لا يبدو أن نظرة مجلس الاحتياط الفدرالي غامضة حيال مستقبل الاقتصاد، إذ قال بيان اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح الأسبوع الماضي بأن التباطؤ الشتوي جاء، جزئيا، نتيجة عوامل مؤقتة، مشيرا بالتالي إلى أن النمو سيتحسن في المستقبل مع تلاشي هذه العوامل. وأشار بيان اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح إلى الدولار الأميركي، قائلا إن انخفاض أسعار الواردات من غير الطاقة كان أحد العوامل التي أبقت التضخم دون النسبة المستهدفة البالغة بالمئة2. ويعتبر هذا الأمر مهما جدا، وقد تنظر إليه الأسواق كضعف محتمل في المدى المتوسط، إذ أن التضخم المنخفض والنمو البطيء قد يؤخران رفع مجلس الاحتياط الفدرالي لأسعار الفائد ، ذلك حسبما ورد في تقرير البنك الوطني .
ومن ناحية الصرف الأجنبي، بدأ الدولار الأسبوع ضعيفا مقابل العملات الرئيسة، إذ تراجع المؤشر من 97.28، وهو أعلى مستوى له، إلى 94.39. وإضافة لذلك، فإن البيانات الاقتصادية الأميركية السلبية اجتمعت مع بيان اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح الأربعاء الماضي الذي قال «من أجل دعم الجهد المستمر للتوصل لتوظيف أقصى واستقرار الأسعار، أكدت اللجنة على نظرتها بأن النطاق الحالي المستهدف للأموال الفدرالية من 0 إلى بالمئة1/4 يبقى ملائما. ولتحديد مدة هذا النطاق المستهدف، ستقيّم اللجنة التطور المنجز والمتوقع لتحقيق أهدافها بتوظيف أقصى وتضخم بنسبة بالمئة2.» وعزز ذلك الأمر الاعتقاد بأن مجلس الاحتياط الفدرالي لن يرفع أسعار الفائدة حتى نهاية عام 2015، وسيرفعها على الأرجح بوتيرة أبطأ من المتوقع، ما أدى إلى تراجع الدولار. وأقفل المؤشر في نهاية الأسبوع عند 95.21.
وبدأ اليورو الأسبوع عند مستوى 1.0818، ثم ارتفع بحدة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهرين وهو 1.1289، بعد إشارات إلى أن أوروبا خرجت من خطر الانكماش. وبقيت أسعار المستهلك في منطقة اليورو على حالها في شهر أبريل بعد أن انخفضت لأربعة أشهر على التوالي، الأمر الذي يعكس بشكل كبير تراجعا أبطأ في أسعار الطاقة. وأقفل اليورو الأسبوع عند مستوى 1.1199. 
وبدأ الجنيه الإسترليني الأسبوع عند مستوى 1.5167 مقابل الدولار الأميركي، ثم ارتفع بحدة ليصل إلى أعلى مستوى منذ ثلاثة أشهر وهو 1.5496، وذلك على خلفية أنباء تفيد بأن التحرك التالي لبنك إنكلترا هو على الأرجح نحو رفع أسعار الفائدة. ولكن المستثمرين باعوا الجنيه الإسترليني عقب صدور البيانات البريطانية للتصنيع وللناتج المحلي الإجمالي التي جاءت أسوأ من المتوقع. وأنهى الجنيه الأسبوع عند مستوى 1.5139.
وبدأ الين الياباني الأسبوع عند مستوى 118.89 مقابل الدولار الأميركي ثم ارتفع ليصل إلى 118.47، بعد أن امتنع بنك اليابان عن زيادة تحفيزه النقدي. وبدأ الين بعد ذلك بالتراجع، وانخفض مقابل الدولار ليصل إلى 120.28 بعد أن كرر محافظ البنك، هاروهيكو كورودا، بأنه لن يتردد في التحرك إذا ما تبين أنه من الصعب بلوغ النسبة المستهدفة للتضخم والبالغة بالمئة2. 
