على الرغم من نجاح اجتماعي أغلب منتجي النفط الخام في العالم في الجزائر ثم إسطنبول خلال أقل من شهر واحد، وتحقيق درجة عالية من التوافق، وإقرار ملامح برامج العمل المشترك في الفترة المقبلة، إلا أن سوق النفط ما زالت تهيمن عليها التقلبات السعرية، حيث اختتمت تعاملات الأسبوع المنصرم على انخفاضات سعرية بعد ارتفاع الدولار ونشاط الحفارات النفطية الأمريكية.

ويتطلع المتعاملون في السوق إلى «معركة الحسم» التي تتمثل في الاجتماع الوزاري لمنظمة «أوبك» في فيينا أواخر الشهر المقبل لإقرار خفض الإنتاج وتوزيع حصص الخفض على الدول الأعضاء في المنظمة وهي الخطوة الأهم التي ترتقبها السوق وستكون الأولى من نوعها منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

ومن المقرر أن تشهد الأسابيع المقبلة نشاطا مكثفا للجان الفنية المشتركة بين المنتجين خاصة اللجنة بين منظمة وروسيا التى يقع على عاتقها التمهيد الجيد والإعداد الوافي قبل لقاء المنتجين المنتظر الذي سيكون - بحسب تطلعات السوق - بمثابة نقلة نوعية في منظومة واستراتيجية عمل «أوبك» وتغيير في أساليب تعاطيها مع تحولات السوق.

في سياق متصل، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» أهمية دور الدول المنتجة للنفط الخام من خارج المنظمة بالمساعدة في عملية استعادة التوازن في السوق، مشيرا إلى الحاجة إلى نهج واسع وشامل لتوفير الاستقرار المستدام ولن يتحقق ذلك دون تضافر جهود جميع المنتجين والمستهلكين.

وقال باركيندو – في تقرير «أوبك» عن زيارة وفد المنظمة أخيرا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن – «إن «أوبك» حرصت على تقديم عرض موجز عن تطورات السوق النفطية إلى جانب شرح خلفية قرار المنظمة في اجتماعها الاستثنائي في الجزائر»، موضحا أن هذا القرار سيساعد على استعادة التوازن والاستدامة في سوق النفط.

وأفاد التقرير أن اتصالات «أوبك» في واشنطن على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين أخيرا ركزت على آفاق سوق النفط ليس فقط على مستوى المدى القصير بل شملت أيضا المدى المتوسط والتوقعات طويلة الأجل بما في ذلك اتجاهات السوق وعدم اليقين مدفوعا في المقام الأول من خلال الاقتصاد الدولي واتجاهات سياسات الطاقة والتكنولوجيا.

وأعرب باركيندو عن تقديره للشفافية والمصارحة في تبادل وجهات النظر بين الطرفين، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على الاستمرار في التفاعلات والحوارات التقنية بشكل منتظم في قضايا النفط والقضايا المتعلقة بالطاقة بشكل عام.

وبحسب التقرير فقد تم إنشاء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي في واشنطن منذ أكثر من 50 عاما، وهو منظمة غير ربحية ويعتبر هيئة أبحاث سياسية غير حزبية مكرسة لتقديم رؤى استراتيجية وحلول سياسية بما في ذلك مجال الطاقة.

على صعيد آخر، اتفق الاتحاد الأوروبي ومنظمة «أوبك» على أن الوصول إلى سوق طاقة مستقرة ومنظمة أمر ضروري لكل من المنتجين والمستهلكين على السواء كما أنه يعتبر شرطا مسبقا لتحقيق النمو الاقتصادي العالمي المستدام.

جاء ذلك بمناسبة عقد كل من الاتحاد الأوروبي و»أوبك» اجتماع المائدة المستديرة المشتركة في بروكسل الجمعة الذي ركز على مناقشة آفاق ومستقبل إنتاج النفط والسوائل غير البترولية.

وأوضح تقرير «أوبك» أن المائدة المستديرة التي مثل الاتحاد الأوروبى فيها أرلاندس جريجوفيتش رئيس وحدة الطاقة في المفوضية وأوسفالدو تابيا رئيس قسم دراسات الطاقة في «أوبك» والقائم بأعمال مدير البحوث، هي جزء من حوار الطاقة الرسمى بين المنظمة وبروكسل، وهو حوار تأسس في عام 2005 بهدف تشجيع تبادل وجهات النظر حول قضايا الطاقة ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك التطورات في سوق النفط، وبهدف العمل على المساهمة في تحقيق الاستقرار والشفافية والقدرة على التنبؤ بالتطورات في السوق.

وأشار التقرير إلى أن حوار الطاقة حقق بالفعل تقدما كبيرا في مجال تعزيز التفاهم بين «أوبك» والاتحاد الأوروبي خاصة فيما يتعلق بقضايا الطاقة الرئيسية عبر تنظيم أنشطة مشتركة مثل ورش العمل والدراسات والموائد المستديرة بشكل متواز، ما أسفر عن تحليل وتوضيح الموضوعات المهمة ذات الاهتمام المشترك، مشيرا إلى أن المائدة المستديرة كشفت كثيرا من الجوانب المتعلقة بمستقبل إنتاج النفط والسوائل غير النفطية.