- فكرة إنشاء لجنة تحاسب النواب على أخطائهم باتت أكثر إلحاحا اليوم بعد إقرارها منذ سنوات عدة في البرلمانات العريقة في المملكة المتحدة وأوروبا وكندا والعديد من الدول الأوروبية ومصر والهند وأستراليا واليابان

- المقاطع: لا يوجد أي مانع قانوني أو دستوري يعيق إنشاء «لجنة القيم» بمجلس الأمة.. وتشكيلها يتطلب فقط تعديل اللائحة الداخلية
- الغزالي: لن يمكن القضاء على الفساد الإداري والحكومي ما لم يتم القضاء على فساد أعضاء مجلس الأمة الذين يستغلون عضويتهم لتحقيق مصالح شخصية لهم أو لأنصارهم


الصحافة لها دور لا غنى عنه في تثقيف القراء وتبصير الرأي العام ، وهو دور اساسي تمارسه الصحافة جنبا الى جنب مع دورها الرئيس وهو نقل الأخبار إلى متلقيها الذي يعد هدفا أساسيا ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم.. وسيظل للصحافة رسالتها الخالدة بنشر الاخبار والمعلومات وتثقيف قرائها وخلق الوعي السياسي بين افراد المجتمع.
وفي هذا الاطار ، تخصص « الوسط » تلك الزاوية “ نحو وعي برلماني “ لتثقيف القاريء العزيز ثقافة برلمانية تساعده على فهم طبيعة عمل مجلس الامة وبيان اختصاصاته العديدة وتتناول مختلف القضايا البرلمانية من منظور الدستور واللائحة الداخلية للمجلس. ونشرت « الوسط « في أعداد سابقة دراسات اعدتها ادارة البحوث والدراسات بمجلس الامة عن الاختصاص المالي والسياسي والتشريعي للمجلس فضلا عن دراسات أخرى تتناول مختلف القضايا البرلمانية.
 
واليوم ننشر الحلقة « 29 « من سلسلة « نحو وعي برلماني « وتتضمن دراسة بعنوان «مقترح بإنشاء لجنة القيم وقواعد السلوك البرلماني» واعدها الباحثون فهد العنزي، حمدان الشمري، مريم العبيد، فاطمة الرامزي، وصايف الشمري وبإشراف المستشار الدكتور رمزي سلامة، وأوصت الدراسة بضرورة إنشاء لجنة القيم وقواعد السلوك البرلماني والتي تعنى بالحفاظ على نزاهة وكرامة الوظيفة النيابية في مجلس الأمة. واشارت الدراسة الى ان فكرة إنشاء مثل هذه اللجنة في مجلس الأمة قد باتت أكثر الحاحا اليوم بعد اقرارها منذ سنوات عديدة في البرلمانات العريقة في المملكة المتحدة واوروبا وكندا والعديد من الدول الاوروبية ومصر والهند واستراليا واليابان.
ونص الدراسة كالتالي :
المقدمة : في افتتاحية لـ «دليل البرلمانيين حول الاخلاقيات وقواعد السلوك البرلمانية» يذكر «Power Greg» ما يلي: من أجل وضع اللبنات الاساسية المختلفة لنظام فعال من الاخلاقيات وقواعد السلوك، نظام يطابق وينسجم مع الظروف السياسية والثقافية للبرلمانيين ويتقيد في الوقت عينه بالمعايير الدولية الاساسية وبات ضروريا وضع قواعد لنظام الاخلاقيات وقواعد السلوك البرلماني هذا مع آلية انفاذ مناسبة للبرلمانيين وذلك من أجل:
1 - السماح لأعضاء البرلمان بإظهار أعلى درجات الأخلاق التي تتوافق مع الدور المهم الذي يؤدونه من أجل المصلحة العامة، لا سيما فيما يخص مساءلة السلطة التنفيذية.
2 - ردع ومعاقبة حالات محددة من السلوك غير الاخلاقي من جانب البرلمانيين ضمن السياق العام لمنع الفساد ومكافحته.
