخرين بمستشفى الأمل في بلدة (الريحانية) بمدينة (هاطاي) جنوبي تركيا.