- بداية كل دور انعقاد تشريعي يؤلف مجلس الأمة اللجان الدائمة وأيضاً اللجان المؤقتة التي يرى ضرورة تشكيلها وتأليفها
- لا تجيز اللائحة الداخلية للمجلس تصدي اللجنة أو اللجان لموضوع من تلقاء نفسها من دون إحالة صريحة من مجلس الأمة إلى لجنة بعينها
- إباحة التصدي لمسألة ما دون سابقة إحالتها إلى اللجنة على خلاف أحكام قانون اللائحة تؤدي إلى نتائج غير مقبولة تتنافى تماماً مع حكمة  التشريع
- تصدي اللجنة لموضوع ما دون إحالة وتكليف من المجلس يشغل وقت المجلس بأمور جانبية من شأنها تعطيله عن قضايا رئيسية أكثر منها  أهمية
- بعض اللجان تقوم بعقد الاجتماعات لمناقشة موضوعات لم يكلفها المجلس بدراستها وتدعو أيضاً إلى اجتماعاتها الوزراء المختصين والمسؤولين  في  الحكومة بل وأهل الخبرة والاختصاص في القطاع الحكومي والأهلي
- وفقا لمواد اللائحة الداخلية فان اختصاص أي لجنة دائمة أو مؤقتة لا ينعقد وولايتها لا تتحقق إلا بالنسبة للمسألة أو المسائل المحالة إليها من  مجلس  الأمة فقط
- مناقشة اللجان لقضايا من تلقاء نفسها تعد خروجاً عن مبدأ الشرعية الذي يلزم أن تتسم به أعمالها وقيامها مقام المجلس في ممارسة أعماله

 
الصحافة لها دور لا غنى عنه في تثقيف القراء وتبصير الرأي العام ، وهو دور اساسي تمارسه الصحافة جنبا الى جنب مع دورها الرئيس وهو نقل الأخبار إلى متلقيها الذي يعد هدفا أساسياً ضمن أهداف أخرى قامت عليها نشأة الصحافة في العالم .. وسيظل للصحافة رسالتها الخالدة بنشر الاخبار والمعلومات و تثقيف قرائها وخلق الوعي السياسي بين افراد المجتمع .
وفي هذا الاطار ، تخصص “ الوسط “ تلك الزاوية “ نحو وعي برلماني “ لتثقيف القاريء العزيز ثقافة برلمانية تساعده على فهم طبيعة عمل مجلس الامة وبيان اختصاصاته العديدة وتتناول مختلف القضايا البرلمانية من منظور الدستور واللائحة الداخلية للمجلس .
ونشرت « الوسط « في أعداد سابقة دراسات اعدتها ادارة البحوث و الدراسات بمجلس الامة عن الاختصاص المالي والسياسي والتشريعي للمجلس فضلا عن دراسات أخرى تتناول مختلف القضايا البرلمانية ..
واليوم نعرض لدراسة بعنوان «مدى أحقية لجان مجلس الأمة التصدي لموضوعات من تلقاء نفسها من دون إحالة من مجلس الأمة» وهي من إعداد الاختصاصي القانوني فهد مطر العنزي ، ومراجعة الخبير القانوني بمجلس الأمة مصطفى كامل وصدرت في فبراير 2009 ، ونصها كالتالي :
تعتبر لجان المجلس التشريعي عصب الحياة فيه ، فهي بمثابة المحرك الداخلي لأعمال المجلس ، التي تقوم بمهام الدراسة والتمحيص لمختلف الموضوعات التي تدخل في اختصاصه تمهيداً لعرضها عليه ومناقشتها واتخاذ القرار المناسب بشأنها .
فالمجلس التشريعي يمارس أعماله من خلال لجان عدة تختص كل منها بموضوع معين فتقوم بدراسة الأمور المتعلقة به دراسة عميقة وافية ، حتى إذا ما أعدت تقريرها كان من شأنه أن يلقى على الموضوع المعروض على مجلس الأمة الكثير من الوضوح والدقة .
وقد أكدت المادة (93) من الدستور الكويتي مبدأ حق مجلس الأمة في تأليف اللجان اللازمة لأعماله بقولها : « يؤلف المجلس خلال الأسبوع من اجتماعه السنوي اللجان اللازمة لأعماله ، ويجوز لهذه اللجان أن تباشر صلاحياتها خلال عطلة المجلس تمهيداً لعرضها عليه عند اجتماعه « .