ثقة المستهلك 
تراجعت ثقة المستهلك الأميركي بشكل مفاجئ هذا الشهر وسط تباطؤ في خلق الوظائف وقلق حيال المستقبل الاقتصادي في المدى القريب. وتراجع مؤشر ثقة المستهلك إلى أدنى مستوى له منذ أربعة أشهر من 101.4 بعد المراجعة في مارس إلى 95.2 في أبريل، مقابل توقعات الأسواق بأن المؤشر سيرتفع قليلا إلى 102.6. وانخفضت بشدة توقعات المستهلك للنشاط الاقتصادي على مدى الأشهر الستة القادمة من 96.0 إلى 87.5. وخسرت ثقة المستهلك في أبريل كل ما كسبته في مارس وأكثر من ذلك.
الولايات المتحدة
نما الاقتصاد الأميركي بالكاد في الربع الأول، وذلك بسبب تراجع الاستثمار في قطاع الأعمال وتراجع الصادرات بعد انخفاض أسعار النفط وارتفاع الدولار. وجاء الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول أقل بكثير من المتوقع، إذ ارتفع فقط بنسبة بالمئة0.2 بمعدل سنوي مقارنة بنسبة متوقعة قدرها بالمئة1.0 وارتفاع في الربع الأخير بنسبة بالمئة2.2. وكان التراجع الأكبر في صافي الصادرات، الذي تراجع نموه بنسبة بالمئة1.3، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى الطقس السيء وإضرابات الموانئ على الساحل الغربي وارتفاع الدولار الأميركي. ومن ناحية أخرى، كثيرا ما تكون المخزونات متغيرا كبيرا، ولكنها بالواقع أضافت بالمئة0.7 إلى النمو. وهكذا فإنها لم تساعد فقط أرقام الربع الأول، ولكن المخزون المرتفع في الربع الأول يشير إلى أنه قد يشكل عبئا في الربع الثاني. وعلى صعيد آخر، كان الاستهلاك قويا بنسبة بالمئة1.9، وانخفض مؤشر التضخم الكلي للناتج المحلي الإجمالي بنسبة بالمئة0.1، وهو أمر ليس مفاجئا بما أننا نعلم أن انخفاض أسعار الطاقة وارتفاع الدولار يبقيان التضخم الكلي منخفضا.
البطالة الأميركية 
انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات إعانة البطالة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ 15 سنة. وبلغ الرقم المعدل موسميا للطلبات الأولية 262،000، أي بانخفاض قدره 34،000 عن الرقم المراجع للأسبوع السابق، وهذا هو المستوى الأدنى للطلبات الأولية منذ 15 أبريل 2015 عندما بلغ 259،000. وكانت قد تمت مراجعة رقم الأسبوع السابق من 295،000 إلى 296،000، أي زيادة قدرها 1،000. ولكن الأسواق كانت قد توقعت ارتفاعا إلى 290،000 في هذا الأسبوع
مؤشر مديري 
كان التصنيع في أبريل عند أضعف وتيرة له منذ ما يقارب السنتين، الأمر الذي شجع المصانع على وقف التعيين بانتظار زيادة الطلب في أميركا والخارج. وبقي مؤشر معهد توريد الإداريين على حاله عند 51.5، وهو المستوى الأدنى منذ مايو 2013. وتعتبر أي قراءة فوق 50 إشارة إلى الانتعاش، ولكن عدم التحسن يعكس التأثيرات التي خلّفها ارتفاع الدولار وانخفاض أسعار النفط على الإنفاق الرأسمالي والصادرات التي تسببت بتوقف انتعاش الاقتصاد تقريبا في الربع الأول.