3 - تعزيز مستوى ثقة الجمهور بالنظام السياسي الديمقراطي بوجه عام وبالبرلمانات واعضائها بوجه خاص، لانها تتأثر الى حد كبير بالفساد سواء المشتبه في وجوده أم الحقيقي.
4 - تطبيق أحكام المادة (8) من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC).
- ووسيلة تحقيق هذه المبادئ تكون من خلال لجنة القيم وهي لجنة حيوية توجد في أعرق البرلمانات في العالم وتعتبر داعمة للائحة الداخلية ومكملة لها ولا تتعارض معها، وقد اخذ بها الكونجرس الاميركي ومجلس العموم البريطاني، ومجلس الشعب والشورى في مصر وايضا البرلمان الكندي والهدف الذي من اجله تشكلت لجنة القيم في هذه البرلمانات العريقة هو: الحفاظ على نزاهة وكرامة الوظيفة النيابية.
 المبادئ السبعة لمدونة السلوك البرلماني في بريطانيا:
للاستفادة من التجربة البرلمانية بالمملكة المتحدة نورد فيما يلي مجموعة المبادئ التي وضعتها لجنة برلمانية خاصة منذ العام 1994 تحت عنوان: المبادئ السبعة لمدونة السلوك البرلماني وهي:
1 - نكران الذات: على البرلمانيين ان يعملوا لما فيه المصلحة العامة وحسب ،لا ينبغي ان يسعوا لتحقيق مكاسب مالية او غيرها من المنافع سواء لأنفسهم أو لأسرهم أو لاصدقائهم.
2 - النزاهة: على البرلماني ألا يلزم نفسه تجاه الغير - ماليا أو غير ذلك- ممن قد يسعون للتأثير في أدائه لواجباته الرقابية والتشريعية.
3 - الموضوعية: بمعنى التركيز على الحيادية ومعايير الجدارة والكفاءة عند اختيار الاشخاص واللوائح او القوانين، والابتعاد عن الشخصانية في النظرة للأمور التي تخص الآخرين.
 4 - المساءلة: يجب أن يتقبل عضو البرلمان مساءلة الناخبين له عما تعهد لهم في برنامجه الانتخابي بتبنيه من أفكار وقرارات.
 5 - الانفتاح: على البرلماني ان يكون مستعدا لشرح وتفسير دواعي اتخاذ القرارات في الامور التي تحتمل الجدل بشأنها وان تستند قراراته الى مسببات قابلة للتوضيح ما لم تتطلب المصلحة العامة عكس ذلك.
 6 - الصدق: يلتزم عضو البرلمان بالاعلان والشفافية عن اي مصالح خاصة قد تتداخل مع واجباته كمشرع للشعب ومراقب للحكومة ومن ثم الاعلان عن تخليه عن كل ما يؤثر على مصداقيته في ادائه لاعماله بالبرلمان.
 7 - القيادة: على البرلماني ان يكون قدوة في سلوكه وفي طريقة دعمه لكافة المبادئ السابقة، ومن ثم تكون له القدرة على التوجيه والقياد.
 هذا عن مدونة السلوك البرلماني في بريطانيا فماذا عنها في الكويت؟

 لجنة القيم والبرلمان الكويتي
 لم تكن المطالبة بانشاء لجنة القيم في مجلس الأمة الكويتي وليدة السنوات الأخيرة والواقع انه في العام 1992 تقدم النائب السابق علي البغلي باقتراح بانشاء هذه اللجنة ثم توالت الاقتراحات في الفصول التشريعية التالية.
والسؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الحاضر هو:
هل مجلس الأمة حاليا في حاجة إلى هذه اللجنة؟ وما اهميتها؟ وكيف يمكن تشكيلها؟ وهل هناك موانع قانونية أو دستورية تمنع تشكيلها؟
 وفي هذا الصدد يؤكد خبير القانون الدستوري الدكتور محمد المقاطع انه لا يوجد أي مانع قانوني أو دستوري يعيق إنشاء «لجنة القيم» بمجلس الأمة، وأن تشكيلها يتطلب فقط تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بقانون ينص على تشكيل لجنة القيم البرلمانية، لافتا إلى أن هذه اللجنة من شأنها الحفاظ على نزاهة وكرامة الوظيفة النيابية التي اخل بها بعض النواب بإساءتهم استخدام الحصانة البرلمانية، واستغلالها في المساس بأعراض الناس وذممهم، بل بزملائهم النواب أنفسهم داخل قاعة البرلمان.
