تستند الكويت على اقتصاد غير متوازن تعتمد فيه على مصدر وحيد للدخل وهو النفط، والذي يعد مصدرا متقلبا يعتمد على الكثير من المتغيرات، لذا أصبحت الرغبة في تنويع مصادر الدخل حاجة ملحة ذات أهمية كبيرة للدولة، فوفقا للهيئة العامة للصناعة فإن نسبة مساهمة الصناعة في الناتج القومي المحلي لا تتجاوز 5% وهي نسبة ضئيلة. لذا فرفع نسبة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج القومي سوف يساهم بشكل مباشر في تويع مصادر الدخل للكويت، والدولة – من خلال رؤيتها لسنة 2035 – مدركة لهذا الأمر، وتهدف إلى رفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج القومي المحلي إلى 12% خلال العشرين سنة القادمة.
يتكون قطاع الصناعة في الكويت من 8 نشاطات أو قطاعات، صرفت عليها الدولة ما يقرب 5 مليارات دينار، رغم وجود علاقة ارتباط قوية بين معدل الاستثمار ومعدل النمو الاقتصادي، الا أن التنمية الصناعية الفاعلة لا تتحقق بالصرف العشوائي على الصناعة، بل يجب توزيع الاستثمارات المالية والجهود المبذولة للقطاعات بدرجات متفاوتة تخضع لمعايير معينة، منها الإنتاجية والقيمة المضافة والتنافسية، وأخرى ذات صلة بنسبة الصادرات من الإنتاج ومدى توفر المواد الأولية، والقدرة التسويقية والمصروفات على التدريب والدراسات، فقطاعات الصناعة تختلف فيها عناصر القوة والضعف، كما تتفاوت التحديات والمخاطر، كل هذه دلالات على أن الاستثمار الموحد على قطاعات الصناعة المختلفة لن يحقق الرؤية المطلوبة، أو سيحققها ولكن بجهد أكبر وبوقت أطول، من هذا المنطلق وجب التركيز على القطاعات المنتجة ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، وهي قطاعات الصناعات الغذائية وصناعة المنتجات التعدينية غير المعدنية وصناعات الكيماويات ومنتجات البترول، وجاء تصنيفها كقطاعات ذات أهمية استراتيجية كبيرة حسب الاستراجية الصناعية 2000-2015 التي أعدتها الهيئة العامة للصناعة، كما إعطاء الأولوية في الدعم والاستثمار للقطاعات ذات قيمة مضافة عالية، وجعل هذا الدعم مربوط بمؤشرات معينة معنية بمعدلات الإنتاجية والنمو والتنافسية وغيرها من مؤشرات صحة القطاع الصناعي.
يعاني قطاع الصناعة في الكويت من مشاكل عديدة من شأنها عرقلة أي جهود تبذل في سبيل تحقيق التنمية الصناعية والاقتصادية إذا لم تحل، أهمها الخلاف بين سلطات الدولة واختلاف الأولويات، وندرة القسائم الصناعية، والفشل في إصدار أو تفعيل القوانين ذات الصلة بالتنمية الصناعية، والبيروقراطية وغياب التنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة، مما ينتج عنه إطالة الدورة المستندية، وصغر حجم السوق المحلي والمنافسة الشرسة، وندرة أو غلاء المواد الأولية، وغيرها مما يعرقل جهود التنمية الصناعية. في تقرير أعده اتحاد الصناعات عن هجرة رؤوس الأموال الصناعية، خلال سنتين من 2008 إلى 2010؛ قريب من 2،5 مليار دينار من رؤوس الأموال الكويتية صرفت خارج الكويت، رقم خطير! ان دل على شيء فهو دليل على كثرة معوقات التنمية الصناعية في الكويت، معوقات وعراقيل تجب إزالتها قبل البدء بالدعم المادي العشوائي على الصناعة.
في ظل انخفاض أسعار النفط، أصبح على الكويت الاستعجال في خططها لتنويع مصادر الدخل ومنها الاهتمام بالتنمية الصناعية، والعمل على مواجهة وازالة جميع العوائق التي في طريقها عن طريق حزمة من الخطوات الإصلاحية المؤثرة، منها الإنفاق على البنية التحتية من قسائم صناعية ومحطات للكهرباء وتحلية المياه لخدمة تلك القسائم، والاهتمام بالبحوث والدراسات وتوفير مراكز للتدريب والتطوير المهني، وتحسين التنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة، وزيادة الدعم الحكومي للماد الأولية، وتبسيط إجراءات الجمارك والتصدير، وتطوير العمل التسويقي للمنتجات، جميعها خطوات إصلاحية من شأنها الدفع بالتنمية الصناعية إلى الأمام، وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة المطلوبة في رؤية الكويت 2035.
لا يجب علينا النظر إلى التنمية الصناعية بأنها غاية يجب علينا صرف الأموال الباهظة وعمل مختلف الدراسات وبذل الجهود الخارقة لتحقيق هذه الغاية، بل هي وسيلة وطريق نحو بيئة اقتصادية صحية ودائما، لا تتأثر بالتقلبات المختلفة من تذبذب أسعار النفط وغيرها، يجب العمل على جعل هذه التنمية الصناعية صلبة ومستدامة من خلال تقوية دعائمها عن طريق مراجعة وتفعيل جميع التشريعات وأدوار المؤسسات المختلفة، الإدارية والرقابية والتحفيزية، لخلق اقتصاد صحي مستدام من شأنه تأمين التنمية المرجوة في الكويت.
عبدالله العليان