لا يزال عطاء دولة الكويت في المجال الإنساني يتجدد يوما بعد آخر في إطار المسؤوليات الكبيرة التي تحملها على عاتقها من أجل تخفيف العبء عن المعوزين والنازحين واللاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم في تحرك يقابله اشادات إقليمية ودولية وأممية.
وواصلت مختلف الجمعيات الخيرية واللجان الشعبية الكويتية مبادراتها الاغاثية وتحركاتها الانسانية من أجل مد يد العون ومساعدة العديد من الدول بهدف دعم مشاريع إنسانية عديدة.
وفي هذا الإطار قدمت جمعية الهلال الاحمر الكويتي خلال الأيام القليلة الماضية 70 جهازا خاصا لذوي الاحتياجات الخاصة والاعاقة الشديدة من النازحين السوريين في لبنان بتبرع كريم من غرفة تجارة وصناعة الكويت بالتنسيق والتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني.
وأعرب الامين العام للصليب الاحمر اللبناني جورج كتانة عن تقديره للدور الكبير الذي تؤديه جمعية الهلال الاحمر الكويتي في ميدان العمل الانساني في لبنان وغيره من بلاد العالم.
ولفت كتانة الى ان التنسيق والتعاون بين الجمعيتين تعززا منذ بدء ازمة النزوح السوري الى لبنان اذ اثمر نجاحات واضحة في مختلف المشاريع والمحطات التي امنت العديد من الخدمات والمساعدات الانسانية للنازحين.
واكد ان لبنان لن ينسى ما قامت به الجمعية من دور كبير بعد العدوان الاسرائيلي عليه في صيف عام 2006 ودعمها الكبير آنذاك لجمعية الصليب الاحمر اللبناني.
كما افتتح مركز تخصص في بناء قدرات الاطفال وتنمية مهاراتهم وابداعاتهم في بلدة (جدرا) بقضاء (الشوف) جنوبي لبنان بتمويل من بيت الزكاة الكويتي.
وقال ممثل بيت الزكاة الكويتي عبدالله الحيدر ان مشروع مركز (بي) في لبنان يشكل اضافة قيمة من بين أكثر من خمسة الاف مشروع متنوع من مساجد ومدارس ومراكز صحية ودور ايتام وحفر آبار وسواها من المشاريع التي قام بتنفيذها بيت الزكاة الكويتي في 36 دولة عربية واسلامية بينها لبنان.
ولفت الحيدر الى ان مساهمة بيت الزكاة في المشروع تشكل نقلة نوعية في عملها التنموي نظرا لطبيعة عمل هذا المركز الذي يركز على دعم الاطفال المبدعين وتنمية قدراتهم مؤكدا اعتزاز بيت الزكاة بمثل هذه المشاريع المتخصصة والتي تخدم شرائح واسعة وتفيد مجتمعاتنا.
وفي العراق افتتحت حملة (الكويت بجانبكم) التي تمولها (الجمعية الكويتية للاغاثة) ثلاث مدارس "كرفانية" جديدة في مدينة (الرمادي) كبرى مدن محافظة (الأنبار) غربي البلاد.
وقال رئيس (الجمعية الطبية العراقية الموحدة للاغاثة والتنمية) الدكتور أحمد مشرف الهيتي ان المدارس افتتحت في إطار المرحلة الثالثة والأخيرة من مشروع متكامل لبناء 22 مدرسة في محافظات (الأنبار) و(ديالى) و(صلاح الدين).
وأضاف رئيس الجمعية التي تعتبر الشريك المحلي للجمعية الكويتية للاغاثة ان كل مدرسة تضم 16 صفا دراسيا وغرفتين للادارة ومجموعة صحية موضحا ان جميع المدارس مزودة بخدمات التدفئة والتبريد ومجهزة بمولد كهرباء ومراوح ومؤثثة بمقاعد دراسية مزدوجة ولوحات.
وأشاد في هذا السياق بدعم دولة الكويت لقطاع التربية والتعليم في العراق وتبنيها العديد من المبادرات لبناء المدارس في مخيمات النازحين والمناطق المتضررة في العراق.
وتضاف هذه المدارس الكرفانية إلى 23 مدرسة نموذجية أخرى تشيد في العراق بتمويل من المنحة الكويتية الثانية التي يشرف عليها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
وبينما تواصل دولة الكويت تبنيها مقاربة إنسانية شاملة على مختلف المستويات من منطلق كونها (مركزا للعمل الإنساني) وسمو أمير البلاد (قائدا للعمل الإنساني) تلقت اشادات إقليمية ودولية واسعة وخاصة من الأمم المتحدة بسجلها الناصع في هذا الصدد.
