اتسمت تعاملات السوق النفطية خلال تعاملات الأسبوع الماضي بالميل إلى الارتفاع مع استمرار تأثير عدد من العوامل الاقتصادية المهمة بدعم الأسعار، أبرزها بيانات نفطية كشفت عن استمرار توقف الحفارات النفطية في الولايات المتحدة للأسبوع الحادي والعشرين على التوالي بمقدار 24 حفارا وإن كان بمعدل أبطأ من الأسبوع السابق.
وقال «، مختصون نفطيون إن تخمة المعروض في طريقها للتقلص بعدما شكلت ضغطا على الأسعار في الأشهر الأخيرة.
وأوضح رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة الدكتور فيليب ديبيش، أن الأسعار تأثرت بتقلص الإنتاج الأمريكي المتسارع، مشيرا إلى أن الاستثمارات النفطية ما زالت تواجه صعوبات بسبب أن نمو الأسعار لم يصل حتى الآن إلى المستويات المرضية للاستثمار، مشيرا إلى أن شركة شيفرون العالمية على سبيل المثال سجلت انخفاضا في الأرباح بنسبة 43 بالمئة خلال الربع الأول من العام الجاري.
واعتبر ديبيش، أن التغييرات في السعودية، وخاصة بث روح الشباب وإعادة هيكلة شركة أرامكو، تعد كلها أنباء إيجابية لإنعاش الثقة بالسوق.
وذكر ديبيش أن أداء منظمة أوبك ما زال قويا ومتناميا في السوق، على الرغم من الصعاب الاقتصادية التي واجهت بعض الدول الأعضاء، مشيرا إلى ارتفاع إنتاج المنظمة لأعلى مستوياته منذ عامين، ما يؤكد تنامي الطلب على إنتاج «أوبك» وانحسار الإنتاج تدريجيا فيما يخص النفط الصخري والإنتاج الأمريكي عموما.
وأوضح المحلل البولندي بيوتر فدفنسكى، أن صعود أسعار النفط لأعلى مستوياتها في العام الجاري خلال هذا الأسبوع يؤكد أن حالة تخمة المعروض في طريقها للتقلص بشكل كبير خلال الفترة المقبلة بالتوازي مع أنباء إيجابية عن نمو الطلب العالمي على النفط.
وقال فدفنسكي إن التوسع في إنتاج النفط الضيق خلال الفترة الماضية كان غير مدروس بشكل جيد ولم يراع توازن السوق، وتم التركيز فيه على سرعة استغلال هذه الموارد الجديدة بأقصى درجة خلال فترة وجيزة، وهو ما أغرى عديدا من الشركات الصغيرة والمتوسطة على اقتحام هذا المجال، ولم تتم دراسة المتغيرات المستقبلية في السوق على نحو جيد، ما تسبب حاليا في خروج أغلب الشركات المتوسطة والصغيرة من السوق بسبب الخسائر.
وأشار فدفنسكى إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تراجع تأثير نمو المخزونات النفطية الأمريكية إلى جانب توقعات بضعف أداء الدولار، وهو ما سيمثل مزيدا من الدعم لأسعار النفط التي تمكنت هذا الأسبوع من تحقيق ارتفاعات قياسية ستستمر في الأسابيع المقبلة.
من جانبها، أكدت المختصة الأوروبية في شؤون سوق الطاقة وتغيرات المناخ سارة دبلوك، أن هناك حاجة إلى تطوير سياسات الطاقة في القارة الأوروبية بسبب بعض الصعوبات التي تواجهها خاصة الأزمة في أوكرانيا، والتي زادت من المخاوف على مستقبل إمدادات الطاقة في القارة الأوروبية إلى جانب صعوبة استمرار الإنتاج ببحر الشمال، بعد انخفاض الأسعار وتقلص الكثير من الإنتاج والاستثمارات لمواجهة الأزمة.
وأضافت دبلوك أن هناك مؤشرات إيجابية على ارتفاع معدلات النمو في عديد من الدول الأوروبية، كما أن هناك زيادة مستمرة في الاعتماد على مصادر متنوعة للطاقة، خاصة مشاريع الغاز الطبيعي في بريطانيا والطاقات الجديدة في ألمانيا وغيرها.
وشددت دبلوك على ضرورة زيادة اهتمام منتجي النفط التقليدي بالمعايير البيئية والمتغيرات المناخية، خاصة أن النفط التقليدي سيظل المكون الأبرز في مزيج الطاقة العالمي لسنوات مقبلة.
ومن ناحية أخرى، أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» التزامها بتطوير المبادرة التي أطلقتها بخصوص التعاون في مجال المعلومات والعلاقات العامة بين الدول الأعضاء، مشيرة إلى أن المبادرة تهدف للوصول إلى فهم أفضل لاستراتيجية عمل «أوبك»، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات العامة والإعلام. وأشار تقرير حديث للمنظمة الدولية إلى أن تطوير نظم المعلومات في الدول الأعضاء وزيادة الروابط بينها يمكن أن يطور منظومة العمل في «أوبك» ويكفل مزيدا من التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء، خاصة فيما يتعلق بتطورات السوق وسبل الحفاظ على استقراره. وقال التقرير إن المرحلة الحالية تتطلب أكثر من أي وقت مضى وجود استراتيجية قوية وناجحة في مجال العلاقات العامة الخاصة بمنظمة «أوبك» والخاصة أيضا بصناعة النفط بشكل عام.