منطقة اليورو
بلغ معدل البطالة المعدل موسميا في منطقة اليورو بالمئة11.3 في مارس 2015، أي نفس نسبة فبراير ولكن أقل من نسبة مارس 2014 التي بلغت بالمئة11.7. وسجلت ألمانيا أدنى معدل بطالة بين الدول الأعضاء في مارس 2015 بنسبة بالمئة4.7، وسجلت اليونان أعلى معدل بنسبة بالمئة25.7 في يناير 2015 وإسبانيا بنسبة بالمئة23.0. ومقارنة بسنة مضت، انخفض معدل البطالة في مارس 2015 في 22 من الدول الأعضاء، وارتفع في 5 منها وبقي ثابتا في النمسا. وسجلت إيرلندا وإسبانيا أكبر تراجع من بالمئة12.0 إلى 9.8 بالمئة ومن 25.1 بالمئة إلى 23.0 بالمئة على التوالي. وكان الارتفاع في معدل البطالة في كرواتيا من 17.3 بالمئة إلى 18.2 بالمئة وفي فنلندا من 8.4 بالمئة إلى 9.1 بالمئة وفي إيطاليا من 12.4 بالمئة إلى 13.0 بالمئة وفي فرنسا من 10.1 بالمئة إلى 10.6 بالمئة.
 سعر المستهلك 
بقيت أسعار المستهلك على حالها في أبريل بعد تراجع لأربعة أشهر متتالية. وسجل نمو تضخم المستهلك في منطقة اليورو صفرا في أبريل، مضيفا إلى الإشارات بأن المخاوف من الانكماش قد بدأت تتبدد، ويعكس ذلك بشكل كبير تراجعا أبطأ في أسعار الطاقة. وأظهر مؤشر أسعار المستهلك أنه لم يحصل أي تغيير في أبريل عقب التراجع البالغ بالمئة0.1 في مارس و 0.3 بالمئة في فبراير. وارتفع معدل التضخم الأساس، الذي يستثني مكوني الغذاء والطاقة، بنسبة 0.6 بالمئة في أبريل، مقارنة بنفس وتيرة النمو التي سجلها الشهر السابق.
النمو البريطاني
تباطأ الاقتصاد البريطاني بأكثر مما كان متوقعا في الربع الأول من عام 2015، الأمر الذي شكل نكسة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي راهن في حملة إعادة انتخابه للأسبوع المقبل على الانتعاش الاقتصادي الأخير. ونما الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنسبة 0.3 بالمئة في الفترة من يناير إلى مارس مقارنة بفترة الثلاثة أشهر الأخيرة من عام 2014 التي سجل فيها النمو ربع السنوي 0.6 بالمئة، وهو أبطأ نمو منذ الربع الأخير لعام 2012. ولكن يتوقع الاقتصاديون أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي الضعيفة سترتفع على الأرجح بعد المراجعة تماشيا مع النشاط الأقوى الذي سجلته استطلاعات قطاع الأعمال وغيرها من مؤشرات النشاط الاقتصادي.
نمو التصنيع 
سجل نمو التصنيع البريطاني أكبر تباطؤ له منذ أكثر من سنتين، مضيفا إلى المخاوف بشأن الانتعاش الاقتصادي المتواصل في بريطانيا. وتراجع مؤشر مديري الشراء للتصنيع من 54.0 في مارس بعد المراجعة إلى 51.9 في أبريل، أي أدنى مستوى له منذ سبعة أشهر وأكبر تراجع لشهر واحد منذ فبراير 2013. وتزامن التباطؤ في معدل ارتفاع الإنتاج مع ضعف نمو الأعمال الجديدة، ما أدى إلى انخفاض في حجم الأعمال الجديدة من الخارج. ويبقى المستهلك المحرك الأول للنمو بشكل كبير، إذ يسجل قطاع السلع الاستهلاكية أداء قويا، على عكس القطاعات الأخرى
السياسة النقدية 
امتنع بنك اليابان عن زيادة تحفيزه النقدي حتى بعد توقف معدلات التضخم عن النمو، مع مراهنة المحافظ كورودا بأنها ستعود إلى ذلك مع تراجع تأثير انخفاض أسعار النفط. وقرر مجلس تحديد السياسة في بنك اليابان في اجتماع السياسة النقدية الذي عقد الأسبوع الماضي بأغلبية أصوات 8 – 1، أن يقوم بعمليات في سوق النقد من أجل زيادة قاعدته النقدية بوتيرة سنوية بحوالي 80 تريليون ين، كما توقع الاقتصاديون في السوق.