 في السياق ذاته يؤكد كل من الدكتور عبدالعزيز العنزي استاذ القانون بجامعة الكويت والدكتور صلاح الغزالي رئيس جمعية الشفافية الكويتية على أن مجلس الأمة يحتاج بالفعل إلى لجنة القيم، لضبط سلوكيات كثيرة داخل وخارج المجلس، وإعادة الانضباط داخل قاعة عبدالله السالم التي هبطت بها لغة الحوار إلى درجة لا تحتمل.
 وأضاف صلاح الغزالي أن كل برلمانات العالم المحترمة لديها لجنة قيم ولائحة سلوك برلمانية، يلتزم بها النواب، للتأكد من عدم استغلال النائب عضويته البرلمانية في تحقيق مصالح ومكاسب شخصية، مشيرا إلى أننا يمكننا أن نقتبس لجنة القيم أو لائحة السلوك البرلمانية من أرقى البرلمانات في أوروبا مثلا، ونقتدي بهم في تطبيقها.
 وذكر أن إنشاء لجنة القيم من أهدافها أيضا ضمان قيام النائب بواجباته وفق القانون سواء داخل أو خارج البرلمان، وتهذيب علاقته مع رجال السلطة القضائية ومع أعضاء وموظفي الجهاز الحكومي ومع المواطنين، مشيرا إلى أن غياب لجنة القيم أدى إلى حدوث كثير من وقائع اعتداء بعض النواب بالألفاظ أو بالأيدي على موظفين حكوميين في أماكن عملهم ومحاضر الشرطة سجلت هذه الوقائع.
 ويؤكد الغزالي أنه لن يمكن القضاء على الفساد الإداري والحكومي ما لم يتم القضاء على فساد أعضاء مجلس الأمة الذين يستغلون عضويتهم لتحقيق مصالح شخصية لهم أو لأنصارهم، لافتا إلى أنه لن يتم إيقاف هؤلاء المفسدين إلا من خلال إنشاء لجنة القيم لمحاسبة أي نائب لا يلتزم بالقيم والأخلاق والقوانين داخل أو خارج مجلس الأمة.
 وفي ذات السياق يذكر الدكتور محمد المقاطع: أن بعض النواب أساء فهم المادة (115) من الدستور، التي منحت عضو البرلمان الحماية من المساءلة على ما يذكره أو يتحدث به داخل مجلس الأمة، فظن البعض خطأ أن تلك المادة تمنحه الحصانة حين يهبط بلغة الحوار، ويوزع الاتهامات هنا وهناك، وأن يخوض في أعراض وذمم الناس والنواب والوزراء.
 وتمنى تفعيل لجنة القيم في حال الموافقة على تشكيلها، وألا يكون مصيرها مثل مصير المادة (116) من اللائحة الداخلية، والتي تكملها المادة 82 من الدستور التي تسمح برفع الحصانة عن عضو مجلس الأمة لإجراء التحقيق معه أمام النيابة العامة والقضاء، لأنه في معظم الحالات يقف المجلس معارضا أمام إسقاط العضوية، مضيفا أنه لا يتم أيضا الالتزام بالمادة (131) من الدستور والتي تحظر على عضو البرلمان أن يتمتع بعضوية مجلس إدارة أي شركة تجارية في أثناء العضوية البرلمانية.
وفي الخاتمة أوصت الدراسة بضرورة إنشاء لجنة القيم وقواعد السلوك البرلماني والتي تعنى بالحفاظ على نزاهة وكرامة الوظيفة النيابية في مجلس الأمة. واشارت الدراسة الى ان فكرة إنشاء مثل هذه اللجنة في مجلس الأمة قد باتت أكثر الحاحا اليوم بعد اقرارها منذ سنوات عديدة في البرلمانات العريقة في المملكة المتحدة واوروبا وكندا والعديد من الدول الاوروبية ومصر والهند واستراليا واليابان.