قال تقرير الشال الاسبوعي الصادر أمس السبت أنه  في البيان الصحفي الصادر بتاريخ 28-1-2016  عرض وزير المالية لأرقام إجمالية لمشروع موازنة ، خلاصتها تقدير / السنة المالية الحالية 2016-2017  المصروفات بنحو 18.9  مليار دينار كويتي، بخفض قدره 279  مليون دينار كويتي، أو خفض بنحو 1.6 % فقط مقارنة باعتمادات السنة المالية السابقة لها. 
وحتى ذلك الخفض غير حقيقي، لأنه عائد إلى انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، ما أدى بالتبعية إلى خفض مصروفات الدعم، وهو بند رئيسي في الموازنة العامة، وذلك أمر لا علاقة له بأي سياسيات إصلاح أو ترشيد، وعليه تم تقدير رقم مخيف لعجز الموازنة الافتراضي بلغ 12.2مليار دينار كويتي.
 ومعظم العجز ناتج عن اعتماد سعر افتراضي لبرميل النفط الكويتي بلغ 25  دولار أمريكي، وكان ذلك بشهر يناير وسوق النفط بأسوأ حالاته، وفي يوم 20-1-2016 ، كسر سعر برميل النفط الكويتي حاجز ال 20 دولار أمريكي إلى الأدنى فبلغ نحو 19.14 دولار أمريكي.
في بيان وزير المالية بتاريخ 3-7-2016  بعض أرقام الموازنة، أهمها تعديل سعر برميل النفط الكويتي إلى الأعلى، فبعد أن كان 25 دولار أمريكي، أصبح 35 دولار أمريكي، وعليه انخفض رقم العجز الافتراضي في الموازنة إلى 9.5 مليار دينار كويتي بدلاً من 12.2 مليار دينار كويتي في تقديرات يناير الفائت.
وانخفاض الرقم الافتراضي لعجز الموازنة للسنة المالية الحالية بنحو 22 %، جاء بسبب ارتفاع تقدير سعر برميل النفط فيها – من 25 إلى 35 دولار أمريكي- أي بنحو40% ، وتغيير سعر برميل النفط الافتراضي أمر لا علاقة له بسياسات الترشيد والإصلاح. وظلت جميع العيوب الجوهرية الأخرى في هيكل الموازنة كما كانت في تقديرات شهر يناير، ومماثلة لكل موازنات ما قبل انهيار سوق النفط. فالنفقات الجارية ظلت بحدود82.7% ، والرواتب والأجور وما في حكمها ظلت بحدود  55% ، والدعوم انخفضت إلى حدود 15 % بسبب انخفاض أسعار النفط وسوف ترتفع بارتفاعه.
 وحتى ما ذكره بيان يناير عن ارتفاع مصروفات الشق الاستثماري في الموازنة بنحو3% أو نحو 90 مليون دينار كويتي، وبأن ذلك يعود إلى سعي الحكومة لتنفيذ المشاريع الإستراتيجية والتنموية الحيوية المدرجة بخطة التنمية، أمر هامشي ولا علاقة له بالتنمية.
 فتلك المشروعات غير مستدامة، ولم ترتبط بفرص العمل المواطنة والمستدامة التي تخلقها، ولم ترتبط بأي من أهداف التنمية الأخرى المعلنة، وهي ردم الفجوات الهيكلية، أو التخديم على التحول إلى مركز مالي وتجاري، والواقع أنها قد تعمل على توسعة الفجوات الهيكلية.
لقد قاربت السنة الثانية منذ انهيار أسعار النفط على الانتهاء، وقدم لنا الحساب الختامي للسنة المالية الفائتة أول عجز مالي حقيقي منذ 16 سنة مالية، وفيه مؤشر في غاية الخطورة على بدء حقبة طويلة لسنوات عجز صعبة، وقدمت وزارة المالية تشخيص صحيح لها. وفي العلاج، تشير كل المؤشرات إلى استمرار سياسات حقبة رواج سوق النفط في سنوات انهياره، وموازنتي 2015-2016 و 2016-2017  يقدمان مؤشرين على  غياب كلي للتفاعل مع حقبة مختلفة تمام ا.
ً وكما لم ينفع التحذير حول نهاية حتمية لحقبة رواج سوق النفط، يبدو أنه لن ينفع في حقبة انهياره، فالحديث عن إصلاح تكذبه الأرقام الرسمية، ولن يقود سوى إلى حقبة لن يكون فيها الإصلاح الحقيقي ممكن.