ففي بداية كل دور انعقاد تشريعي ، يؤلف مجلس الأمة اللجان الدائمة وأيضاً اللجان المؤقتة التي يرى ضرورة تشكيلها وتأليفها .
لكن المتابع لأعمال لجان مجلس الأمة يلاحظ أن بعض هذه اللجان تقوم بعقد الاجتماعات لمناقشة موضوعات لم يكلفها المجلس بدراستها ، وتدعو أيضاً إلى اجتماعاتها الوزراء المختصين والمسئولين في الحكومة بل وذوي أهل الخبرة والاختصاص في القطاع الحكومي والأهلي .
وبذلك جعلت كل لجنة من نفسها مجلساً نيابياً قائماً بذاته ، وقد ساعد على استفحال هذا الأمر تلبية الحكومة دعوة هذه اللجان ، وكذلك استجابة رئاسة مجلس الأمة طلب هذه اللجان وتنفيذ رغباتها في ذلك الأمر من دون حرج .
ولكن بعد عرض هذا الموضوع كله – يثور التساؤل حول أحقية لجان مجلس الأمة – سواء الدائمة منها أو المؤقتة – في التصدي لمناقشة وبحث موضوعات ودراستها من تلقاء نفسها وبدون تكليف من مجلس الأمة أو دراية منه . 
 ويتضح من خلال استظهار أحكام اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم (12) لسنة 1963م وبالأخص أحكام المواد والنصوص التالية المتعلقة باللجان ما يلي :-
أن المادة (48) تنص على أن «يبعث رئيس المجلس إلى اللجان جميع الأوراق المتعلقة بالمسائل المحالة إليها ولأعضاء المجلس حق الاطلاع عليها ولهم أن ينقلوا صوراً منها بموافقة رئيس اللجنة» .
والمادة « 55 « تنص على أن : «تقدم اللجنة إلى رئيس المجلس تقريراً عن كل موضوع يحال إليها يلخص عملها ويبين توصياتها ، وذلك خلال ثلاثة أسابيع من إحالة الموضوع إليها ، ما لم يقرر المجلس غير ذلك» .
كما تنص المادة «56» على أن : « يجب أن تشمل تقارير اللجان على مشاريع الموضوعات المحالة إليها أصلاً « .
والمادة «57» تنص على أن : « يجوز لكل عضو بدا له رأي أو تعديل في موضوع محال إلى لجنة ليس عضواً فيها أن يبعث كتابه إلى رئيس اللجنة لعرضه عليها « .
والمادة «58» تنص على أنه : « إذا رأت إحدى اللجان أنها مختصة بنظر موضوع أحيل إلى لجنة أخرى أو أنها غير مختصة في الموضوع المحال عليها أبدت ذلك لرئيس المجلس لعرضه على المجلس لإصدار قرار فيه . «
يتبين من أحكام المواد السابقة المشار إليها من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ، أن اختصاص أي لجنة من لجان المجلس سواء كانت الدائمة أو المؤقتة لا ينعقد وولايتها أيضاً لا تتحقق إلا بالنسبة إلى المسالة أو المسائل المحالة إليها من مجلس الأمة وتقتصر على هذه المسائل دون سواها إلا ما أرتبط فيها من تفصيلات تتعلق بموضوعها وتكون لازمة بالضرورة لإمكان إبداء الرأي بينما ينحسر عما يجاوزها من أمور خارجية أو مخالفة لجوهرها ونطاقه ومداه ، بمعنى أن ولاية اللجنة واختصاصها يستمدان من الإحالة الصادرة إليها من مجلس الأمة وحده فقط ، وذلك ليتسنى للجنة بحث المسألة موضوع الإحالة وتقديم تقرير في شأنها هو الغاية من الإحالة وأن شرعية التقرير الصادر من اللجنة أو اللجان يرتبط بالإحالة وجوداً وعدماً ونطاقاً .
