حقق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انتصارا كبيرا في انتخابات تشريعية كان وقعها كالزلزال، فاطاحت بزعماء ثلاثة احزاب، وتهدد بخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، في حين اكتسح القوميون المطالبون بالاستقلال المقاعد المخصصة لاسكتلندا.
ووصل كاميرون الى قصر باكنغهام حيث استقبلته الملكة اليزابيث الثانية وطلبت منه تشكيل الحكومة المقبلة.
وبعدها، غادر كاميرون متوجها الى مقر رئاسة الوزراء مبتسما وممكسا بذراع زوجته سامنتا في اول يوم من ولايته الثانية.
وقال، بعد خمسة اعوام من انتخابات 2010 عندما كان المحافظون بحاجة الى الليبراليين الديموقراطيين ليشكلوا حكومة، “اريد الان تشكيل حكومة من الغالبية المحافظة».
وعلى غرار المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، هنأ الرئيس الاميركي باراك اوباما كاميرون بفوزه “الكبير”، آملا في “مواصلة تعزيز العلاقات بين بلدينا».
بدوره، رحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بفوز كاميرون ودعاه الى زيارة باريس بعد ان يشكل حكومته.
استطلاعات الرأي
وحتى قبل الانتهاء من فرز بطاقات الاقتراع، اعلن كاميرون (48 عاما) انه سيعمل من اجل «مستقبل أفضل للجميع» مستخفاً باستطلاعات الرأي التي كانت تتوقع هزيمته وتحقيق حزبه نتائج متقاربة مع حزب العمال.
وحصل المحافظون على 331 مقعدا اي الاكثرية المطلقة من اصل 650 مقعدا مقابل 232 للعماليين و56 للقوميين الاسكتلنديين وثمانية لليبراليين الديموقراطيين ومقعد واحد لحزب استقلال المملكة المتحدة (يوكيب).
وسارع كاميرون الى اعادة تعيين جورج اوسبرن في منصب وزير المالية وتيريزا ماي لوزارة الداخلية وفيليب هاموند للخارجية في حكومته الجديدة. 
وكتب على حسابه على موقع تويتر “اعدت تعيين جورج اوسبورن وزيرا للمالية”. واضاف ان “تيريزا ماي ستبقى وزيرة للداخلية، وفيليب هاموند وزيرا للخارجية».
واضاف ان “آخر تعيين هذه الليلة هو ميشيل فالون في منصب وزير الدفاع».
مجزرة انتخابية
وكان بدأ تغريداته على تويتر بالقول «سأعلن عن بعض المناصب الحكومية خلال الساعتين المقبلتين».
ومنذ ظهور اولى اتجاهات التصويت، توقع المحللون “مجزرة انتخابية».
وكان زعيم حزب يوكيب الشعبوي المناهض لاوروبا نايجل فاراج اول المستقيلين بسبب خسارته في دائرة ساوث ثانت منفذا اعلانه بانه “سيستقيل” في حال الخسارة.
وبعده بقليل، اعلن زعيم الليبراليين الديموقراطيين (الاحرار الديموقراطيون) نيك كليغ (48 عاما) استقالته بعد ليلة “مدمرة”،حسب قوله.
وقد خسر الحزب شريك المحافظين في الحكومة المنتهية ولايتها معظم مقاعده الـ56 ولم يحتفظ سوى بثمانية. وقال كليغ الذي احتفظ بمقعده في شيفيلد “كانت ليلة قاسية».
وتبعهما زعيم العماليين اد ميليباند (45 عاما) الذي اعلن تحمله “المسؤولية الكاملة عن الهزيمة” متكلما عن “ليلة مخيبة للامال” بالنسبة لحزبه.
وصرح في كلمة القاها امام الصحافة وانصاره ظهر الجمعة “هذا ليس الخطاب الذي اردت القاءه».
واضاف “حان الوقت كي يتولى شخص آخر الدفع بمصالح الحزب (...) بريطانيا بحاجة الى حزب عمال قوي قادر على اعادة البناء بعد هذه الهزيمة».
وقدم مليباند اعتذاره الى النواب الخاسرين بشكل خاص وسلم الرئاسة خلال الفترة الانتقالية لنائبته هارييت هرمان بانتظار انتخاب رئيس جديد.
وقال قبل ان يشكر ناخبيه وانصاره على تويتر “انه يوم حزين لكن المعركة مستمرة. حزب العمال سيواصل الدفاع عن العمال».
ردود افعال
وكانت استطلاعات الخروج من مراكز التصويت توقعت مثل هذه النتيجة واثارت رد فعل حذرا مساء الخميس بسبب اختلافها الشديد عن التوقعات السابقة التي اشارت الى نتيجة متقاربة.
واعلن كاميرون منذ فجر الجمعة انه سيفي بوعده وسينظم استفتاء قبل نهاية 2017 حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي وهو امر يثير قلق شركائه الاوروبيين نظرا لاحتمال ان يصبح ذلك حقيقة.
ووجه رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر الذي كان رفض كاميرون تعيينه، تهانيه مبديا استعداده “للتوصل الى اتفاق عادل بالنسبة الى المملكة المتحدة داخل الاتحاد الاوروبي». 
وانعكس خبر فوز المحافظين على العماليين بارتفاع سعر صرف العملة البريطانية ازاء الدولار واليورو الجمعة في الاسواق الاسيوية.
واحرز القوميون الاسكتلنديون انتصارا يرمز الى نهاية حزب العمال في مقاطعتهم مع فوز مرشحتهم ميري بلاك، الطالبة البالغة من العمر 20 عاما التي تمكنت من ازاحة احد ابزر اوجه حزب العمال دوغلاس الكسندر.
واصبحت بلاك اصغر نائب يدخل قصر وستمنستر منذ نحو ثلاثة قرون ونصف قرن، منذ عام 1667 تحديدا.
وطيلة يوم الخميس، لم يخف ناشطو الحزب القومي في غلاسكو رغبتهم في “الانتقام” فهم يتطلعون لتنظيم استفتاء جديد من اجل الاستقلال.
من جهته، قال باتريك دانليفي استاذ العلوم السياسية لدى كلية لندن للاقتصاد ان “مكانة كاميرون ازدادت بشكل كبير فهو سيبقى رئيسا للوزراء».