وأكدت رئيسة مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الدكتورة حنان حمدان ان دولة الكويت اثبتت على مدار الأعوام الأربعة الماضية التزامها بمعالجة العواقب الانسانية للأزمة السورية.
وأضافت ان الالتزام الانساني ليس بجديد على الكويت التي تمتلك سجلا انسانيا ناصعا هو محل تقدير من المفوضية مشيرة إلى ان الكويت لم تتوان يوما عن مساعدة اللاجئين السوريين منذ بدء الأزمة.
من جانبه أشاد المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة وليام سوينغ بالقيادة الانسانية الحكيمة لسمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في التعامل مع أزمات المهاجرين في المنطقة وخارجها مثمنا حرص دولة الكويت على المشاركة في رئاسة المؤتمر الخامس للمانحين المزمع عقده في بروكسل قريبا.
واكد ان انتاج فيلم وثائقي تسجيلي حول دور الكويت الإنساني في دعم انشطة المنظمة "امر هام كي يرى العالم ماذا قدمت الكويت من مساهمات انسانية لحل ازمة المهاجرين في المنطقة".
وذكر ان هناك اقبالا ملحوظا على مشاهدة الفيلم الوثائقي من مختلف المنصات الإعلامية معربا عن تطلعه الى مزيد من التنسيق مع دولة الكويت التي تحظى بسمعه دولية مرموقة في العمل الإنساني.
وعلى نفس الصعيد أعرب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عن شكره لسمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح على دعمه للبنان مشيدا بدور الكويت حكومة وشعبا لما يقدمونه لأشقائهم في لبنان وللنازحين السوريين في مختلف المناطق اللبنانية.
ولم تقتصر جهود دولة الكويت على الصعيد الميداني وانما شاركت في العديد من الفعاليات الإقليمية والدولية في مسعى لدعم كل جهد يحمي الانسان ويجنب ويلات الكوارث.
وشددت دولة الكويت على أن الأوضاع الإنسانية "الصعبة" لملايين الأطفال في مناطق النزاعات تتطلب المزيد من الجهود الدولية لحمايتهم وتوفير الشروط المناسبة لنشأتهم.
وأعرب سفير الكويت لدى فرنسا سامي محمد السليمان خلال مشاركته في المؤتمر الدولي (لنحم الأطفال في زمن الحرب) في باريس الذي افتتحه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وترأسه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت بحضور المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) انطوني لاك وممثلي 120 بلدا ومنظمة دولية ومدنية عن القلق إزاء إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة. واعتبر اشراك الاطفال في هذه النزاعات "انتهاكا صارخا" لحقوقهم نظرا لما يخلفه من معاناة إنسانية لهم ولأسرهم مؤكدا اعتزام الكويت استضافة (المؤتمر الدولي للمانحين للتعليم في الصومال) و(المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاك إسرائيل لاتفاقية الطفل) في الفترة بين 9 و11 مايو المقبل.
وقال ان الاستضافة تأتي إيمانا من دولة الكويت بضرورة تحقيق الإنصاف الكامل للطفل وحمايته وإيجاد السبل المناسبة لتوفر له حياة مستقرة وكريمة ودعما لبرامج منظمة يونيسف في مجال حماية الأطفال ضحايا الحروب وأعمال العنف.
وأوضح ان مأساة الأطفال في زمن الحرب تأخذ أشكالا متعددة تبعا لظروف النزاعات وأماكنها وتترك نتائج "مأساوية" على مستقبل الأطفال من تشرد ولجوء وأسر وتعذيب واختطاف وفقدان للأهل واغتصاب وقتل تحت التعذيب.
وذكر ان النزاعات المسلحة التي يشهدها العالم حاليا يدور أغلبها في مناطق فقيرة تحتاج أصلا إلى شروط التنمية الاجتماعية أو أفقرتها ظروف الحرب أو أنها تعاني من ظاهرة "الإرهاب المتوحشة" التي تتخذ من الدين وسيلة للترويج لأعمالها "الشنيعة".
وتطرق كذلك إلى أعمال العنف "المبرمجة" والتي يذهب ضحيتها الآلاف من الأطفال في المناطق السكنية والمدارس والمستشفيات تحت القصف أو داخل السجون كما في سوريا فضلا عن تعرض الأطفال لمخاطر الألغام المنتشرة بشكل عشوائي بين الفئات المقاتلة أو استهدافهم من قبل المجموعات المسلحة المتصارعة.
وأشار إلى تداعيات الحروب على مستقبل الأطفال المحرومين من التعليم حيث تجبر الفتيات على الزواج المبكر دون أي تأهيل تعليمي أو مهني أو يتم إجبار الفتيان على الالتحاق بالمجموعات المسلحة أو العمل لصالحها ومن الأطفال من تضطرهم الظروف الصعبة للعمل من أجل إعالة أسرهم.