وكذلك التوصيات التي يتضمنها التقرير في شأن مسألة محددة حصراً ومقيدة بالموضوع المحال من مجلس الأمة إلى اللجنة ، ولا تجيز اللائحة الداخلية لمجلس الأمة تصدي اللجنة أو اللجان لموضوع من تلقاء نفسها من دون إحالة صريحة من مجلس الأمة إلى لجنة بعينها لكون الأمر في هذا المقام مرده ومرجعيته إلى اللائحة الداخلية لمجلس الأمة التي لم تتضمن أي نص يخول اللجان في هذا الشأن سلطة تقديرية مطلقة في أي موضوع يدخل في اختصاصها بوجه عام ، وهو ما يطلق عليه أن اختصاص لجان المجلس سواء الدائمة أو المؤقتة بالنسبة إلى بحث موضوع ما ولو كان داخلاً في عموم ولايتها رهين بإحالة من مجلس الأمة ومحصور في ما تناولته هذه الإحالة بصريح العبارة ومقيد بها لكونها محددة بالنص .
أي أن اختصاص اللجان مقيد ومحدد حصراً باسناده إليها بالنص ، فهو ليس اختصاصاً عاماً ولا ولاية مطلقة كاملة من دون قيد أو شروط بمعنى أن اختصاص اللجنة منوط في موضوعه وفي تفصيلاته بالإحالة الحتمية التي تدور معها وجوداً وعدماً .
وتأسيساً على هذه الحقيقة القانونية ينتفي تماماً اختصاص لجان المجلس بالتصدي تلقائياً لموضوع غير محال إليها ، أو معروضاً عليها بناء على إحالة سابقة للجنة معينة بعينها أو لجنة أخرى .
ومن الجدير بالذكر أن إباحة التصدي لمسألة ما دون سابقة إحالتها إلى اللجنة على خلاف أحكام المواد السالفة الذكر ، يؤدي إلى نتائج غير مقبولة تتنافى تماماً مع حكمة التشريع وصريح نصوصه دون ضابط أو رقيب ولا سيماً أن الدستور الكويتي واللائحة الداخلية لمجلس قد خليا كلاهما من أي نص يخول اللجان ممارسة صلاحية قانونية ليست مقررة لها ولا داخلة في اختصاصها أو في ولايتها عن غير طريق المجلس ، أو وجود نص يخول اللجان ممارسة هذه الصلاحية .
الأمر الذي لا يسوغ للجنة أن تقوم مقام مجلس الأمة صاحب الشأن الأصيل في مراقبة ومتابعة السلطة التنفيذية ، فاللجنة بذلك تنصب نفسها بالحلول محل المجلس فيما هو من صميم اختصاصه وتنحيه عن ذلك ، فمراقبة الجهاز التنفيذي أمر من اختصاص مجلس الأمة وفقاً للائحته الداخلية .
وغني عن البيان أن تصدي اللجنة لموضوع ما وأثناء اتفاقها مع الحكومة على أمور ما بدون إحالة وتكليف من المجلس وعلم منه ، يثير الحرج إذا رفض مجلس الأمة هذا الاتفاق بعد ذلك .
وإضافة إلى ما تقدم فأنه يشغل وقت المجلس بأمور جانبية من شأنها تعطيله عن مسائل أخرى وقضايا رئيسية أكثر منها أهمية وتعطل إنجازها في الوقت المناسب مع إضاعة الجهد والوقت فيما لا جدوى ولا فائدة تذكر منه .
وأيضاً فإن استدعاء كبار الوزراء والمسئولين في الدولة ومناقشتهم والاستفسار منهم ودراسة موضوعات معهم ليست محالة أصلاً إلى اللجنة من قبل المجلس يؤدي إلى أرباك للجهاز التنفيذي وتعطيل أعمالة ، كما توسع اللجان في اختصاصاتها بدون حدود وبغير ضوابط معينة ولا رقابة من جانب المجلس لا سند له من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة وبالتالي لا يبرر أعمالها .
رأي الباحث : وبناء على ما سلف ذكره ، وفي ضوء الكشف عن مثالب وعيوب اللجان التي تتصدى لمواضيع من تلقاء نفسها بدون إحالة من المجلس ، فإنه يعد خروجاً عن مبدأ الشرعية الذي يلزم أن تتسم به أعمالها وقيامها مقام المجلس في ممارسة أعماله ومراقبة السلطة التنفيذية ينطوي على إخلال بمبدأ المشروعية والاختصاص وينحدر إلى مستوى الانعدام القائم على اغتصاب السلطة .
ومن ثم فإنه لا يجوز للجان المجلس أن تتصدى من تلقاء نفسها إلى مواضيع ودراستها بدون سند قانوني يخولها ذلك يكون صادراً من مجلس الأمة ، بإحالة صريحة مقيدة ومحددة حصراً يجيز فيها القيام بهذه الأعمال .