انطلقت مساء الجمعة في العاصمة اللبنانية احتفالية "مسرح المدينة" الشهير في شارع الحمراء بمناسبة مرور 20 عاما على تأسيسه.

وأقفل الشق الرئيسي من الشارع وصار حكرا على المشاة حتى منتصف الليل وتوزعت الأكشاك وسطه عارضة المأكولات والمشروبات. وتنزه الصغار والكبار في الشق المخصص لهم بدءا من ساعات الليل الأولى وانتشروا في المقاهي المجاورة للمسرح إلى أن حان وقت الاحتفالية.

وصدحت الموسيقى القادمة من المسرح عبر مكبرات الصوت وتم توزيع نشرة مخصصة للاحتفالية بالإضافة إلى دبابيس تحمل شعار المسرح.

وعلى مدى 12 يوما سيشهد المسرح سلسلة من المسرحيات والأفلام والعروض الراقصة والموسيقية لفنانين لبنانيين سخروا مواهبهم لإنجاح الاحتفالية.

وكانت الممثلة والمخرجة نضال الأشقر قد أسست "مسرح المدينة" قبل ما يزيد قليلا عن 20 سنة ولكنها اختارت أن تحتفل حسبما قالت لرويترز "بالسنوات العشرين الأولى لهذا المسرح الذي أريده أن يستمر من بعدي وأن يتسلم مهامه شباب يعشقون المسرح ويقدرون عالمه تماما مثلي."

وقبل أن ينتقل "مسرح المدينة" إلى شارع الحمراء كان يتخذ شارع كليمنصو المتفرع منه مكانا له لسنوات طويلة.

وخلال العشرين عاما استقبل المسرح الذي يعتبر أحد أبرز الأحداث الفنية والثقافية وأكثرها نشاطا في لبنان فرقا محلية وعربية وعالمية وغالبا ما قدم عروضا خارجة عن نطاق التقاليد والمسرح الكلاسيكي ليتبنى أنماطا فنية معاصرة ومستقبلية الطابع.

وجاء في كلمة نضال الأشقر ضمن النشرة المخصصة للاحتفالية "وسط هذا كله.. وسط هؤلاء كلهم.. ومع كل ما يجري حولنا من دمار لمدينتنا ولمدننا التاريخية الرائعة.. مع دمار لأرضنا لبحرنا لساحلنا لمدارسنا ولإنساننا.. وسط هذا كله نقاوم ونستمر".

وكتبت الشاعرة والكاتبة والفنانة اللبنانية الأمريكية أتيل عدنان في النشرة "نحن الآن من الناحية الثقافية باقون على قديمنا.. قبليون تواقون إلى السحر تاريخيا وحتى يومنا هذا. نحاول أن نتبنى الأساليب الغربية المسماة عقلانية وهي ليست بالضرورة أفضل مما لدينا."

وانقسمت الأمسية الأولى من الاحتفالية التي تستمر حتى 26 أكتوبر تشرين الأول إلى قسمين.. أولهما ضم مسرحية "الملك يموت" للكاتب المسرحي الروماني الفرنسي يوجين يونسكو وقد ترجمها وأعدها وقام بإخراجها الصحفي والفنان التشكيلي والمخرج المسرحي فؤاد نعيم. وهي من تمثيل جورج خباز وبرناديت حديب وباتريسيا سميرا ومي أوجدين سميث وموريس معلوف ووليد جابر.

ورافق المسرحية في عزف مباشر تنقل ما بين الأنغام والمؤثرات الخاصة التي دعمت الأداء المسرحي كل من محمد عقيل ونبيل الأحمر وعماد حشيشو.

تتمحور المسرحية حول ملك يحكم منذ سنين طويلة وينهار ملكه يوما بعد آخر ولكنه يرفض أن يرى الواقع كما يرفض موته المحتوم لأنه يعتبر أنه وحده من يقرر لحظة موته.

وتأخذنا المسرحية الساخرة والمؤثرة في نفس الوقت إلى فقدان الملك السلطة تدريجيا على شعبه وجيشه فإذا به يعيش في رعب من فقد أبسط أمور الحياة وأكثرها جمالا.

وفي الشق الثاني قدمت المغنية ريما خشيش حفلة موسيقية شملت أعمالا من ألبوماتها الخمسة السابقة وأعمالا جديدة.

وعبر فادي سعيدون (55 عاما) عن سعادته بالأمسية وقال لرويترز "جميلة هذه الأمسية بحميميتها وقدرتها على استحضار مختلف الأحاسيس."

وقالت روزيت جبور (40 عاما) في نهاية الأمسية "أهمية الاحتفالية تكمن في قدرتها على جمع كل هؤلاء الناس الذين ينتمون إلى كل الطبقات الاجتماعية في مكان واحد.. في شارع الحمراء.. في مسرح المدينة."